story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

خبير: مشروع قانون الأصول المشفرة ينهي الضبابية القانونية لكن ثغراته قد تعرقل التطبيق – حوار

ص ص

في خطوة تهدف إلى وضع إطار قانوني حديث وشفاف لقطاع الأصول المشفرة في المغرب، قدمت وزارة الاقتصاد والمالية مؤخرا مشروع قانون يتعلق بالأصول المشفرة، وهو ما يمثل تحولا كبيرا في التنظيم المالي في المغرب، وذلك في وقت تشهد فيه هذه التكنولوجيا نموا عالميا متسارعا.

ويأتي هذا المشروع في وقت تسجل فيه العديد من التقارير الدولية تزايد إقبال المغاربة على هذا النوع من العملات، حيث سبق وصنف تقرير لمنصة “Chainalysis” المتخصصة في العملات المشفرة المغرب في المرتبة 27 عالميا من حيث تبني هذه العملات، مسجلة مجموع تعاملات بقيمة 12.7 مليار دولار بهذه العملة، خلال الفترة الممتدة من يوليوو 2023 إلى يونيو 2024.

وفي ظل تزايد التعامل بالعملات المشفرة على الصعيدين المحلي والدولي، يُنتظر أن يُحدث هذا المشروع تغييرات جذرية في كيفية تعامل الأفراد والشركات مع هذه العملات، مع ضمان حماية المستهلكين والمستثمرين، غير أن خبراء في المجال يطرحون تساؤلات حول القدرة الفعلية على تطبيق هذا القانون بفعالية، خصوصا “في ظل التحديات التقنية والتنظيمية التي تشوبه”.

وفي هذا السياق، يرى المهندس والخبير في مجال البلوكتشين والعملات الرقمية، في حواره مع صحيفة “صوت المغرب”، أن مشروع القانون المغربي للعملات الرقمية خطوة مهمة لإنهاء الضبابية القانونية وإضفاء وضوح على التعامل مع هذه العملات، لكنه لا يزال يحتوي على ثغرات ونقاط غامضة قد تحد من الابتكار المالي وتعيق تطبيقه بشكل كامل، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والأفراد، مؤكدا على حاجة القانون إلى تعديلات وتوضيحات إضافية.

وفي ما يلي نص الحوار:

  • ما أهمية مشروع قانون الأصول المشفرة بالنسبة للمغرب في هذه المرحلة؟

مشروع قانون الأصول المشفرة في المغرب يعتبر خطوة هامة جدا، حيث سيساهم في إنهاء حالة الضبابية القانونية التي كانت تكتنف هذا المجال. في السابق، لم يكن هناك نص قانوني صريح يمنع استخدام العملات الرقمية، لكن الوضع كان يشوبه تضارب في التأويلات، مما خلق حالة من الغموض وعدم الوضوح.

الآن، مع هذا المشروع، سيكون لدينا إطار قانوني واضح يحدد كيفية التعامل مع العملات المشفرة ويسمح باستخدامها، ولكن ضمن قنوات قانونية محددة. هذا سيوفر الشفافية ويمنح المستثمرين وضوحًا قانونيًا للعمل في السوق المغربي.

أهمية المشروع لا تقتصر على تنظيم القطاع فقط، بل إنه سيسهم أيضًا في جذب الاستثمارات الخارجية ويشجع على إنشاء شركات محلية تعمل في مجال العملات الرقمية. بالإضافة إلى ذلك، سيسهم القانون في تسهيل تعامل البنوك مع هذه العملات، مما يفتح الطريق نحو نشوء اقتصاد رقمي مغربي قائم على التكنولوجيا الحديثة والعملات الرقمية، وهذا سيعزز الاقتصاد الوطني ويخلق فرصا جديدة للاستثمار والابتكار في هذا المجال المتنامي.

  • كيف يمكن لقانون الأصول المشفرة أن يغيّر علاقة المغاربة بالنظام البنكي التقليدي؟

مشروع قانون الأصول المشفرة في المغرب سيساهم بشكل كبير في تقارب العلاقة بين الشباب والأبناك، فالكثير من الشباب كانوا يعانون من النفور من النظام البنكي بسبب تعقيد الإجراءات مثل فتح الحسابات البنكية أو نقص الخدمات التي تتماشى مع احتياجاتهم.

لكن مع دخول العملات الرقمية كجزء من النظام المالي، ستتمكن الأبناك من تقديم خدمات جديدة تلبي رغبات هذه الفئة، مثل التحويلات الرقمية أو خدمات الدفع عبر العملات المشفرة، وبذلك، ستكون الأبناك أكثر جاذبية للشباب الذين لم يكونوا مهتمين بالخدمات التقليدية.

كما أن هذا القانون سيساهم في تحفيز الابتكار المالي داخل المغرب، من خلال نشوء شركات جديدة تقدم خدمات رقمية مبتكرة، خاصة في مجال الدفع الإلكتروني. وفي المستقبل، من الممكن أن نرى شركات محلية تستخدم العملات المستقرة (Stablecoins) لتسهيل المعاملات المالية داخل المغرب وخارجه، وهو ما يساهم في تنشيط الاقتصاد الرقمي في البلاد.

إضافة إلى ذلك، من خلال تنظيم العملات المشفرة وتوسيع نطاق استخدامها في الأنشطة المالية اليومية، سيكون لهذا القانون دور في دمج المواطنين في النظام المالي التقليدي بشكل أكبر، فالعديد من المغاربة، وخاصة الشباب، كانوا خارج النظام البنكي التقليدي لعدم توافر الخدمات المناسبة لهم، ولكن مع التحول الرقمي الذي سيحدثه القانون، سيتمكن هؤلاء من المشاركة بشكل أوسع في الأنشطة المالية مما يعزز شمولية النظام المالي ويساعد على تطوير أدوات الأداء مثل الدفع عبر الهاتف المحمول وتحويل الأموال الرقمي داخل وخارج المغرب.

  • ما أبرز المقتضيات التي جاء بها مشروع القانون الجديد؟

مشروع القانون المغربي للعملات الرقمية يشبه إلى حد كبير القانون الأوروبي MiCA (Markets in Crypto-Assets Regulation)، الفصول الرئيسية في المشروع المغربي تم اقتباسها من هذا القانون الأوروبي مع بعض التعديلات الطفيفة، كما أن التوجه العام للمشروع المغربي هو تبني نفس التقسيمات التي وضعها الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن المغرب يسير في نفس الاتجاه من حيث تنظيم السوق الرقمية والعملات المشفرة، لكنه قام بتعديل بعض التفاصيل لتتماشى مع خصوصيات السوق المغربي.

من بين المقتضيات المهمة في مشروع القانون هو استبعاد بعض الأنشطة من نطاقه، مثل التعدين والـNFTs (الرموز غير القابلة للاستبدال)، هذه الأنشطة لا تغطيها النصوص القانونية الخاصة بالقانون المغربي الجديد، لذلك، فإن القانون يركز بشكل أكبر على تنظيم التعاملات الرقمية عبر الشركات المتخصصة في هذا المجال، بدلا من الأفراد.

ويحدد المشروع أن الشركات فقط هي المخولة لتقديم خدمات العملات الرقمية، وهذا يعني أن الأفراد لن يستطيعوا العمل في هذا المجال إلا إذا كانوا جزءًا من شركة مرخصة.

من جهة أخرى، التقسيم الجديد للعملات الرقمية في هذا المشروع يشمل نوعين أساسيين من العملات، الأول هو العملات المستقرة، وهي العملات التي يتم ربط قيمتها بأصول مالية ثابتة مثل الدولار أو الذهب، هذا الربط يضمن أن قيمة هذه العملات تظل ثابتة ولا تتأثر بتقلبات السوق. والثاني هو الرموز المساعدة، وهي عملات تُستخدم للحصول على خدمات أو منتجات داخل النظام الذي أنشأ هذه الرموز، على عكس العملات المستقرة، الرموز المساعدة لا تتمتع بثبات القيمة، بل تعتمد قيمتها على الفائدة التي تقدمها للمستخدمين في الوصول إلى الخدمات أو المنتجات.

فيما يتعلق بالعقوبات، يفرض المشروع شروطا صارمة على منصات التداول، إذ يشترط الحصول على ترخيص قانوني للعمل، بحيث ستكون هذه التراخيص مخصصة فقط للشركات الكبرى التي تلتزم بضمانات مالية قوية، ويُمنع الأفراد من إجراء معاملات خارج المنصات القانونية، فأي شخص أو شركة تقوم بمزاولة النشاط المتعلق بالعملات الرقمية دون ترخيص ستكون عرضة للعقوبات.

  • ما هي أهم التحديات التي يواجهها مشروع قانون الأصول المشفرة، والتي قد تؤثر على تطبيقه على أرض الواقع؟

رغم أهميته، إلا أن مشروع القانون هذا يواجه عددا من التحديات القانونية والتنظيمية التي قد تعرقل فعاليته عند تطبيقه، أولها ضبابية الشروط الخاصة بالشركات والمنصات التي تنوي تقديم خدمات العملات الرقمية، فعلى سبيل المثال، يشترط القانون أن تكون الشركات التي تود إصدار بعض الأنواع من الرموز (Tokens) مثل العملات الرقمية الخاصة بها، بنوكًا أو شركات دفع معترف بها.

وهذا يعني أن الشركات الصغيرة ستجد صعوبة في الامتثال لهذه المتطلبات، مما سيؤدي إلى قتل الابتكار المالي في هذا القطاع، وهي المشكلة التي وقع فيها الأوروبيون عندما طرحوا قوانين مشابهة، حيث تراجع دورهم في مجال العملات الرقمية.

إضافة إلى ذلك، هناك فراغات قانونية في المشروع، حيث يعاني من نقص في التفاصيل حول بعض المفاهيم الأساسية مثل المالية اللامركزية، ففي الوقت الذي ينص فيه المشروع على أن القانون لا يشمل هذا النوع من المالية، إلا أنه لا يقدم تعريفا دقيقا لها، هذا النقص في التوضيح يمكن أن يخلق تساؤلات كبيرة حول كيفية تعامله مع الأنظمة المالية الحديثة التي قد تكون جزءا من الاقتصاد الرقمي في المستقبل.

واحدة من النقاط الأكثر إثارة للجدل في هذا القانون أيضا هي التعامل بالدرهم المغربي، إذ ينص القانون على ضرورة إجراء المعاملات الرقمية في المغرب بالدرهم، ولكن لم يتم توضيح ما إذا كانت المعاملات التي تتم بالعملات الرقمية الأخرى مثل الأورو الرقمي أو الدولار الرقمي ستحتاج أيضا إلى أن تكون بالدرهم المغربي، هذا الغموض قد يُثني الشركات العالمية التي ترغب في دخول السوق المغربي، حيث قد تعتبر مقيدة في تقديم خدماتها بالدرهم فقط.

كذلك، هناك مشكلة في النصوص المتعلقة بالعقوبات، حيث ينص القانون على فرض عقوبات على الأفراد الذين يزاولون الأنشطة المرتبطة بالعملات الرقمية دون الحصول على التراخيص اللازمة من المنصات المعترف بها، ولكن المشروع لم يوضح بشكل كاف كيف سيتم تنفيذ هذه العقوبات أو ما هي المعايير التي ستحدد إذا كان الفرد قد خالف القانون.

كما يعتبر المشروع مجملا في بعض الجوانب ولم يتناول الكثير من التفاصيل التي ستكون أساسية في التطبيق الفعلي، كما أن هناك أخطاء في الإحالة على بعض النصوص القانونية ولذا، يعتبر من الضروري إعادة صياغة بعض النصوص بدقة أكبر.