story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحتك |

في حر الصيف.. الإقبال على المشروبات الغازية يخفي مخاطر محدقة

ص ص

مع اشتداد درجات الحرارة خلال فصل الصيف، يرتفع تعاطي المواطنين على استهلاك المشروبات الغازية والعصائر الصناعية، بحثًا عن الانتعاش وترطيب الجسم، غير أن هذا السلوك الاستهلاكي الموسمي، الذي يتكرر كل سنة، يخفي وراءه “مخاطر صحية جسيمة”، خاصة مع الإفراط في تناول هذه السوائل المليئة بالسكريات والمواد الحافظة.

ولتفادي هذا الأمر، يحذّر خبراء الصحة من الآثار السلبية لهذه المواد الاستهلاكية على الجسم، وعلى رأسها الإصابة بما يُعرف بـ”تشمع الكبد غير الكحولي” (NASH)، وهو مرض خطير يشكل كابوسا بالنسبة للكبد.

خطورة بالغة

وفي السياق، أكد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن المشروبات الغازية لا تحتوي على أية قيمة صحية، بل تُشكّل خطورة بالغة على صحة الإنسان، نظرًا لما تحتويه من كميات كبيرة من السكر ومكونات ضارة.

وأوضح حمضي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”, أن الحديث يشمل بشكل خاص مشروبات “السودا” و”الليمونات”، التي تتكوّن أساسًا من الماء والسكر وبعض النكهات مثل الكولا أو الكافيين، وتُعرف أيضًا في الثقافة الشعبية بـ”الغازوز” أو “المونادا”، مشيرا إلى أن انتشار هذه المشروبات يعود لثمنها المنخفض مقارنة بمشروبات أخرى أكثر فائدة، ما يجعلها أكثر رواجًا، خاصة في فصل الصيف.

وشدد المتحدث على أن هذه المواد الاستهلاكية تندرج ضمن ما يُعرف بـ”السعرات الحرارية الفارغة”، أي أنها تمنح الجسم طاقة بدون أي فائدة غذائية، لكونها لا تحتوي على فيتامينات أو أملاح معدنية أو ألياف غذائية.

وأشار إلى أن الاستهلاك المنتظم أو المفرط لهذه المشروبات يرتبط علميًا بعدة أمراض خطيرة، من بينها السمنة، داء السكري، أمراض القلب والشرايين، وحتى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، مضيفا أن بعض أنواعها، خاصة تلك التي تحتوي على الكولا، قد تسبب نوعًا من الإدمان لدى بعض الأشخاص.

مشاكل صحية

ومن جانب آخر، حذر حمضي من كون الاستهلاك المتكرر لهذه المشروبات يُعد من أبرز أسباب الإصابة بتشحّم الكبد (الاستياتوز الكبدي)، وهي حالة قد تتطور إلى التهابات مزمنة في الكبد، وقد تُفضي لاحقًا إلى مشاكل صحية خطيرة مثل التليّف أو السرطان.

وأضاف الطبيب الباحث أن بعض الأشخاص يعتقدون خطأً أن الرياضة تُعادل آثار هذه المشروبات، غير أن الدراسات أظهرت أن مخاطر أمراض القلب والسكري تبقى قائمة حتى لدى الأشخاص النشطين بدنيًا إذا كانوا يستهلكون هذه المشروبات بشكل منتظم (مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا أو أكثر).

وقال حمضي: “هذه المواد تُضرّ بالصحة سواء مارس الشخص الرياضة أم لم يمارسها، ولذلك يجب إعادة النظر في استهلاكها بشكل جذري”.

وبخصوص البدائل، أوصى حمضي باللجوء إلى خيارات صحية لتبريد الجسم في الصيف، مثل شرب الماء، أو تحضير عصائر طبيعية منزلية بكمية معتدلة من السكر أو العسل، أو استخدام الفواكه الطازجة، مقترحا مشروبات “السموذي”، أو الشاي المثلج، أو الأعشاب الباردة كبدائل منعشة وآمنة.

وخلص الطبيب الطيب حمضي إلى التأكيد على أن هذه البدائل الصحية تُمثل “أفضل حليف للإنسان، سواء في فصل الصيف أو الشتاء، من أجل الحفاظ على صحته وسلامته”.

تحذيرات صحية

ومن جهته، حذّر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، من خطورة الإفراط في استهلاك المشروبات الغازية والعصائر الصناعية، مؤكدا أنها تُعدّ من الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض “تشمع الكبد غير الكحولي” المعروف اختصارا بـ NASH، والذي يُصيب المستهلك “بصمت”، دون أعراض ظاهرة، إلى أن يصل الكبد إلى مرحلة متقدمة من التلف الوظيفي.

وأوضح الخراطي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”, أن هذا المرض ينتج عن تأثير السكريات الصناعية على خلايا الكبد، إذ يتم تحويلها إلى دهون تُخزن داخل خلايا الكبد (hepatocytes)، مما يؤدي تدريجيا إلى تعطيل وظائفه الحيوية.

ودعا الخراطي، في هذا السياق، المستهلكين خاصة الأطفال إلى تقليص استهلاكهم لهذه المشروبات التي تُسوّق على نطاق واسع، وتُقدَّم أحيانًا باعتبارها “منعشة”، لكنها في الواقع تُهدد الصحة العامة وتساهم في تدهور وظائف الكبد.

وأكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك ضرورة تدخل السلطات لإقرار قانون يُجبر الشركات المنتجة لهذه المشروبات على وضع “تحذيرات صحية” واضحة على غرار ما هو معمول به في علب السجائر، مشددا على أنه “لا يوجد علاج فعّال لتشمع الكبد، سوى عملية زرع الكبد”، وهي عملية معقدة ومكلفة.

وأشار، في هذا الصدد، إلى أن العديد من المرضى المغاربة الذين توجهوا إلى تركيا لإجراء عمليات زرع الكبد لم يحققوا نسب نجاح مُرضية، محذرا من التهاون إزاء هذا المرض الخطير، الذي يظل غير معروف لدى فئات واسعة من المواطنين.