في اليوم العالمي للتحسيس بحرائق الغابات.. خبير يدعو لتعزيز التوعية واستثمار التكنولوجيا

بمناسبة تخليد اليوم الوطني للتحسيس بمخاطر حرائق الغابات، الذي يصادف 21 ماي من كل سنة، أكد خبراء بيئيون أن الحد من حرائق الغابات في المغرب، لاسيما في ظل الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، يستوجب اعتماد مقاربة شمولية تقوم على التوعية والتحسيس، والتطبيق الصارم للقوانين، فضلاً عن تحسين تدبير المجال الغابوي وتعزيز قدرات الكشف المبكر وسرعة التدخل.
وفي هذا السياق، أكد الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ مصطفى بنرامل، على ضرورة تحسين إدارة الغابات من خلال تنظيفها بشكل دوري من الأعشاب الجافة والنفايات القابلة للاشتعال، والتي تشكل وقوداً سريع الاشتعال في حالة اندلاع النيران، مضيفا أن إنشاء خطوط وقاية وممرات خالية من النباتات يمكن أن يحد من توسع رقعة الحرائق، فضلا عن الرفع من عدد الدوريات الميدانية في الفترات الحساسة.
ودعا بنرامل إلى تكثيف حملات التوعية للحد من حرائق الغابات، مشدداً على أهمية استهداف السكان المحليين وزوار المناطق الغابوية برسائل تحسيسية واضحة، إلى جانب إشراك المدارس في نشر ثقافة الوقاية، وتفعيل اليوم الوطني للتحسيس بمخاطر الحرائق، الذي من شأنه ترسيخ وعي بيئي لدى الأجيال القادمة يسهم في حماية الغطاء الغابوي.
وفي هذا السياق، شدد الخبير على ضرورة التطبيق الصارم للقوانين في حق المتسببين في حرائق الغابات، مؤكدًا أن العقوبات الرادعة تمثل أداة فعالة للحد من السلوكيات المتهورة أو غير المسؤولة، كما نبه إلى أهمية أن يراعي التخطيط البيئي تفادي التوسع العمراني العشوائي قرب المناطق الغابوية، دون توفير الشروط الوقائية الكفيلة بضمان السلامة البيئية وحماية الأرواح والممتلكات.
وبالإضافة إلى ذلك، دعا المتحدث ذاته، إلى استثمار التكنولوجيا الحديثة في مجال الكشف المبكر عن الحرائق، مثل الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار المزودة بالاستشعار الحراري، لافتا إلى أن دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل المعطيات المناخية والبيئية سيساعد على التنبؤ بمخاطر الحرائق، مما يسهل التدخل السريع والفعال من قبل فرق الإطفاء.
وفي سياق متصل، أكد بنرامل أن المغرب اعتمد خلال السنوات الأخيرة على التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، للحد من حرائق الغابات، حيث أوضح أن هذه التقنيات أثبتت نجاعتها في مختلف مراحل التدخل، من الكشف المبكر إلى التقييم ما بعد الحريق، لا سيما أن المجال يشهد تطورًا مستمرًا يعزز من فعاليته مستقبلاً.
وفي هذا الإطار، أوضح بنرامل أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورًا متزايد الأهمية في الوقاية من حرائق الغابات والكشف المبكر عنها، من خلال استخدام الأقمار الصناعية المزودة بتقنيات التصوير الحراري، التي تمكّن من رصد التغيرات البيئية واكتشاف النقاط الساخنة قبل تفاقم الوضع.
وأشار إلى أن الطائرات بدون طيار، المجهزة بكاميرات حرارية وأنظمة تصوير متطورة، تساهم في مراقبة الغابات وتحديد مواقع النيران في الوقت الفعلي، مما يساعد في التنبؤ باتجاه انتشارها وتوجيه جهود التدخل بسرعة وفعالية.
كما أكد على أن الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار الأرضية يساهمان في تحليل البيانات والتقليل من الإنذارات الكاذبة، مشيرًا إلى أن فعالية هذه التقنيات تمتد إلى ما بعد الحريق من خلال تقييم الأضرار ودعم عمليات التعافي وإعادة التأهيل.
وشهدت سنة 2024 انخفاضًا ملحوظًا في عدد حرائق الغابات بالمغرب مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تم تسجيل 380 حريقًا على الصعيد الوطني حتى نهاية غشت، أتت على مساحة إجمالية تقدر بـ 780 هكتارًا، وبلغ متوسط المساحة المتضررة لكل حريق حوالي 2.9 هكتار.
وبالمقارنة مع سنة 2023، التي سجلت فيها 466 حريقًا أتت على 6100 هكتار، سجلت السنة الحالية انخفاضًا كبيرًا في المساحة المتضررة، حيث تقلصت بمقدار سبع مرات، كما شهدت سنة 2024 تحسنًا أكبر مقارنة بعام 2022، الذي شهد 500 حريقًا وأضرارًا واسعة تجاوزت 22490 هكتارًا، أي انخفاضًا بحوالي 29 مرة في المساحات المتضررة.
وشهدت السنة أيضًا تراجعًا بنسبة 15% في عدد الحرائق مقارنةً بالمتوسط السنوي المسجل خلال السنوات العشر الماضية (2014-2023)، والذي بلغ حوالي 310 حرائق سنويًا، كما بقيت المساحة المحروقة في 2024 دون المتوسط السنوي الذي يصل إلى 4800 هكتار.