رغم الاستثمارات الضخمة.. تقرير يدعو المغرب لتعزيز قدراته الدفاعية

حذر تقرير حديث بعنوان “تحديث الدفاع المغربي: استثمارات استراتيجية في الأمن”، من تحديات تهدد جهود المغرب في تحديث دفاعه العسكري، رغم الاستثمارات الضخمة التي شهدها هذا القطاع، حيث أشار إلى أن “التصعيد الإقليمي، خصوصًا مع الجزائر، قد يدفع المغرب نحو سباق تسلح باهظ يهدد موارده الاقتصادية ويقوض أهدافه التنموية”.
وفي هذا السياق، شدد التقرير، الذي أعدته مؤسسة الحكامة العالمية والسيادة بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور (فرع المغرب وموريتانيا)، على أهمية تبني المغرب نهجا نوعيًا بدلًا من الكمّي، وذلك عبر التركيز على أنظمة دفاع متعددة الاستخدامات مثل طائرات F-16 Block 70/72، التي توفر تفوقًا استراتيجيًا دون استنزاف الموارد الاقتصادية.
كما نبه المصدر إلى أن تطوير صناعة دفاعية وطنية يواجه حواجز صناعية معقدة، إذ لا يزال المغرب يفتقر إلى قدرات تصنيع متقدمة وقوة عاملة كافية، رغم شراكاته مع دول كتركيا وفرنسا، لافتا إلى أن إنتاج مكونات محلية لمدافع Caesar أو أنظمة باتريوت يتطلب دقة هندسية عالية واستثمارات بشرية وتقنية مستمرة، ما يتطلب إطلاق برامج متخصصة لتكوين المهندسين وإنشاء مراكز ابتكار.
ورغم التقدم المحرز في مجالي الجو والبر، لفت التقرير إلى محدودية القدرات البحرية المغربية، رغم الطابع الاستراتيجي لسواحله الطويلة، “فرغم أن المغرب يمتلك أكثر من 3,500 كلم من السواحل، إلا أن الاستثمارات ظلت موجهة أساسًا للبر والجو، في وقت تواجه فيه البلاد تهديدات بحرية متزايدة مثل التهريب والصيد غير المشروع”.
وفي هذا الإطار، أكدت الوثيقة أن “الموقع الاستراتيجي للمغرب يمنحه دورًا حاسمًا في تأمين المجال البحري، لا سيما فيما يتعلق بالأمن عبر الأطلسي ومضيق جبل طارق، الذي يُعد ممرًا حيويًا للتجارة العالمية وشحنات الطاقة”، مشددا على أنه “من خلال تطوير قدراته البحرية وتوظيف أنظمة الاستطلاع والمراقبة (ISR)، يمكن للمغرب الإسهام في تعزيز الأمن البحري، وتوطيد التعاون عبر الأطلسي، وترسيخ مكانته كشريك رئيسي في استقرار هذا الممر الحيوي”.
وعلى ضوء هذا “النقص”، أوصى المصدر بضرورة اقتناء المغرب لفرقاطات متعددة المهام مزودة بأنظمة دفاع جوي وتحت بحري، معتبرا أن “تمرين Flotex 2025 الذي يجريه المغرب مع الناتو يمثل خطوة أولى لتعزيز الجاهزية البحرية”.
وعلى مستوى تسليح القوات البرية والجوية، رصد التقرير تحولًا نوعيًا في تجهيزات الجيش المغربي يعكس توجها واضحًا نحو الأنظمة عالية التقنية، مشيرًا إلى اقتناء مروحيات AH-64 Apache الأمريكية، إذ اعتبر هذه الصفقة “مؤشرًا على توجه المغرب نحو أنظمة عالية التقنية تتماشى مع التحديات الإقليمية الجديدة، كما شملت هذه الاستراتيجية اقتناء طائرات بدون طيار ومدفعية متطورة وأنظمة دفاع صاروخي”.
وفيما يتعلق بطائرات “الدرون”، أبرز التقرير أهمية طائرات Bayraktar TB2 التركية في تعزيز قدرات ISR المغربية، والتي تُستخدم لمراقبة التحركات الانفصالية في الجنوب والتصدي للتهديدات الحدودية، كما أنها مزودة بذخائر دقيقة وقدرات تحليق طويلة تناسب جغرافيا الصحراء المغربية.
وتابع أن “اقتناء طائرات Akinci الأكثر تطورًا، يمنح المغرب قدرات هجومية واستطلاعية متقدمة، وذلك بفضل قدرة هذه الطائرات على حمل صواريخ جو-جو والقيام بعمليات على ارتفاعات عالية، في تكامل مع أنظمة الأقمار الصناعية”، موضحا أن “هذه المميزات تمنح المغرب أفضلية استراتيجية في مواجهة التحديات القادمة من منطقة الساحل”.
وفي دعم لهذا المسار، أعلنت شركة Baykar، المُصنّعة للطائرات TB2 وAkinci، في أوائل عام 2025 عن افتتاح مصنع جديد للصيانة والإنتاج في المغرب، بهدف خدمة الأسطول المتزايد من الطائرات دون طيار في المغرب، مع قدرة إنتاج تصل إلى 1000 طائرة سنويًا، وهو ما يعزز الخبرة التقنية المحلية ويقلل من الاعتماد على الصيانة الأجنبية، بما يتماشى مع رؤية المغرب للسيادة الصناعية.
وأكد التقرير أن “اقتناء طائرات F-16 Block 70/72 يعكس أولوية المغرب للأنظمة المتفوقة تقنيًا، فهي مجهزة برادار AESA المتطور، وتسمح بعمليات هجومية ودفاعية على مدى يتجاوز 550 كيلومترا، ما يدعم القدرة على الاستجابة السريعة للتهديدات الإقليمية ويتكامل مع قدرات ISR والمدفعية الحديثة لتعزيز الغطاء الدفاعي الشامل”.
ومن جانب آخر، أبرز المصدر أيضًا الدور الإقليمي والدولي للمغرب، مستدلا بمشاركته في تمرين “الأسد الأفريقي”، الذي يعكس “جاهزيته لقيادة العمليات في بيئات معقدة، ويتيح له فرصة إبراز قدراته الدفاعية الحديثة، مثل الطائرات F-16 وأنظمة هيمارس الصاروخية”.