“طرد” طلبة من الحي الجامعي بالرباط يثير الغضب ويقود لاعتصامات ليلية

أفاد تسعة طلبة جامعيين بأنهم وجدوا أنفسهم “محرومين” من حقهم في السكن بالحي الجامعي مولاي إسماعيل بالرباط “رغم استمرار مدة استفادتهم القانونية”، وذلك بعد أن أبلغتهم الإدارة شفويًا بذلك، في “غياب أي قرار إداري مكتوب ومعلل كما ينص عليه القانون”.
وأمام هذا الوضع، اضطر الطلبة إلى قضاء ليلتهم في العراء، يوم الاثنين 22 شتنبر 2025، قرب بوابة الحي الجامعي، بعيدين بمئات الكيلومترات عن منازل أسرهم، حيث أظهرت الصور التي حصلت عليها صحيفة “صوت المغرب” الطلبة وهم يقضون الليل في الشارع، مفترشين الأرض وملتحفين السماء.
ودفع القرار المفاجئ، الطلبة إلى خوض اعتصامات متتالية أمام إدارة الحي الجامعي، احتجاجاً على ما وصفوه بقرار “تعسفي وانتقامي” يستهدف الأصوات الطلابية الحرة ويمنع أي نشاط نضالي داخل الساحة الجامعية. وقد رافقت هذه الاحتجاجات تدخلات أمنية أسفرت عن اعتقال بعض الطلبة قبل أن يتم الإفراج عنهم لاحقاً.
وفي هذا السياق، قال محمد حفيظي، طالب بالسنة الثانية في سلك الماستر تخصص القانون العام بكلية الحقوق السويسي، إن السبب الجوهري للوضع المأساوي الذي يعيشه طلبة الحي الجامعي مولاي إسماعيل يعود إلى إقصاء عدد منهم ب”قرار إداري تعسفي يحمل خلفيات انتقامية”.
وأوضح حفيظي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن الطلبة الذين تم استهدافهم كانوا قد قادوا خلال الموسم الجامعي السابق ما يقارب 22 شكلاً نضالياً داخل إطار اللجنة الطلابية، شملت ملفات أساسية مثل الأمن داخل الحرم، الخدمات الصحية، المقصف والمطعم الجامعي، قاعات الدراسة، خدمة الأنترنت، إضافة إلى المستوصف الجامعي وغياب الإسعافات الأولية.
وأضاف أن هذه النضالات ساهمت في كشف الوضع المزري داخل الحي الجامعي، وهو ما لقي تفاعلاً واسعاً في حينه، لافتاً إلى “أن الطلبة الذين تصدروا تلك المعارك النضالية هم الذين جرى إقصاؤهم بقرارات مخالفة للقانون، رغم أنهم كانوا مسجلين ومستفيدين من السكن الجامعي، وكان يكفيهم تثبيت إعادة التسجيل لهذه السنة ليستفيدوا من السكن بشكل تلقائي”.
وأشار إلى أن مدة استفادتهم القانونية ما زالت قائمة (ثلاث سنوات بالنسبة للإجازة والدكتوراه، وسنتان إلى ثلاث سنوات بالنسبة للماستر)، مستدركا “لكن الإدارة أقدمت على إقصائهم دون سند مكتوب أو قانوني”.
وأشار المتحدث إلى أن “الإقصاء لم يصدر فيه أي قرار إداري مكتوب ومعلل كما يفرض القانون، بل جرى تبليغه بشكل شفوي من خلال محادثات جانبية مع موظفين”، مسجلا “وجود مشاكل إضافية من بينها الوضع الكارثي للغرف الذي وثقته مواقع التواصل الاجتماعي، ورفض الإدارة تحمل مسؤولية إيواء طلبة كلية علوم التربية، فضلاً عن ممارسات تسلطية وشطط في استعمال السلطة من طرف بعض الموظفين”.
وأكد حفيظي أن الهدف من قرار الفصل هو “تكميم الأفواه واستهداف القيادة الطلابية التي قادت النضالات، ليكون بمثابة رسالة ردع لبقية الطلبة حتى لا يفكروا في الاحتجاج أو رفع أصواتهم”، واصفاً القرار بأنه “مدروس ومقصود، ويضرب في العمق حرية العمل النقابي والطلابي”.
وبخصوص الخطوات النضالية الحالية، ذكر حفيظي أن الليلة الأولى من الاعتصام انطلقت أول أمس الإثنين أمام الحي الجامعي، حيث تدخلت قوات الأمن لفضه واعتقلت بعض الطلبة قبل أن تطلق سراحهم، أما ليلة الثلاثاء 23 شتنبر 2025، فقد شهدت اعتصاماً ثانياً شارك فيه الطلبة المقصيون إلى جانب متضامنين آخرين، غير أن التدخل الأمني تكرر مجدداً وتم اقتيادهم إلى مخفر الشرطة قبل الإفراج عنهم بعد ساعات.
وأضاف أن استمرار هذه الخطوات الاحتجاجية “جاء بعد استنفادنا كافة الخيارات، خاصة أن موقفنا عادل وحقوقنا مشروعة”، مشدداً على أنه “لم يثبت علينا أي شغب أو خرق للقانون أو حتى مخالفة بسيطة”، بل إن الطلبة شاركوا في أنشطة موازية نظمها المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية تحت إشراف إدارة الحي الجامعي نفسها وبحضور المدير ومسؤولين آخرين.
وختم حفيظي بالتأكيد على أن ما يُروَّج حول القضية “مخالف للحقيقة”، إذ يتم تقديم الوضع وكأنه مرتبط بالاكتظاظ والطاقة الاستيعابية، في حين أن المشكل الحقيقي يكمن في “منهجية إدارة معينة تتبنى أسلوباً عقابياً في التعامل مع الطلبة”.

ومن جانبه، استنكر محمد العلمي، طالب السنة الثانية بسلك الإجازة تخصص الاقتصاد الدولي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، إقدام إدارة الحي الجامعي مولاي إسماعيل على إقصاء عدد من الطلبة، من بينهم ناشطون في العمل الطلابي، بعد إعلان لوائح المقبولين، “دون أي مبرر واضح”.
وأكد العلمي أنه فوجئ بهذا القرار الذي مسّ حقه المشروع في الاستفادة من السكن الجامعي، مشيراً إلى أن” خطواتهم الاحتجاجية السلمية، من بينها تنظيم اعتصام يومي الاثنين والثلاثاء، قوبلت بإبلاغ السلطات من طرف إدارة الحي الجامعي بدل فتح باب الحوار معهم”.
وأضاف أن مطالبهم بسيطة ومشروعة، وتتمثل في تفعيل مبدأ الحوار وتقديم تعليل واضح لهذا الإقصاء غير المبرر، مشدداً على أنه شخصياً لم يستفد إلا من سنة واحدة داخل الحي، رغم أن القانون يضمن له الحق في الاستفادة لثلاث سنوات كاملة.
وختم العلمي تصريحه بالتساؤل الموجه لإدارة الحي والمدير بالخصوص: “ما الغاية من إقصاء هؤلاء الطلبة المناضلين؟ ولماذا تستهدف هذه الفئة بالذات من الطلبة؟”