جبرون في رسالة لشباب “جيل Z”: نجاح التغيير رهين بدعم المجتمع بكل أجياله

اعتبر المؤرخ والمفكر امحمد جبرون، أن الإصلاح والتغيير من منظور التاريخ ليس حركة جيلية محصورة في جيل بعينه، مؤكدا على أن “الإصلاح الناجح هو دائماً حركة مجتمعية تشمل جميع الأجيال”.
وشدد جبرون اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025، في رسالة مصورة وجهها إلى شباب “جيل Z”، على أن الحركة لا يمكن أن تنجح دون دعم المجتمع بكافة مكوناته، من آباء وأجداد وأصدقاء وجيران، مؤكداً على ضرورة إشراك الأجيال السابقة للاستفادة من خبراتها وتجاربها.
وأضاف أن “مطالب الشباب المشروعة في مجالات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة هي مطالب تخص جميع المغاربة ولا يمكن أن يحتكرها جيل واحد”، داعيا “إلى ضرورة تحديد سقف الاحتجاج والأهداف النهائية عبر إشراك الأطراف المعنية كافة، لأن هذه القضايا تمس الوطن بأسره”.
ولفت جبرون إلى أن البيان الأخير للشباب يمثل مبادرة إيجابية، لكنه يحتاج إلى تراكم معرفي وفهم لخصوصيات المشهد السياسي المغربي الذي يمتد لعقود طويلة، مشيرا إلى أن “المغرب منذ تأسيس الدولة الحديثة في حركة إصلاح مستمرة، حيث حقق المغرب تقدماً ملموساً في مواجهة الفساد وتحسين صورة الدولة داخليًا وخارجيًا، وقد لا تلمسون ذلك أنتم صغار السن، لكن من عايش مراحل متعددة يشعر بالفرق”.
وحرص المفكر على تحذير الشباب من بعض مظاهر التشنج والتطرف التي انتابت بعض المواقف في هذا الحراك، مشيراً إلى أن الحلول البسيطة والرومانسية السياسية لا تكفي لمعالجة قضايا مركبة، ولا يجوز اللجوء إلى مقترحات مثل المحاكمات الشعبية أو حلول تقوّض المؤسسات.
ولذلك دعا جبرون الشباب إلى فتح قنوات الحوار مع الآباء والأجيال الأكبر سناً والاستفادة من خبراتهم في توجيه الحركة الاحتجاجية نحو نتائج إيجابية ومحمودة، مؤكّداً أن المبادرة والشجاعة المتوفّرتين لدى الشباب يجب أن تُحفظ وتُستثمر بعقلانية.
وحذّر أيضاً من تحول الحركة إلى “مسار راديكالي” عبثي قد يفضي إلى إنهاك مؤسسات الدولة وتشويه صورة البلاد والإجهاز على المكتسبات التي تحققت بصعوبات، مؤكدا أن “التواضع والاعتراف بالتراكم التاريخي للنضال السياسي في المغرب واجب، لاسيما أن هذا النضال يمتد لمئة عام تقريباً منذ نشأة الحركة الوطنية، وأن هناك أحزاباً ونقابات ومثقفين وطنيين مخلصين لهم إسهامات تاريخية لا يجوز تجاهلها أو التشكيك فيها كليةً وجعلهم فاسدين”.
كما شدد جبرون على “ضرورة خروج الشباب من الحالة الافتراضية والغرف المغلقة لوسائط التواصل الاجتماعي إلى فضاءات الواقع”، داعياً إلى “التعبير المباشر والواضح عن المطالب ضمن الإطار القانوني والدستوري الذي يقوم على الثوابت، الملكية، والدين، والوحدة الترابية”.
وأوضح أن هذه المطالب “ليست جريمة بل هي مناضلة نبيلة لا بد أن تُدار بحكمة”.
واختتم امحمد جبرون رسالته بالتأكيد على أن الآباء والمثقفين يقفون إلى جانب الشباب، شريطة الالتزام بالإطار الوطني والالتزام بثوابت الدولة، والاستعداد للحوار البنّاء مع الجهات المسؤولة سواء كانت حكومية أو وطنية، من أجل بلوغ الأهداف النبيلة بطريقة فعالة وآمنة.