story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

زهران ممداني.. عمدة نيويورك الجديد الذي تحدى ترامب وتوعد نتنياهو بالاعتقال

ص ص

“حقق أعظم مفاجأة سياسية في التاريخ الأمريكي الحديث”، بهذه الكلمات علّق السيناتور بيرني ساندرز على فوز السياسي الأمريكي الشاب المسلم زهـران ممداني برئاسة بلدية نيويورك، في انتخابات وُصفت بأنها “زلزال سياسي” قلب التوازنات داخل الحزب الديمقراطي، وفي سياسة أهم مدينة أمريكية.

وينطلق الاشتراكي الديمقراطي، بعد فوزه في سباق عمدة نيويورك، كالسهم في عالم السياسة من نائب غير معروفٍ في الولاية إلى أحد أكثر الديمقراطيين لمعاناً في الولايات المتحدة.

ممداني هو أول عمدة مسلم لأكبر مدينة أمريكية، وأول شاب يقود إدارتها منذ عقود، بعد تفوقه على الحاكم السابق في الولاية آندرو كومو (2011-2021)، الذي خاض السباق بصفة مستقل، وبدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعدد كبير من الميليارديرات.

من كامبالا إلى نيويورك

ولد زهران ممداني (34 عاماً) في كامبالا، أوغندا عام 1991 لعائلة هندية الأصل؛ والده محمود ممداني أستاذ جامعي متخصص في الدراسات الاستعمارية، ووالدته ميرا نير مخرجة أفلام. هاجر مع عائلته إلى جنوب إفريقيا ثم إلى نيويورك حيث نشأ وتلقى تعليمه، متأثرًا منذ الصغر بالسياسة والمجتمع المدني.

درس في مدرسة برونكس هاي سكول أوف ساينس قبل أن يتخرج من كلية بوودوين بتخصص الدراسات الإفريقية. وقبل خوضه السياسة الرسمية، عمل ممداني مستشارًا لسكان الأحياء الفقيرة حول حقوقهم في الإسكان، كما كان موسيقيًا ومؤلفًا للأغاني، مسجّلًا أعماله تحت اسم Young Cardamom.

صعود سياسي سريع

دخل السياسة رسميًا كمتطوع ثم مدير حملة، وانضم إلى الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا. وفي 2020، فاز بمقعد مجلس ولاية نيويورك عن حي أستوريا في كوينز، متغلبًا على عضو برلماني ديمقراطي مخضرم، قبل أن يعاد انتخابه دون أي معارضة في الدورتين التاليتين.

في أكتوبر 2024، أعلن ممداني ترشحه لمنصب عمدة نيويورك، مقدمًا برنامجًا يرتكز على إصلاحات اجتماعية واقتصادية، مثل حافلات مجانية لتخفيف تكاليف النقل على الأسر منخفضة الدخل، وتجميد الإيجارات في الوحدات المستقرة لمواجهة أزمة السكن، وتشغيل خمس متاجر بقالة عامة لتخفيض أسعار المواد الغذائية، إضافة إلى بناء 200 ألف وحدة سكنية ميسّرة خلال عشر سنوات.

كما وعد برفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولارًا بحلول 2030، وزيادة الضرائب على الشركات والأثرياء لتمويل برامج التعليم والصحة العامة ورعاية الأطفال.

إلى جانب هذه الإصلاحات، ركّز ممداني على محاربة الكراهية والعنصرية، وتعزيز حقوق المهاجرين، مشددًا على أن العدالة الاجتماعية والأمن الاقتصادي هما أفضل وسائل لمواجهة العنف والعنصرية في المدينة.

وبالرغم من تقدّم أندرو كومو سابقًا في استطلاعات الرأي، نجح ممداني في قلب المعطيات ليلة الانتخابات التمهيدية في يونيو 2025، وأكد انتصاره الرسمي في الأول من يوليوز. وهو ما وُصِف بـ”الانقلاب السياسي” واعتُبر أحد أكبر مفاجآت الانتخابات الأمريكية الحديثة.

يُعرف ممداني بأنه اشتراكي ديمقراطي وتقدّمي، متأثر بحركة بيرني ساندرز وحركة الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين.

عدو ترامب الأول

تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مناسبات عدة، وضع عراقيل في طريق المرشح الديمقراطي الشاب إذا اُنتخب، من خلال معارضة دفع بعض الإعانات الفدرالية للمدينة.

وحتى داخل حزب ممداني، لم يكن هناك إجماع على دعم المرشح. فالعديد من الشخصيات البارزة فيه من بينهم زعيم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين تشاك شومر لا يصرحون بتأييدهم له، ومن أعلن ذلك كان حذرا للغاية.

وبذل ترامب جهوداً لثني سكان نيويورك عن التصويت لممداني. لكن يبدو أنها لم تكن كافية، كما لم يكن كذلك النداء الذي وجهه إلى الناخبين اليهود لمنع وصول المرشح المسلم إلى منصب رئيس بلدية المدينة.

وكتب الرئيس الأمريكي على منصته تروث سوشل “أي شخص يهودي يصوت لزهران ممداني… هو شخص غبي!”، مضيفاً أن ممداني المعروف بدفاعه القوي عن القضية الفلسطينية “يكره اليهود”.

وكان ممداني دائماً هدفاً للهجمات بسبب مواقفه من إسرائيل والحرب في غزة، لكنه لم يتراجع عنها، مؤكداً في الوقت نفسه خلال حملته رفضه القاطع لمعاداة السامية وسعيه لطمأنة المجتمع اليهودي.

ممداني وفلسطين

في السياسة الخارجية، يُظهر ممداني مواقف حاسمة تجاه قضايا العدالة الدولية، منتقدًا العدوان الإسرائيلي على غزة، ومطالبًا بوقف الاحتلال. وكان قد صرح بأنه سوف يعتقل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى الجنائية الدولية، إن قام بزيارة لنيويورك.

ويعد ممداني من أبرز مؤيدي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “بي دي إس” (BDS)، ويشدد إلى ضرورة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، كما سبق أن شجع في عام 2021، مؤسسي “بن آند جيريز” على وقف بيع منتجاتهم في المستوطنات الإسرائيلية قبل إعلان الشركة مقاطعتها لإسرائيل

وقد احتفل العديد من الفلسطينيين والعرب والمسلمين في نيويورك وخارجها بفوزه، معتبرين أنه صوت جديد للعدالة والحقوق الفلسطينية في قلب المدينة العالمية. وأكد ممداني أنه سيحظر تمويل الجمعيات الخيرية المشاركة في الاستيطان غير القانوني، مع التأكيد على احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.

فوز ممداني، الذي من المقرر أن يتقلد منصبه رسمياً في يناير 2026، يمثل لحظة تاريخية في السياسة الأمريكية كونه أصغر عمدة منذ عام 1892، وأول عمدة هندي أمريكي ومسلم، مع برنامج شامل يوازن بين العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وحماية الأقليات، دعم حقوق الفلسطينيين، والإصلاح البيئي.