لرفع حقينة السدود.. خبير مائي يدعو إلى تقييم نتائج خطة مكافحة التوحل

كشف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين الثلاثاء 15 أبريل 2025، أن توحل السدود يتسبب في فقدان 50 مليون متر مكعب من الطاقة التخزينية سنويًا، وضمن هذا السياق، أوضح الوزير أن الوزارة أعدت برنامجًا لإزالة الأوحال، واتخذت تدابير وقائية بالتعاون مع وكالة المياه والغابات، أبرزها عمليات التشجير لمقاومة التوحل.
وفي تفاعله مع هذه المعطيات، اعتبر الخبير المائي، محمد بازة، أن الدراسات التي أُجريت قبل حوالي عشرين عامًا بيّنت أن الترسبات الطينية في السدود كانت تؤدي آنذاك إلى خسارة سنوية تصل إلى 75 مليون متر مكعب، مبرزا أن الحديث اليوم عن فقدان 50 مليون متر مكعب ربما يعكس انخفاض الواردات المائية أكثر من تحسن في وضعية التوحل.
وأشار بازة إلى أن أحواضًا مائية معينة كانت الأكثر تضررًا من ظاهرة التوحل، مشيرًا إلى أن الدراسة نفسها أثبتت أن أحواض سبو واللوكوس، الواقعة في مناطق جبال الريف، كانت تفقد آنذاك ما يصل إلى 2000 طن من التربة لكل كيلومتر مربع سنويًا، أما أحواض أم الربيع وسوس، فكانت تسجل خسائر تتراوح بين 500 و1000 طن/كلم² سنويًا، وهي أرقام وصفها الخبير بـ”الهائلة”.
وبناءً على هذه المعطيات، أشار بازة إلى أن الرقم الذي أعلنه الوزير كان من المفترض أن يكون أعلى بالنظر إلى تفاقم انجراف التربة و تركّز الطمي في المياه بأكثر، مقارنةً بالأرقام المسجلة سابقًا، غير أن تراجع الواردات المائية في السنوات الأخيرة يفسر انخفاض الكمية المعلنة.
ومن جهة أخرى، انتقد الخبير توقيع الاتفاقية التي أشار إليها الوزير مع وكالة المياه والغابات، معتبراً وأنها غير كافية لمعالجة المشكلة بشكل جذري، حيث أكد على ضرورة تقييم نتائج الخطة الوطنية لإدارة الأحواض المائية السابقة بشكل دقيق، وإطلاق برنامج جديد أكثر واقعية، يضمن مشاركة مختلف الأطراف المعنية، وعلى رأسها المواطنون والسلطات المحلية ويتوفر على التمويلات اللازمة، لضمان تنفيذ فعلي وتفادي تكرار الإخفاقات السابقة.
وفي هذا الإطار، ذكّر بازة بأن المغرب سبق أن أطلق قبل أزيد من عشرين عاماً خطة وطنية لإدارة الأحواض المائية، وهي الخطة التي وصلت اليوم إلى نهايتها الزمنية، مشيراً إلى أنها لم تحقق النتائج المرجوة، حيث لم يتجاوز معدل إنجاز مشاريع مكافحة تآكل التربة 30 في المئة من التوقعات، مرجعاً ذلك أساساً إلى ضعف التمويل وغياب التزام فعلي بتنفيذ البرامج على الأرض.
أما بخصوص الحلول الممكنة، فقد ميّز بازة بين الحلول الوقائية والعلاجية، فمن حيث الوقاية، دعا إلى تعزيز إدارة الأحواض المائية في أعالي الجبال للحد من انجراف التربة، مشيرًا إلى أن تعرية الأراضي بفعل إزالة الغابات، والرعي الجائر، والاستخدام الفلاحي غير السليم، كلها عوامل تسهم في تفاقم الظاهرة، كما اقترح بناء حواجز صغيرة في المناطق العليا لاحتجاز جزء من الطمي قبل وصوله إلى السدود.
وفيما يتعلق بالحلول العلاجية، أوضح بازة أن المغرب يعتمد بالفعل على تقنيات مختلفة، من بينها تصميم بوابات خاصة بالسدود لتسهيل إزالة الرواسب، إلى جانب استعمال تقنيات التجريف في السدود، سواء أثناء امتلائها أو حين تكون فارغة، رغم أن هذه الحلول تُعد مكلفة ماليًا، حيث تصل تكلفة إزالة الطمي إلى 70 درهمًا للمتر المكعب الواحد، بحسب ما صرح به الوزير.
وأكد الخبير أن تعلية السدود تُعتبر من أنجع الحلول لتعويض الفاقد في القدرة التخزينية، مستدلًا بمثال سد محمد الخامس الذي ارتفعت سعته من 165 إلى 980 مليون متر مكعب بعد تعليته، إلا أنه نبّه إلى أن هذا النوع من الحلول لا يُناسب دائمًا السدود الصغرى، حيث قد يكون من الأنسب في بعض الحالات بناء سدود جديدة بدلًا من محاولة إزالة الأوحال منها.
وخلص بازة إلى أن اعتماد أي من هذه الحلول والتقنيات يشترط القيام بدراسات علمية دقيقة قبل اتخاذ أي قرار بشأن نوع التدخل أو التقنية التي ستُعتمد لمواجهة مشكلة التوحل، موضحا أن اختيار طريقة إزالة الأوحال أو الحد منها يجب أن يستند إلى تقييم علمي شامل يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حوض مائي وطبيعته الجيولوجية والهيدرولوجية.