story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حكومة |

ما الجدوى من كُتاب الدولة؟.. أزمة تفويض الاختصاصات بين السكوري والصابري

ص ص

يعيش قطاع الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات على وقع “أزمة” بين الوزير يونس السكوري، وزميله في حزب الأصالة والمعاصرة، كاتب الدولة المكلف بالتشغيل هشام الصابري، حول تفويض الاختصاصات من طرف الوزير لكاتبه في الدولة، وذلك منذ تعيين الأخير ضمن التشكيلية الحكومية الجديدة، في التعديل الحكومي الأخير قبل 7 أشهر.

وتحوّلت هذه الأزمة التي كانت تدور في الكواليس، إلى “مواجهة معلنة”، حسبما كشفه مصدر خاص لصحيفة “صوت المغرب”، مؤكدا أن ما يجري داخل وزارة الشغل لم يعد مجرد “سوء تفاهم”، بل صراع صلاحيات مكتمل الأركان، خاصة بعد أن عمد الوزير السكوري، منذ تعيين الصابري كاتبا للدولة مكلفا بالتشغيل، إلى “عدم تفويض الصلاحيات” لهذا الأخير، “وعدم تمكينه من مقر رسمي”، إذ بات يمارس مهامه الوزارية من داخل مقر المديرية الجهوية للوزارة بالرباط.

وزاد قائلا: “إن هذه الأزمة أصبحت تمس السير العادي للقطاع، وتضعف مصداقية الحوار الاجتماعي، لاسيما بعدما دخلت النقابات على خط التوتر، في ظل تبادل الاتصالات والضغوط المتبادلة من طرف الوزير وكاتب الدولة، بهدف كسب الدعم النقابي في معركة النفوذ داخل الوزارة”.

وألقت هذه الأزمة بظلالها على أداء الوزارة في ملفات كبرى، من بينها إصلاح جهاز مفتشي الشغل، وتحقيق الالتزامات المرتبطة بالحوار الاجتماعي، مما يطرح تساؤلات جدية حول مدى انسجام مكونات الفريق الحكومي، خصوصًا حينما يكون الصراع بين وزيرين ينتميان إلى نفس الحزب.

ترضيات حزبية

وعادة ما يطرح مشكل تفويض الاختصاصات بين بعض الوزراء وكتاب الدولة الذين يشتغلون إلى جانبهم في قطاعات معينة، بحيث يظل كاتب الدولة معينا داخل التركيبة الحكومية لكن بدون تفويضه لاختصاصات محددة من طرف الوزير الوصي على القطاع، مما يتسبب في أزمات تعرقل سير العمل على مستوى بعض القطاعات الحكومية.

هذا الأمر يعيد طرح النقاش حول جدوى وجود كتاب دولة داخل التركيبة الحكومية، وكيف ينظم الدستور والقانون التنظيمي للحكومة العلاقة بين أعضاء هذه الأخيرة ووضعهم القانوني.

في هذا الإطار، يرى أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، أن الدستور ينص على أن “الحكومة تتألف من رئيس الحكومة ووزراء، ويمكن أن تضم كتاب دولة، إلا أن هؤلاء لا يحضرون مجلس الوزراء، بل يحضرون فقط مجلس الحكومة، ولا يتمتعون بأي صلاحيات إلا إذا فوضهم بذلك الوزير المسؤول عن القطاع”.

وعلاقة بقطاع الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أوضح العلام، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الحكومة تمكنت من إدارة قطاع التشغيل لأكثر من سنتين ونصف بدون وجود كاتب دولة، “مما يؤكد عدم الحاجة الفعلية لهذا المنصب في هذه الوزارة”.

وأبرز أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي أن تعيين كتاب الدولة في بعض الوزارات “لا يتعدى كونه ترضيات حزبية” ولا شيء غير ذلك، مشيرا إلى أن “الحكومة أصبحت أشبه بوزيعة مناصب سياسية”.

وأضاف أن عدد موظفي وزارة التشغيل لا يتجاوز بأكثر من ألف موظف، بينما ميزانيتها تعد من بين الأدنى مقارنة بباقي الوزارات الحكومية، ومع ذلك تضم وزيرًا وكاتب دولة وكاتبًا عامًا، “مما يطرح تساؤلات حول الحاجة الحقيقية لتعيين كاتب دولة في مثل هذه الوزارة الصغيرة الحجم”.

واعتبر أن رفض الوزير نفسه تعيين كاتب الدولة دليل واضح على أن المنصب “لم يكن مطلوبًا ولا ضروريًا”، مشيرًا إلى أن “كاتب الدولة لم يكن لديه حتى مقر رسمي أو مكاتب واضحة لمباشرة عمله، مما يعكس حالة من عدم الجدوى”.

وخلص عبد الرحيم العلام إلى أن موقف الوزير يونس السكوري “يعكس وجود خلل في نظام التعيينات”، خاصة فيما يتعلق بمناصب كتاب الدولة، لافتا إلى أن “هذه التعيينات تخضع لترضيات حزبية وأهداف سياسية، مما يؤدي إلى منح مناصب استنادًا إلى اعتبارات غير مرتبطة بالمصلحة العامة، وهو ما يشكل تبذيرًا للمال العام”.

اختلافات جوهرية

وفي تعليقها على الموضوع، أكدت الباحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، مريم ابليل، وجود اختلافات جوهرية بين الوزير وكاتب الدولة من حيث الموقع داخل الحكومة، والاختصاصات، وطريقة التعيين، والمسؤولية السياسية.

وأوضحت ابليل في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن الوزير يُعتبر عضواً كاملاً في الحكومة إلى جانب رئيس الحكومة ووزراء الدولة والوزراء المنتدبين، ويتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة ويترأس وزارة كاملة.

في المقابل، “يُعد كاتب الدولة عضواً في الحكومة أيضاً، لكنه يحتل مرتبة أدنى، بحيث يكون عادةً تحت إشراف وزير معين في قطاع محدد، ويُكلف بمهام جزئية أو محددة داخل القطاع الوزاري”، حسب المتحدثة.

وأضافت أن كاتب الدولة لا يحضر المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك، إذ لم يمنحه الدستور في الفصل 48 هذه الإمكانية.

ومن جانب آخر، ترى مريم ابليل أن فاعلية كاتب الدولة داخل الحكومة تتوقف على عدة عوامل، “منها موقعه الحزبي وهل ينتمي للحزب الذي يترأس الحكومة، بالإضافة إلى تكوينه في القطاع المكلف به، وقوته السياسية وحضوره، وتفاعله مع الوزير الوصي على القطاع”، مشددة في هذا الجانب على أهمية التنسيق بين أعضاء الحكومة من طرف رئيسها.