story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحتك |

بوبوح: تكميم المعدة مضاعفاته نادرة وهو خيار فعّال لمواجهة السمنة – حوار

ص ص

أصبح الإقبال على عمليات تكميم المعدة في المغرب يتزايد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، خاصةً في صفوف الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، باعتبارها إحدى أنجح الوسائل الطبية لتخسيس الوزن خلال فترة زمنية قصيرة.

غير أن بعض المضاعفات الصحية المرتبطة بهذا النوع من العمليات الجراحية، والتي تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، باتت تطرح تساؤلات مُلحّة حول أمن وسلامة المواطنين، ومدى نجاعة هذه الطريقة في تخسيس الوزن دون تأثيرات جانبية، ثم الفئات التي يمكنها إجراء مثل هذه العمليات دون تخوف من مضاعفاتها الصحية.

وفي هذا الإطار، نقلنا هذه الأسئلة والتخوفات إلى الدكتور أيمن بوبوح، الطبيب المختص في الجراحة الباطنية، لتقديم التوضيحات العلمية الشاملة المرتبطة بعملية تكميم المعدة التي تدخل في إطار تخصصه، وكيف يمكن أن تساهم هذه الأخيرة في علاج مرض السمنة؟ فضلا عن المقارنة بين مخاطر العملية الجراحية ومخاطر السمنة، التي باتت تُصنّف اليوم ضمن “الأوبئة الصامتة” التي تهدد الصحة العامة.

وفيما يلي نص الحوار:

  • ما هي عملية تكميم المعدة، وكيف تساعد في علاج السمنة المفرطة؟

هي واحدة من أشهر العمليات الجراحية لعلاج السمنة المفرطة، وتُعرف أيضًا باسم “تكميم المعدة” أو “قص المعدة”، هي عملية جراحية يُستأصل فيها حوالي 70% إلى 80% من حجم المعدة، بحيث تتحول المعدة من شكلها الطبيعي (الكروي) إلى شكل أنبوبي.

وعملية التكميم، إضافةً إلى أنها تُحوّل المعدة إلى شكل أنبوب لتقليل كمية الأكل والإحساس بالشبع بسرعة، فهي أيضًا وسيلة لإعادة برمجة الدماغ لقبول وزنٍ أقل كوزن طبيعي.

وهنا أشير إلى أن الكثير من الناس يعتقدون أن هذه العملية تنتمي إلى مجال الجراحة التجميلية، ولكن في الحقيقة، السمنة ليست مجرد مظهر، بل هو مرض معقد ويزيد من خطر الإصابة بعدة أمراض أخرى

السمنة تُعتبر مرضًا حقيقيًا، لأنّها تُحدث خللًا في الجهاز العصبي المسؤول عن الحفاظ على توازن الجسم، وبالتالي هذا الخلل يجعل الدماغ يتعامل مع الوزن المرتفع وكأنه الوزن الطبيعي، فلا يسعى الجسم إلى التخلص منه.

  • ماهي أهداف عملية تكميم المعدة؟

الهدف الأول من عملية تكميم المعدة يكمن في جعل الجزء المتبقي من المعدة على شكل أنبوب، وهذا الشكل يمنع تمدد المعدة، لأن التمدد هو ما يسبب الشعور بالجوع

والهدف الثاني، أن يشعر الإنسان بالشبع بسرعة عند الأكل، لأن المعدة أصبحت صغيرة ولا تستطيع استيعاب كميات كبيرة من الطعام.

أما الهدف الثالث، أن تصبح الفترات الزمنية بين الوجبات أطول، بسبب الإحساس الدائم بالشبع، والهدف الرابع هو أن هناك جزءًا في هذا المكان من المعدة يُفرز فيه هرمون الجوع المعروف باسم الغريلين (Ghrelin)، حيث إن حوالي 75% من هذا الهرمون يُفرز في الجزء الذي يتم استئصاله أثناء العملية، وبالتالي، يقل إفراز هذا الهرمون ويقل الشعور بالجوع.

وبطبيعة الحال، فإن الهدف من العملية هو فقدان حوالي 70% من الوزن الزائد خلال سنة واحدة بعد التكميم مع كل ما يرافق ذلك من تحسن في وظائف الجسم والتعافي من الأمراض المصاحبة، لكن الهدف الأهم من ذلك هو إعادة برمجة “ذاكرة الوزن” في الدماغ والرفع من معدل الحرق الأساسي

فالإنسان عندما يبقى في حالة شبع لفترة طويلة (حوالي عام كامل)، يبدأ الدماغ في التكيّف مع الوزن الجديد، ويعتبره الوزن الطبيعي للجسم

وهنا تكمن أهمية العملية، لأن مشكلة السمنة الحقيقية هي أن الدماغ والجهاز العصبي يعتبران الوزن الزائد “وزنًا طبيعيًا” فيبدأ الجسم بخفض حرق معدل الحرق عند تتبع الحمية؛ مما يؤدي إلى فشل كبير في اتباع الحميات الغذائية أو الاستمرار في ممارسة الرياضة، ونسبة النجاح في إنقاص الوزن عبر الحمية أو الرياضة فقط تكون ضئيلة مقارنة بنتائج التكميم.

  • من هم الأشخاص الذين بإمكانهم إجراء عملية تكميم المعدة؟

تُجرى هذه العملية عادةً للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، وتحديدًا من لديهم مؤشر كتلة الجسم (BMI) يزيد عن 40، أو من لديهم مؤشر كتلة الجسم يتجاوز 35، مع وجود مرض واحد أو أكثر مرتبط بالسمنة، مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، اضطرابات النوم، أو مشاكل المفاصل.

وكما هو معلوم، فالسمنة تُعتبر عاملاً رئيسيًا في تفاقم العديد من الأمراض، أو حتى في التسبب في ظهورها لدى الأشخاص المعرضين لذلك

أما بالنسبة للأشخاص الذين جربوا اتباع حمية غذائية وممارسة الرياضة بشكل منتظم، وفشلوا عدة مرات في إنقاص الوزن، فإن الدراسات تُظهر أن أكثر من 80% من الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة لا ينجحون في الحفاظ على خسارة الوزن على المدى الطويل عبر هذه الوسائل فقط.

والأشخاص الذين يُقبلون على عملية التكميم أو جراحات السمنة عمومًا، يكونون عادةً قد مرّوا بتجارب متكررة من الفشل في إنقاص الوزن بطرق غير جراحية، وهذا الفشل في الغالب له علاقة بما يُعرف بـ ذاكرة الوزن، إذ إن الجهاز العصبي يحتفظ بما يشبه “الذاكرة” للوزن المرتفع، مما يصعّب على الجسم أن يتأقلم مع وزن أقل لفترة طويلة.

لذلك، فإن عملية تكميم المعدة لا تُعد فقط وسيلة لإنقاص الوزن، بل هي كذلك عملية لإعادة برمجة الجهاز العصبي والدماغ على وزن جديد، حتى يتعامل الجسم مع الوزن المنخفض على أنه الوزن الطبيعي.

ولهذا السبب، فإن نسبة النجاح في إنقاص الوزن والمحافظة عليه بعد جراحة السمنة تكون مرتفعة جدًا مقارنة بالطرق التقليدية.

  • تقنيا، كيف تتم عملية التكميم؟

تُجرى عبر المنظار الجراحي (Laparoscopic Surgery)، وهي تقنية قللت من المضاعفات وسرّعت الشفاء مقارنة بالجراحة التقليدية.

وفي المرحلة الأولى، نقوم بفصل المعدة عن الأنسجة المحيطة بها، بما في ذلك الدهون المحيطة بالأمعاء والطحال، وكذلك العضلات الباطنية المجاورة مثل أعمدة عضلة الحجاب الحاجز، ثم نستخدم أدوات خاصة لقص المعدة على طولها، وتحويلها إلى شكل أنبوب.

بعدها نقوم باستخدام ما بين 5 إلى 6 أدوات قطع (ستابلر)هي أداة جراحية متطورة تُستخدم لقصّ وخياطة (تدبيس) المعدة في نفس الوقت، وهي أداة أساسية في هذه العمليات.

وهكذا، نكون قد أزلنا حوالي 70 إلى 80% من المعدة، واحتفظنا فقط بالجزء الأنبوبي الذي يُمرر الطعام، ويمنح إحساسًا سريعًا بالشبع، وهذا الشكل الجديد للمعدة، هو ما يُحقق أهدافنا من العملية:
تقليل الجوع، إنقاص الوزن، وإعادة برمجة الدماغ ليقبل وزنًا جديدًا وتحسين الأيض (معدل الحرق)

  • ما هي أبرز المضاعفات المحتملة لعملية تكميم المعدة؟

الكثير من المرضى الذين يُقدمون على عملية تكميم المعدة يتساءلون عن المضاعفات المحتملة المرتبطة بهذه العملية الجراحية، وخاصةً عند مقارنتها بمضاعفات السمنة المفرطة.

والمضاعفات المحتملة والنادرة لعملية تكميم المعدة، والتي نخشاها بشكل خاص، التسريب (leakage) في منطقة القطع أو التدبيس في المعدة، حيث يحدث هذا التسريب عندما لا تلتئم هذه المنطقة بشكل جيد، وقد يصيب حوالي 1% من الحالات فقط، ولذلك من الضروري أن تُجرى العملية باستعمال معدات حديثة، ومواد ذات جودة عالية، ودباسات فعالة وآمنة.

وهناك مضاعفة أخرى قد تحدث في بعض الحالات مثل التهاب البنكرياس الحاد، والذي يُسجّل أيضًا بنسبة منخفضة جدًا، تقارب 1% من الحالات.

ومن بين المضاعفات الأخرى الممكنة، تجلّط الدم في الساقين (الجلطات الوريدية)، ونقص في بعض الفيتامينات أو المعادن، خاصة إذا لم يلتزم المريض بحمية غذائية مناسبة بعد العملية، أو لم يتناول المكملات الغذائية التي يصفها الطبيب.

لكن، بالمقارنة مع مضاعفات السمنة المفرطة، فإن هذه المضاعفات تعتبر قليلة وضعيفة نسبيًا، حيث إن مضاعفات السمنة المفرطة تشمل، أمراض القلب والشرايين، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، واضطرابات هرمونية، ومشاكل في الجهاز التنفسي، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، والاكتئاب والأمراض النفسية، وأمراض المفاصل، وآلام العمود الفقري، ووهناك أكثر من 15 نوعًا من السرطان ثبت ارتباطها بالسمنة المفرطة.

لذلك، عندما نُقارن بين مخاطر ومضاعفات السمنة المفرطة، وبين بعض المضاعفات المحتملة بعد عملية التكميم التي تتم وفق الشروط ويواكبها تتع طبي، نجد أن عملية تكميم المعدة تُعدّ خيارًا آمنًا وفعّالًا نسبيًا في علاج مرض خطير أصبح يُصنَّف اليوم على أنه جائحة عالمية، فالسمنة لم تعد فقط حالة مَرَضية، بل أصبحت سببًا مباشرًا في ظهور وتفاقم أمراض مزمنة وخطيرة.