story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

خبراء يقاربون واقع الإعلام بين خطر الشعبوية ومخاوف التضييق على الحرية

ص ص

اعتبر الأستاذ الباحث ورئيس شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال إدريس جبري أن “الشعبوية والثورة الرقمية خطران داهمان يُهدّدان إنسانية الإنسان”، مورداً أن الشعبوية أصبحت ظاهرة عابرة للقارات تخترق كل الحدود والتنظيمات بمختلف مرجعياتها، سواءً كانت يسارية أو يمينية أو تنتمي للوسط.

جاء ذلك ضمن مداخلةٍ له بعنوان “خطاب الشعبوية في الإعلام الرقمي بين التضليل والهيمنة”، خلال مؤتمر دولي بجامعة السلطان مولاي سليمان، الجمعة 25 أبريل 2025.

وأبرز جبري أن الشعبويين يتبنون خطاباً طُهرانياً ويدعون أنهم يتحدّثون أو يُمثلون الشعب، مشيرًا إلى أن “الشعب” يُحيل في المخيال الاجتماعي إلى “الطيبوبة والنقاوة والطهارة.. ولهذا نجد، مثلا، في الاحتجاجات وفي الفضاء الأزرق وما شابه ذلك، شعار: حْنَا وْلاَدْ الشعب”.

شيطنة النّخبة؟

ويرى الأستاذ الجامعي أنّ الخطاب الشعبوي يستعدي استعداءً مُطلقا ما يُسمى بالنخبة؛ إذ هناك الشعب في مقابل النخبة، سواءً كانت هاته الأخيرة اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو حزبية، والتي تُلصق بها كل الصّفات السلبية وتتم شيطنتها وتُتهم بالفساد والانتهازية والاستلاب.

ونبّه الأستاذ المتخصص في تحليل الخطاب إلى أن الشعبويين يدّعون إعطاء الكلمة للشعب أو يُركزون على فكرة سيادة الشعب “بشعارات ومقولات مضلّلة”، معتبرا أن ذلك “إيهام فقط”.

وأورد المتحدّث ضمن المداخلة ذاتها، “أننا بتنا أمام نهاية الرأي العام لحساب الرأي الشعبوي، نهاية المعرفة والحقيقة لحساب الثرثرة والزيف والكذب الذي أصبح ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، نهاية الواقعي لحساب الافتراضي”، متسائلا في هذا الصّدد: “لا أدري كيف سيكون الناس إذا توقف الهاتف أو توقف الأنترنيت؟ ربما سنُصاب بالاكتئاب واليأس..”

الخوفُ من..

ومن جهته، دعا محمّد حفيظ، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إلى عدم الخوف من وسائل التواصل الاجتماعي، موردا أن في المغرب كانت هناك صحف ورقية تختص في نشر الجرائم وكل ما يرتبط بالقتل، وآنذاك لم تكن الأنترنيت، وكانت تُوزع بشكل عادٍ.

وأشار محمد حفيظ، إلى التشابه أو التقارب بين ما كان يُنشر في بعض الجرائد الورقية وما يُنشر حاليا في “السوشيال ميديا”، مبرزا أنه “لا يُمكن الوقوف، اليوم، أمام التطوّر التكنولوجي.. حتى ببناء جُدران إسمنتية”.

واستدرك محمد حفيظ بالقول: “فعلا هناك، الآن، الحديث عن الجريمة الإلكترونية.. ولكن لا يجب استغلال ذلك من أجل التضييق على الحريات؛ إذ من حق الفرد مُمارسة حقه في الحرية، وإذا ارتكب خطأ أو اعتداءً معينا فهناك القانون.. فالإنسان لا يُمكنه العيش بدون حرية”.

ليسوا صحافيين..

واعتبر محمد حفيظ الذي شارك في المؤتمر الدولي بمداخلةٍ بعنوان “اللغة والخطاب السياسي: بعض قضايا الإعلام والتواصل”، أن النشطاء الإلكترونيين ليسوا صحافيين، لكن، مع ذلك، لا يرفض تطبيق قانون رقم 88.13 عليهم، مشيرا إلى أن هذا القانون اسمه “قانون الصحافة والنشر” وليس “قانون الصحافة”.

وتساءل حفيظ الذي أسس شُعبة الصحافة بجامعة السلطان مولاي سليمان، بني ملال: “هل نحتاج إلى قانون يُطبّق على الصحافيين فقط وإلى قانون خاص بالنّشر يُطبّق على الجميع؟”، مردفا أن “هذا نقاش.. الآن هناك حديث عن تعديل القانون الصادر سنة 2016، لأنه يطرح عددا من الإشكالات”.

وحذّر المتحدّث من تضخيم ما ينشرهُ نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، مُنبّها إلى أن ذلك قد يقود إلى التضييق على الحرية.

الذئاب المنفردة؟

وفي السيّاق ذاته، قال حفيظ: “هناك صحافيون يُهاجرون، اليوم، إلى اليوتيوب؛ إذ أنهم يُغادرون نظام المؤسسات الصحافية بحثا عن فضاء أوسع للتكيّف”.

وطرح المتحدث، هنا، فرضية مفادها أن “الذين يُغادرون المؤسسات الصحافية يُصبحون ذئابا منفردة”، مشيرا إلى أن هاته الخطوة تطرح نوعا من الخطورة، لأن المؤسسة الإعلامية تتكوّن من هيئة التحرير ورئيس التحرير.. تخضع لضوابط وقواعد، ولكن الذئب المنفرد يشتغل لوحده، ولا بد من مواجهته بالقانون”.

التدوينات والقانون..

وفي جلسةٍ علميةٍ أخرى ضمن المؤتمر، أورد المهدي النقاش، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمدينة بني ملال، أنّ “كل صحافي ناشر، وليس كل ناشر صحافي”، موضحاً أن “الصحافي هو الذي يخلق أو يصنع المحتوى الصحافي بعد جمع المعطيات، بينما الناشر هو الذي يقوم بالنشر فقط”.

وتفاعلاً مع سؤال يتعلّق بعدم دقة النصوص التشريعية الواجب تطبيقها على الصحافيين، قال المهدي النقاش: “التوجّه العام للنيابات العامة في مختلف محاكم المملكة، هو أنّ الصحافي المهني يخضع لقانون الصحافة.. سواء نشر عبر مدونته الشخصية أو عبر مدونته الخاصة أو عبر الصحيفة التي يشتغل معها”.

واعتبر النقاش أنّ “هاته قفزة حُقوقية تُحسب للمغرب في إطار ضمان حقوق أو حريات الصحافة والتعبير”.

قانون الصحافة..

وعلى خلاف القراءات التي تقول إنّ القانون رقم 88.13 المتعلق الصحافة والنّشر يُطبّق على الصحافيين وعلى المدونين الإلكترونيين، يرى عبد الرحيم بحّار، أستاذ زائر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان، أن القانون المذكور يُطبّق على الصحافيين فقط.

وأوضح الأستاذ عبد الرحيم بحار، مستشار بمحكمة الاستئناف ببني ملال، أن الصحافة مهنة حصّنها المشرع بمساطر خاصة، قصد حماية الصحافيين، في إشارة منه إلى أن امتيازات قانون الصحافة يستفيد منها الصحافيون فقط (مثلا: القانون لا يتضمن عقوبة سالبة للحرية).

ومن جانب آخر، أكد الأستاذ بحّار، ضمن مداخلته المعنونة بـ “القضاء والإعلام: أية علاقة؟”، أن من أبرز النقط التي يتقاطع فيها القضاء مع الإعلام هي حماية الحقوق والحريات.

وأشار إلى أن القضاء بادر إلى إبرام اتفاقيات مع المعهد العالي للإعلام والاتصال قصد تكوين قضاة مختصين في التواصل داخل المحاكم، وكذلك قصد تكوين صحافيين مختصين في المادة القانونية.

يُذكر أن هذا المؤتمر الدولي يُنظمه فريق البحث في تحليل الخطاب، في دورته الرابعة، بجامعة السلطان مولاي سليمان حول موضوع “الإعلام، الخطاب والعلاقات الدولية”، أيام 24 و25 و26 أبريل 2025، ويشارك ضمنه أساتذة باحثون في المغرب وخارجه باللغتين العربية والإنجليزية.

*المحفوظ طالبي