رغم التحسّن في الترتيب.. أكاديمي: اعتماد الإنجليزية بالمغرب لم يتحول بعد إلى سياسة دولة
وضع مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية لسنة 2025، الصادر عن مؤسسة “Education First” السويسرية، المغرب في المركز 68 عالمياً ضمن خانة “الدول الضعيفة” من حيث مستوى الإتقان، حيث حصل على 492 نقطة، محققاً بذلك تقدماً قدره 13 نقطة مقارنة بمؤشر العام الماضي.
وحافظت مدينة الرباط على مركزها الأول، تلتها مدن فاس وبنجرير والخميسات ومراكش وطنجة وآسفي والصويرة والدار البيضاء وبركان. بينما جاءت بني ملال وورزازات والناظور في آخر الترتيب وطنياً.
وعلى مستوى الجهات، جاءت جهة فاس – مكناس في صدارة الجهات التي يتقن سكانها اللغة الإنجليزية. تلتها جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، ثم جهة الرباط – سلا – القنيطرة، متبوعة بجهة مراكش – آسفي.
أما جهة الدار البيضاء – سطات، التي كانت في صدارة مؤشر 2024، فقد تراجعت إلى المرتبة الخامسة، فيما تذيلت جهة درعة – تافيلالت التصنيف الجهوي على مستوى إتقان اللغة الإنجليزية.
وفي تعليقه حول نتائج المؤشر، قال الأكاديمي وكاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي خالد الصمدي، إن “هذا المؤشر يرتبط أولاً بالتحول الكبير الذي يشهده المغرب منذ دستور 2011، في ظل التوجه نحو اللغات الأكثر تأثيراً في العالم، ومنها الإنجليزية”، مبرزا أن “هذا الأمر دفع عدداً من المؤسسات التعليمية الخاصة إلى اعتماد الإنجليزية بشكل مكثف”، خاصة في المدن الكبرى، لمواكبة تحول التعليم العالي الخاص نحو هذه اللغة.
وأوضح أن البعثات الأجنبية الإنجليزية في المغرب، إضافة إلى مراكز تدريس اللغات، تشهد إقبالاً كبيراً على الإعداد لشهادة “التوفل”، التي أصبحت شرطاً للتسجيل في جامعات مثل جامعة الأخوين وبعض الجامعات الخاصة الأخرى، كما صارت مطلوبة في عدد من التكوينات بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية.
ورغم ذلك، شدد الصمدي على أن هذا التوجه ليس سياسة دولة واضحة لاعتماد الإنجليزية خياراً أول في إصلاح المنظومة التربوية، مبينا أن ضغط اللغة الفرنسية مازال قائماً بحكم العلاقات التاريخية بين المغرب وفرنسا والاستثمارات الأجنبية.
كما أشار إلى أن الخطوة التي كان قد اتخذها وزير التربية الوطنية السابق شكيب بنموسى بالشروع في تعميم اللغة الإنجليزية في الثانوي الإعدادي، ورغم أهميتها، ما زالت هناك أمامها صعوبات كبيرة جدا خاصة على مستوى تكوين الأطر التربوية المختصة في هذه اللغة.
ولفت في هذا الاتجاه، إلى أن مباريات توظيف أطر التدريس تكشف بوضوح أن عدد المناصب المفتوحة غالباً ما يفوق عدد المترشحين، وهو الوضع نفسه الذي ينسحب على مواد كالرياضيات وأحياناً حتى الفرنسية، مما يعزز، وفق تعبيره، الحاجة إلى سياسة دولة واضحة تُعالج الخصاص البنيوي في الموارد البشرية.
وأضاف الصمدي أن القانون الإطار 51.17 المتعلق بالتربية والتكوين، فتح المجال للتوجه نحو الإنجليزية، واعتبر هذا التوجه من أولويات القطاع الحكومي الوصي، غير أن الإجراءات العملية لن تظهر نتائجها قبل عشر سنوات على الأقل، وهي المدة التي يمكن أن تسمح بإحداث نوع من التوازن بين الفرنسية والإنجليزية، خصوصاً في ظل انفتاح المغرب على الاستثمارات الأجنبية والجامعات الدولية.
وأوضح أيضاً أن مشروع قانون التعليم العالي الذي يُناقش حالياً في البرلمان يتضمن فقرات صريحة لفتح المجال أمام الجامعات الأجنبية لإحداث فروع لها في المغرب، معتبراً أن هذه التطورات كلها تفسر الارتفاع الذي سجله المغرب في تصنيف إتقان الإنجليزية.
وختم بالقول إنه من المتوقع خلال السنوات العشر القادمة أن يحقق المغرب تقدما أكبر في التصنيفات الدولية الخاصة باللغات.