story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

صديقتنا فرنسا

ص ص

دورة جديدة تنتهي في علاقات المغرب وفرنسا، في تقليد جديد دخلته هذه العلاقات في السنوات الأخيرة، يجعلها تتأرجح بين حب وجفاء.
عامان تقريبا من البرود في العلاقات الثنائية ينهيها حاليا دفئ مفاجئ دب في أوصالها.
لماذا خاصمنا فرنسا وما الذي جعلنا نميل إلى الصلح؟ لا أحد أخبرنا ولا نتوقع أن يخبرونا.
لقد تم ترسيخ “قواعد الاشتباك” الجديدة بين المملكة الشريفة ومستعمرها السابق: في الخصام كما في الوئام، يظل الأمر أشبه بالأسرار العائلية، ولا تكلموني عن “حجايات” المحللين الذين يهرفون بما لا يعرفون…
من يتابع تطورات العلاقات المغربية الفرنسية هذه الأيام، يخال كل ما تابعناه في أيام زلزال الأطلس الكبير من تراشق إعلامي مجرد حلم مما يراه الإنسان حين يقدم على القيلولة عصرا.
كنت أصر وقتها على أن ما يجري ليس جديا ولا يمكن البناء عليه، فكان هناك من يرشقني بحجر التخوين والتقاعس عن المساهمة في دحر المستعمر الغاشم…
المرأة التي كانت تقدم حينها فارسة تدردك على الفرنسيس في بلاطو تلفزيونهم الباريسي، الصحافية المغربية-الفرنسية سميرة سيطايل هي السفيرة الحالية للمملكة، والتي جاء تعيينها ليؤذن بنهاية مرحلة الجفاء التي دامت قرابة عامين. وكتيبة الخبراء والأقلام التي كانت “تدك” الماما فرنسا بالقصف هي نفسها تقوم حاليا بعملية switch لاستبدال المدفع (الكلامي) بريشة التعبير الرومنسي.
ماذا تغير بين الأمس واليوم؟ الحقيقة ألا شيء تغير على الأرض، باستثناء آلاف المغاربة البسطاء الذين كانوا في أمس الحاجة إلى رحلة علاج أو دراسة أو عمل، تم حرمانهم من تأشيرة السفر نحو فرنسا، وعدد مجهول حتى الآن من الشبان والمراهقين الذين وصلوا إلى الأراضي الفرنسية دون تأشيرات سيتم ترحيلهم كما أعلن الإعلام الفرنسي، وبوادر مشروع طاقي ضخم، مغربي-فرنسي، يرتقب إنجازه في الداخلة، كحل وسط لخلاف الاعتراف الصريح بالسيادة المغربية على الأراضي الجنوبية في مقابل “السم” الفرنسي برفض السير على خطى الأخ الأمريكي الأكبر…
لا شيء تغير في الحقيقة، لأن البسطاء الذين لا يعرفون بعضهم البعض، من الجانبين كما يفترض ومن الجانب المغربي وحده في الواقع، من يدفعون ثمن خلافات يجهلون خلفيتها وأبعادها.
ما سيتغير بكل تأكيد بعد اليوم هو أننا لن نستمتع بحوارات الطاهر بنجلون وهو يروي تفاصيل المكالمات الهاتفية السيادية، ولن تكون لنا فرصة، في المدى القريب على الأقل، لفرجة أخرى تدردك فيها الصحافية سميرة سيطايل على “المنافقين” الفرنسيين، ولن يواصل مفرنسو المغرب حملتهم الركيكة لاستثارة “شعيبة” ضد فرنسا “الميشانت”، كما لن تمنحنا القنوات الفرنسية جلسات البكاء والنحيب لحالنا، ولن تأخذهم الرأفة مجددا بضحايا زلزال “الآوز” المنسيين، وسيعود المغرب بلد الشمس الدافئة والمناظر الخلابة و”لوكوسكوس”. سينسى بعض مواطنينا بعد اليوم أن الإنجليزية هي لغة العصر، وأن الفرنسية تندثر، سيعانق هؤلاء أصدقاءهم الفرنسيين بكل حرارة مرددين: pour de bonne guerre hah!.
سيخرج علينا المضللون لإقناعنا بأننا انتصرنا، وأن اختياراتنا كانت صائبة، دون أن يخبرونا أصلا ما هي هذه الاختيارات.
سينصرف أصحاب الويكاند الباريسي إلى مصالحهم، وتعود من جديد لغة موليير إلى عرشها، ولقاءات الفن والموسيقى والنبيذ المعتق إلى سابق عهدها، ولن نعرف نحن ولو بعد قرن آخر، لماذا خاصمنا ولا كيف صالحنا!