story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

خبير: مراجعة تسعير الأدوية فرصة لتخفيف العبء على المرضى وصناديق التأمين

ص ص

منذ أكثر من 11 سنة على دخوله حيز التنفيذ، يستعد المغرب لإطلاق مسار مراجعة عميقة لنظام تسعير الأدوية بهدف ضمان التوازن بين القدرة الشرائية للمواطنين من جهة، وتحفيز ولوج الأدوية المبتكرة وضمان استدامة التغطية الصحية من جهة أخرى، كما أعلن عن ذلك وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، قبل أيام.

وحول سياق هذه المراجعة، ربط عبد المجيد بلعيش، محلل أسواق الأدوية وباحث في اقتصاد الصحة، سياق المراجعة الشاملة لتسعيرة الأدوية بالورش الملكي المتعلق بتعميم التأمين الصحي منذ سنة 2021، والذي يسعى إلى الوصول إلى تغطية شاملة بنسبة 100%، موضحا أن توسيع نطاق هذه التغطية سيؤدي حتماً إلى ارتفاع كبير في كلفة تمويل خدمات العلاج والأدوية.

وأضاف الخبير أن النظام الجديد لتحديد أسعار الأدوية سيتم صياغته انطلاقاً من تشخيص دقيق لأثر الأسعار على توازنات صناديق التأمين الصحي، مشيرا إلى أن المعطيات والأرقام الحالية تشير إلى أن النظام الحالي لا يأخذ بعين الاعتبار طبيعة استهلاك الأدوية في المغرب.

في هذا السياق، أبرز أن 150 دواء فقط، أي ما يمثل 4% من مجموع الأدوية المسوقة في المغرب، تستهلك 54% من تعويضات التأمين الصحي الخاصة بالأدوية، مضيفا أن 17% من الأدوية التي يتم تعويضها يتجاوز سعرها 10.000 درهم.

وتابع أن 4% من الأدوية التي تُثقل كاهل الميزانية تنتمي في أغلبها إلى الشريحة الرابعة من الأسعار، أي تلك التي يتجاوز سعرها 2000 درهم، وقد تصل أحياناً إلى عدة ملايين من السنتيمات.

كما أبرز أن النظام الحالي خفض الأسعار بشكل غير مميز شمل الأدوية باهظة الثمن كما شمل الأدوية المنخفضة السعر، وقد أدى ذلك إلى اختفاء عدد كبير من الأدوية منخفضة السعر من السوق الصيدلانية المغربية، لأنه لم يعد من الممكن تصنيعها أو استيرادها دون تكبد خسائر.

وذكّر الخبير بالدراسة التي أنجزها الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “كنوبس” بتعاون مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، تعود لسنة 2022، تم خلالها تسليط الضوء على العبء الذي تُشكله سلسلة من الأدوية، معظمها مستوردة، على ميزانية “كنوبس”، مبرزا أن هذه الأدوية تنتمي في أغلبيتها إلى الشريحة الرابعة من الأدوية الأعلى كلفة.

وأشار إلى أن النظام الجديد لتحديد أسعار الأدوية يهدف إلى تلبية احتياجات السكان المغاربة من الأدوية، بما في ذلك تلك الباهظة الثمن، مع الحفاظ في الوقت ذاته على التوازنات المالية لصناديق التأمين الصحي.

وأضاف أن النظام الجديد سيعمل على تقليص كلفة الأدوية بالنسبة لهذه الصناديق وبالنسبة للمرضى، وأيضاً من أجل الحفاظ على السيادة الدوائية للبلاد وضمان تموينها المنتظم بالأدوية وغيرها من المنتجات الصحية.

واستطرد بلعيش في استعراض المشاكل التي تعتري النظام الحالي لتسعير الأدوية مشيرا إلى أنه لم يكن يأخذ بعين الاعتبار بشكل كافٍ الواقعين الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، مضيفا أنه لم يراعِ أيضًا الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الصيدليات، “بسبب التراجع المستمر في مداخيلهم نتيجة الانخفاضات المتتالية في أسعار الأدوية”.

كما لفت أيضا إلى أن النظام المعتمد في سنة 2014 يمنح مستوردي الأدوية هامش ربح بنسبة 10%، يتم التشارك في تحمل كلفته من قبل المرضى وصناديق التأمين الصحي.

أما بخصوص توصياته لأهم النقط التي يجب التركيز عليها خلال المراجعة الجديدة لنظام تسعير الأدوية، يؤكد بلعيش ضرورة وضع سياسة حقيقية لتشجيع تصنيع واستعمال الأدوية الجنيسة والمماثلة بيولوجيا (البيوسيميلار).

كما دعا إلى تقليص الجزء المتبقي على عاتق المريض أو ما يعرف بـ(out-of-pocket)، وذلك من خلال توفير نسب تعويض متوازنة، تراعي مصلحة كل من المرضى وصناديق التأمين الصحي.

ولضمان استدامة النظام الصحي وتتبع ذلك، شدد أيضا على ضرورة الاستلهام من التجارب الناجحة في بعض الدول فيما يخص مراقبة كلفة الأدوية والخدمات الصحية الأخرى، بالإضافة إلى اعتماد رقمنة شاملة تسمح من جهة بتبسيط الإجراءات الإدارية، ومن جهة أخرى بضمان تتبعها وشفافيتها.

وخلص إلى التأكيد على أن نجاح هذه المراجعة بشكل كامل رهين بإشراك كافة مكونات القطاع الصيدلاني، بما في ذلك الصيادلة، وجمعيات المرضى، والمختبرات الصيدلانية، وشركات توزيع الأدوية، في إطار حوار شامل وتعاون فعّال.