لمنع نشاط طلابي تضامني مع غزة.. الأمن يطوق كلية الحقوق بمكناس

شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، يوم الخميس 17 أبريل 2025، تطويقاً أمنياً مكثفاً، على خلفية منع نشاط طلابي في جامعة مولاي إسماعيل، يقول اتحاد الطلبة إن من بين فعالياته تنظيم أنشطة تضامنية مع القضية الفلسطينية.
واحتشد طلبة أمام المدخل الرئيسي للكلية للاحتجاج على قرار المنع والمطالبة بالسماح لهم بدخول الحرم الجامعي، مع لافتات تستنكر التطويق الأمني ومنع النشاط الطلابي، الذي كان من بين فعالياته التضامن مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة من طرف جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023.
وبحسب عدنان اللغميش نائب الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الجهة المنظمة للفعاليات، فإن القوات الأمنية أقدمت على التدخل لتفريق الطلبة المتظاهرين من أمام بوابة المؤسسة، كما اعتقلت أحد النشطاء أثناء الاحتجاج على قرار المنع، قبل أن يتم إطلاق سراحه فيما بعد.
وأفاد اللغميش، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، بأن الحضور الأمني المكثف في محيط الكلية، بعدد كبير من عناصر مختلف الأجهزة الأمنية، أسفر عن حالة من الترهيب في صفوف الطالبات والطلبة.
وقرّرت جامعة مولاي إسماعيل بمكناس عدم الترخيص لتنظيم نشاط طلابي كان مقرراً أيام 14 و15 و16 أبريل 2025، مع توقيف الدراسة وإغلاق الكليات الثلاث المعنية، ما أثار موجة استنكار واسعة في صفوف الطلبة.
من جانبه، أعلن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، عزمه تأجيل تنظيم النشاط الممنوع إلى أيام 17، و18، و19 أبريل 2025، مؤكداً تشبثه بتنظيمه بعد ما سمّاه بـ “العطلة القسرية”.
واعتبر الناشط الطلابي عدنان اللغميش، في حديث مع “صوت المغرب” أن إقدام رئاسة جامعة مولاي إسماعيل على إغلاق المؤسسة الجامعية لمنع تنظيم الأنشطة الطلابية، “يشكل حلقة جديدة ضمن مسلسل السعي إلى فرض القبضة الأمنية على الجامعة المغربية، في استهداف ممنهج للحركة الطلابية”.
وأشار إلى أن هذا الحدث، “يعيد إلى الأذهان سوابق مماثلة، حيث أقدمت جامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة سنة 2022 على إغلاق مؤسساتها لمنع نشاط ملتقى القدس، وتبعتها جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء سنة 2023 بمنع تنظيم الملتقى الوطني في نسخته السادسة عشرة، ثم جامعة عبد المالك السعدي التي أغلقت أبوابها السنة الماضية لنفس السبب”.
وأعرب اللغميش عن تشبث الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بالحق في تنظيم الأنشطة الطلابية، “وممارسة العمل النقابي الجاد والمسؤول من داخل الجامعة”، تحت لواء منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، باعتباره “الإطار النقابي الشرعي والممثل التاريخي لكافة الطلبة المغاربة”.
ودعا الناشط الطلابي مكونات الجامعة من أساتذة وإداريين وفاعلين في الشأن الجامعي، إلى الاستجابة لمتطلبات المرحلة بما يخدم مصلحة الجامعة، واتخاذ مواقف مشرفة تليق بمكانتها، وتسهم في تحصينها من كل أشكال التسلط والاستبداد.
وكانت النقابة الوطنية للتعليم العالي قد نندت بدورها بقرار رئاسة جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، القاضي بتوقيف الدراسة وإغلاق خمس مؤسسات جامعية أيام 14 و15 و16 أبريل 2025، معتبرة أن هذا القرار يشكل “انتهاكاً صارخاً” لصلاحيات الهياكل الجامعية وضرباً لمبدأ الشراكة المتفق عليه بين الرئاسة والنقابة.
وأعرب المكتب الجهوي للنقابة بمكناس، في بيان توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، عن رفضه الشديد للبلاغ الصادر عن رئاسة الجامعة، بغض النظر عن محتواه وأبعاده، معتبراً أنه يمثل “انتهاكاً جديداً يُضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي استهدفت، وما تزال تستهدف، الهياكل الجامعية”.
وأشار المكتب، في أعقاب اجتماع استثنائي عقده يوم الاثنين 14 أبريل 2025 عقب صدور بلاغ رئاسة الجامعة، إلى أن “الجامعة المغربية تُعد فضاءً للحرية بكل مقاييسها، ومجالاً لتبادل الأفكار دون تمييز، وساحة للإبداع العلمي والفكري والثقافي، في إطار من النقد البنّاء واحترام الرأي الآخر”.
كما ندد بما اعتبره “تجاوزاً من طرف رئيس الجامعة لصلاحيات مجلس الجامعة، الذي كان من المفترض أن يتداول في الموضوع ويتخذ القرار المناسب بعيداً عن منطق الإملاءات”.
ومن جانبها، قالت رئاسة جامعة مولاي اسماعيل، في بلاغ السبت 12 أبريل الجاري، إن مؤسساتها توصلت خلال الأسبوع المنصرم بطلب تنظيم نشاط برحابها في التواريخ المذكورة، مشيرة إلى أن الطلب كان “غير مؤشر عليه وغير موقع”، وأن النشاط المقترح “يتجاوز مجرد نشاط طلابي”، كما أن الجهة المنظمة “غير مرخص لها”.
وشددت إدارة الجامعة على أن هذا القرار جاء “استحضاراً للمصلحة العليا للطلبة بما يضمن لهم ظروفاً سليمة للتحصيل العلمي والأكاديمي”، و”تفادياً لتداعيات هذا النشاط”، بناء على دراسة الوضع مع رؤساء المؤسسات الجامعية المعنية.
ويتعلق الأمر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وكلية العلوم في مكناس.
وتتعرض الفعاليات الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب للمنع منذ سنة 2022، وهي السنة التي كان من المنتظر أن يُعقد فيها أول ملتقى وطني حضوري بعد جائحة كورونا وتوقيع اتفاق التطبيع في ديسمبر 2020، بما في ذلك ملتقى القدس لسنة 2024 بجامعة عبد المالك السعدي، حيث شهدت كليات بتطوان تطويقاً أمنياً حال دون دخول الطلبة للحرم الجامعي سواء للدراسة أو للمشاركة في الفعاليات.
وبحسب معطيات الاتحاد، فإن جميع فعاليات الوطنية التي نظمها اتحاد طلبة المغرب في العقد الأخير، لم تتعرض للمنع منذ سنة 2013، باستثناء ملتقى القدس في نسختي 2022 و2024، والملتقى الطلابي لسنة 2023، علماً أن سنة 2013 شهدت اقتحاماً أمنياً لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة خلال الملتقى الطلابي الوطني الثالث عشر.