خبير يربط ارتفاع العائدات السياحية من العملة الصعبة بمداخيل السياحة الدولية

سجلت عائدات السياحة خلال صيف 2025 ارتفاعا ملحوظا، حيث أفادت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بأن قطاع السياحة سجل عائدات قياسية بـ67 مليار درهم خلال الأشهر السبعة الأولى لسنة 2025، بارتفاع بنسبة 13 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
في هذا السياق، ربط الخبير السياحي الزبير بوحوت ارتفاع عائدات هذه السنة بمداخيل العملة الصعبة من السياحة الدولية، مشيرا إلى “محدودية” مساهمة الجالية المغربية في هذا الارتفاع نظرا لطبيعة عاداتهم الاستهلاكية، ومؤكدا على أن ضرورة ضمان استدامة هذه الدينامية وعدم تحولها إلى “ظرف استثنائي”.
وأوضح الخبير السياحي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “المداخيل القادمة من مغاربة العالم لا ينبغي أن تُدرج مباشرة ضمن مداخيل السياحة، لأن تحويلاتهم المالية تمر عبر قنوات خاصة تظهر في حسابات الصرف الأجنبي إسمه تحويلات مغاربة العالم، ولا يجب أن تُحسب ضمن الإيرادات السياحية الرسمية”
وأضاف بوحوت أن “الجالية المغربية، بحكم عاداتها، لا تستهلك كثيرًا من الخدمات السياحية والفندقية، إذ يقيم أغلب أفرادها في بيوت عائلاتهم، وهو ما يفسر محدودية مساهمتهم في المداخيل السياحية”.
وأشار بوحوت في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” إلى أن الأرقام المسجلة هذا الموسم تكشف “واقعًا مزدوجًا”، فمن جهة، استمر ارتفاع أعداد العائدين من الخارج، حيث سجلت عملية “مرحبا” ما بين 10 يونيو و10 يوليوز 2025 زيادة بنسبة 13% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، غير أن هذا المنحى سرعان ما شهد تباطؤًا، إذ لم تتجاوز نسبة الزيادة في يوليوز وغشت 7%، وهو ما يعكس، بحسبه، “وتيرة نمو ضعيفة مقارنة مع التوقعات”.
في المقابل، يشير الخبير إلى أن المداخيل الاستثنائية للعملة الصعبة جاءت من السياحة الدولية بالأساس، حيث سجلت هذه الأخيرة ارتفاعًا بنسبة 2%، في حين لم يتعدّ معدل الزيادة لدى مغاربة العالم 7%، أي بمعدل عام بلغ 6%، لكن ما يلفت الانتباه، وفق بوحوت، “هو أن نسبة النمو في يوليوز وحده بلغت 26% مقارنة مع 2024، وهو رقم استثنائي كان له أثر مباشر على ميزان الأداء”.
وعن أسباب هذا التطور، أوضح بوحوت أن ارتفاع قيمة الخدمات السياحية لعب دورًا رئيسيًا، حيث شهدت أسعار الفنادق والخدمات الترفيهية قفزة ملحوظة، خصوصًا في الفئات الفاخرة، كما ساهم افتتاح عدد من الوحدات الفندقية الجديدة خلال 2025، خاصة في مراكش وأكادير والدار البيضاء، في رفع مستوى المداخيل، رغم أن القدرة الاستيعابية من حيث عدد الغرف لم ترتفع بشكل ملموس.
ولفت الخبير السياحي إلى أن القطاع لطالما عانى من ضعف في مداخيل العملة الصعبة مقارنة مع نمو أعداد الوافدين وليالي المبيت، غير أن الوضع تغيّر هذا العام، حيث سجلت المداخيل زيادة قدرها 13% خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، بينما لم تتجاوز 3% فقط في الفترة في الفصل الأول من 2025، وهو ما يعكس انتقالًا من معدل نمو ضعيف إلى نسبة مضاعفة خلال ستة أشهر، وصولًا إلى مستويات قياسية في يوليوز.
ومع ذلك، شدّد بوحوت على أن التحدي الأساسي يكمن في ضمان استدامة هذه الدينامية وعدم تحولها إلى ظرف استثنائي مرتبط بارتفاع ظرفي للأسعار أو افتتاح فنادق جديدة، مؤكدا أن أرقام غشت وشتنبر ستكون بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة القطاع على الحفاظ على نسق النمو الحالي.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن “المداخيل هي المعيار الحقيقي لقياس نجاح المؤسسات السياحية، بل وحتى لقياس مردودية الاقتصاد الوطني بشكل عام”، مضيفًا أن التوقعات، إذا استمر هذا المنحى، قد تدفع بمداخيل السياحة إلى مستوى 120 مليار درهم مع نهاية السنة، خصوصًا مع انتعاش مواسم نهاية السنة
من جانبها ذكرت الوزارة، في بلاغ لها، أن “قطاع السياحة يواصل ديناميته التصاعدية خلال سنة 2025. فإلى غاية نهاية يوليوز، ومع استقبال المغرب 11.6 مليون سائح، بارتفاع بنسبة 16 في المائة مقارنة بسنة 2024، بلغت العائدات السياحية من العملة الصعبة 67 مليار درهم، مما يمثل زيادة بنحو 13 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2024، وهو ما يعادل 7.5 مليار درهم”.
وعرف شهر يوليوز الماضي أداء استثنائيا بعدما حقق 13 مليار درهم من العائدات السياحية، مسجلا نموا مهما بنسبة 26 في المائة مقارنة مع شهر يوليوز 2024.
ونقل البلاغ عن وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، قولها إن هذا النمو في عائدات السياحة يعكس الأثر المهم لقطاع السياحة على الاقتصاد.
وأضافت أن “ارتفاع أعداد السياح والاستثمارات في المنتوج السياحي، يرسخان مكانة المغرب كوجهة ذات قيمة عالية. إننا نواصل جهودنا للحفاظ على هذه الدينامية”.