رفضا “للتسويف والتمييز”.. المتصرفون التربويون يحتجون ضد برادة

خاض التنسيق الوطني للمتصرفين التربويين “ضحايا الترقيات”، الخميس 17 أبريل 2025، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالرباط، وذلك في إطار استمرار “الحراك النضالي” لهذه الفئة التي تطالب “بإنصافها بعد سنوات من الإقصاء والتهميش” مطالبة الوزير سعد برادة بالالتزام بتنفيذ وعود وزارته.
ورفع المحتجون خلال الوقفة شعارات تندد بسياسة “التمييز” و”التسويف” التي تنتهجها الوزارة الوصية في حق هذه الفئة، مؤكدين تمسكهم بحقوقهم المشروعة وجبر الضرر الذي حاق بهم.
وشهدت الوقفة إنزالًا أمنيًا كثيفًا، إذ تم تطويق مكان الاحتجاج ومنع المحتجين من استكمال المسيرة التي كانت مبرمجة في اتجاه مبنى البرلمان، حيث تدخلت القوات العمومية، مانعة انطلاق المسيرة في مشهد أثار استياء المشاركين الذين اعتبروا أن هذا المنع يشكل “تضييقًا على الحق الدستوري في الاحتجاج السلمي”.
وفي السياق، أكد مصطفى الأسروتي، عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن هذه الفئة “تعاني من حيف وظلم كبيرين، إذ تم حرمانها من الترقية منذ سنة 2021 رغم أقدميتها الطويلة وخبرتها في تدبير الشأن التربوي، في الوقت الذي استفاد فيه زملاء لهم في نفس الإطار من الترقية بنقاط أقل”.
وأوضح الأسروتي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن هذه الوقفة الاحتجاجية جاءت استنادًا إلى ما عدّته الوزارة “ترقية عبر مسارين”، الأول يهم خريجي مسلك الإدارة التربوية، والثاني يتعلق بالإدارة بالإسناد، معتبرا إياه “قرارًا مجحفًا أدى إلى إقصاء فئة واسعة من حقها المشروع في الترقية، دون مبرر منطقي أو إداري مقنع”.
وأشار إلى أن هذا “الإجحاف” تضاعف بعد تغيير الإطار الوظيفي لهؤلاء إلى “متصرف تربوي”، إذ فوجئ المعنيون بالأمر باقتطاعات مالية كبيرة من أجورهم، بسبب اختلاف في بعض الرتب، وهي مبالغ وعدت الوزارة باسترجاعها لاحقًا، بل وتم التنصيص على ذلك بشكل صريح في النظام الأساسي الجديد، “إلا أن هذا الالتزام لم يتم تنفيذه إلى حدود الساعة، ولا تزال هذه الأموال عالقة دون أفق واضح لاستردادها”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن الجامعة الوطنية لموظفي التعليم ترفع ثلاث مطالب رئيسية تعتبرها أساسية لإنصاف المتصرفين التربويين، أولها الترقية الاستثنائية جبرًا للضرر الذي لحق بهم، انطلاقًا من سنوات 2021 و2022 و2023، باعتماد أدنى عتبة تم تطبيقها سنة 2021 وهي 95 نقطة، وثانيها منح ثلاث سنوات جزافية على غرار ما استفادت منه فئات أخرى داخل قطاع التربية والتكوين، وثالثها استرجاع الأموال المقتطعة من أجورهم تنفيذًا لما ينص عليه النظام الأساسي.
وأضاف أن هذه المطالب تندرج ضمن ملف متكامل ما زال يراوح مكانه رغم وعود الوزارة المتكررة بحله، إذ أكد أن اللقاءات السابقة مع المسؤولين بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أفضت إلى تفاهمات وصيغ مقترحة لتسوية الوضع، كما أن وزارة المالية أبدت استعدادًا واضحًا للمساهمة في الحل، “إلا أن وزارة التربية الوطنية تراجعت بشكل مفاجئ عن كافة هذه الاتفاقات، مما زاد من حدة الإحباط والتوتر داخل صفوف المتصرفين التربويين”.
وجدد الأسروتي تأكيده على استمرار الجامعة الوطنية لموظفي التعليم في دعم نضالات هذه الفئة، معتبرًا أن لا حل ولا إنصاف إلا من خلال الاستجابة الفورية لمطالبهم العادلة والمشروعة، وأن الاعتصام المزمع تنظيمه يوم الخميس المقبل يأتي في سياق الضغط من أجل تصحيح هذا الوضع المختل، “وإنهاء حالة الإقصاء التي يعيشها المتصرفون التربويون منذ سنوات”.
من جانبه، عبّر يحيى السعيدي، عضو التنسيق الوطني للمتصرفين التربويين ضحايا الترقية، عن استيائه الشديد من تعامل السلطات مع المسيرة الاحتجاجية التي كان من المزمع تنظيمها أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اتجاه مبنى البرلمان، حيث تم منع المحتجين من استكمال مسيرتهم، وتدخلت القوات الأمنية لتفريقهم، في ما وصفه بـ”الخرق الواضح للحق الدستوري في الاحتجاج السلمي”، متسائلًا: “أين نحن من دولة الحق والقانون؟”.
وأوضح السعيدي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن المتصرفين التربويين لا يطالبون بشيء خارج القانون، “بل يسعون فقط إلى إنصاف حقيقي يعيد لهم حقوقًا مهضومة منذ ثلاث سنوات”.
وأشار إلى أن هذه الفئة “حُرمت من الترقية طيلة سنوات 2021، 2022 و2023، رغم توفر الشروط القانونية اللازمة”، معتبرًا أن قطاع التربية الوطنية أصبح للأسف أول قطاع يشهد هذا النوع من التمييز والشرخ، بعد اعتماد عتبتين مختلفتين في الترقية، “وهو ما لم يسبق أن وقع في أي قطاع آخر”.
وأضاف المتحدث أن المفارقة غير المفهومة تتمثل في ترقية البعض بناءً على عتبة 95 نقطة، بينما تم حرمان آخرين حاصلين على 104 نقاط، في مشهد وصفه بـ”العبثي والظالم”، مشددًا على أنه “لا يوجد سند قانوني أو إداري لهذا التمييز الصارخ”.
وأبرز السعيدي أن التنسيق الوطني للمتصرفين التربويين لجأ إلى كل الوسائل النضالية المشروعة، من وقفات وبيانات، في محاولة للدفاع عن هذا الملف، غير أن الوزارة “تراجعت” عن كل ما تم الاتفاق عليه سابقًا، خاصة بعد تعيين كاتب عام جديد خلفًا للسابق، وهو ما زاد من تعقيد الوضع.
وأكد المتحدث أن المتصرفين لا يطالبون بشيء جديد أو تعجيزي، وإنما فقط بالإنصاف والعدالة، لافتا إلى أنهم جميعًا ينتمون إلى نفس الإطار، وبالتالي لا يُعقل أن يتم التعامل معهم بمنطق التمييز.
وسجل أنه كان من المفترض أن يساهم تغيير الإطار إلى “متصرف تربوي” في تحسين وضعيتهم، إلا أن النتيجة كانت عكسية، بعد أن تم اقتطاع مبالغ كبيرة من أجورهم “بشكل مفاجئ وغير مبرر”.
وانتقد السعيدي سهولة الاقتطاع من الأجور، مقابل بطء شديد في تنفيذ وعود إرجاع تلك المبالغ، رغم التنصيص على ذلك صراحة في المادة 89 من النظام الأساسي، معتبرًا أن هذا الوضع يعكس غياب الإرادة السياسية الحقيقية لطي هذا الملف.
وخلص المتحدث إلى مناشدة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة التدخل العاجل لمراجعة هذا الملف، وإنصاف المتصرفين التربويين من خلال إرجاع المبالغ المقتطعة من أجورهم، وجبر الضرر بمنح ثلاث سنوات اعتبارية كتعويض عن سنوات الترقية الضائعة.
وكان التنسيق الوطني للمتصرفين التربويين ضحايا الترقيات، قد أعلن أنه يحتفظ بحقه في اتخاذ كافة الأشكال النضالية التصعيدية المشروعة بما يتناسب وتفاعل الوزارة مع مطالبه العادلة، من مقاطعة جميع المهام الإدارية والدخول في اعتصام مفتوح مصحوبا بإضراب عن الطعام وتحميل الوزارة عواقب ذلك.
وأهاب التنسيق الوطني في بلاغ له، بالمتصرفين التربويين “ضحايا الترقيات”، بالتحلي باليقظة والالتفاف حول تنسيقهم، معلنا عن اعتصام أمام مقر الوزارة يوم الخميس 24 أبريل 2025.