تواصل موجة الإدانة والاستنكار للعقوبات الأمريكية ضد فرانشيسكا ألبانيز

أدانت منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان بشدة قرار وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، معتبرة هذا القرار “عملاً غير مبرر وغير قانوني”.
وفي هذا الصدد قال عبد المجيد مراري مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان، “إن قرار وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على السيدة فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعتداء صارخ على استقلالية ونزاهة آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان”.
وأضاف المتحدث في تصريح صحافي عممه على وسائل الإعلام أن هذا الأمر يعد “خرقا صريحا لاتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946، التي تمنح لموظفي الأمم المتحدة حصانةً من الإجراءات القانونية أو الإدارية، وهو اعتداء فاضح على مبدأ عدم التمييز وحرية التعبير”.
وتابع المسؤول ذاته، أن قرار العقوبات هذا هو بسبب التصريحات التي أدلت بها ألبانيز، في إطار عملها الأممي، حول الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. حيث وصفت سياسة التجويع والقصف الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين بأنها انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقد سبق لها أن دعت إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات أمام الجهات الدولية المختصة، “وهو ما يدخل ضمن صلاحياتها الرسمية ومهامها المسندة لها من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” يؤكد المصدر ذاته.
وشدد على أن هذا القرار الأمريكي “يمثل محاولة لترهيب وتخويف المقررين الخاصين بالأمم المتحدة ومنعهم من أداء مهامهم بحرية واستقلالية، وفقاً للمبادئ المتعلقة بحماية المقررين والممثلين الخاصين للأمم المتحدة”.
كما أنه يهدد العمل الدولي لرصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويُضعف ثقة الضحايا بالإجراءات الدولية التي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساءلة، ويتناقض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه الولايات المتحدة وتعتبر طرفاً فيه.
وفي هذا الصدد يرى عبد المجيد مراري أن العقوبات المفروضة على المقررة الأممية ألبانيز “تمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ومبادئ الأمم المتحدة، وتتعارض مع التزام الولايات المتحدة تجاه تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم”.
وبنا ًء على ما سبق، طالبت منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان بإلغاء هذه العقوبات فوراً، واحترام دور ووظيفة المقررين الخاصين بمجلس حقوق الإنسان.
ودعت المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى التصدي لهذا النوع من التصعيد السياسي ضد آليات حقوق الإنسان الأممية، والتأكيد على أهمية استقلاليتها وحيادها.
وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية دعمها الكامل للمقررة الخاصة ومهنة التوثيق والتحقيق التي تقوم بها، داعية إلى توفير الحماية لها ولجميع المقررين والنشطاء الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان.
ومن جهتها، عبرت اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح بدورها عن إدانتها الشديدة للعقوبات الأمريكية ضد فرانشيسكا ألبانيز، “واعتبارها انتهاكاً صارخاً لأبسط القواعد الناظمة للعمل الأممي، ومحاولة بائسة لترهيب كل من يتجرأ على قول كلمة حق في وجه الإجرام الصهيوني”.
وأكدت تضامنها الكامل مع المقررة الأممية، وتثمينها لمواقفها الحقوقية النزيهة، وجهودها في كشف معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، ودعوتها لاستمرار عملها دون خوف أو ابتزاز، داعية الأمم المتحدة والأمين العام وكل الجهات الحقوقية الحرة إلى التحرك العاجل من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات الأمريكية المتكررة التي تستهدف استقلالية المنظومة الدولية.
واعتبر المصدر أن هذه العقوبات التي جاءت في سياق تصاعد الضغوط على كل الأصوات الحرة داخل المنظومة الأممية، “تمثل مساساً خطيراً باستقلالية آليات الأمم المتحدة، وانتهاكاً سافراً لمبدأ الحماية الدولية للمقررين الأمميين، كما تشكل سابقة تهدد مصداقية العمل الأممي في مجال حقوق الإنسان”.
وفي هذا الإطار، جددت اللجنة الحقوقية رفضها المطلق لجرائم الاحتلال المتواصلة في غزة وسائر الأراضي المحتلة، ولدعم الإدارة الأمريكية اللامشروط لهذه الجرائم، ومطالبتها بوقف كل أشكال الدعم السياسي والعسكري لكيان غاصب مجرم.
وخلصت الهيئة ذاتها إلى مناشدة القوى الحية في المغرب والعالم لتوسيع دائرة التضامن مع الشعب الفلسطيني، “ومضاعفة الجهود لمواجهة مسار التطبيع، والتصدي لكل محاولات اختراق المشروع الصهيوني لبلادنا”.
وفي السياق، كان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد أعلن، يوم الأربعاء 09 يوليوز 2025، أن مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، وضعت على قائمة العقوبات بسبب جهودها لحث المحكمة الجنائية الدولية على اتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
جاء ذلك في منشور بحسابه على منصة “إكس”.
وقال روبيو في المنشور: “اليوم، أفرض عقوبات على المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، بسبب جهودها غير المشروعة والمخزية لحث المحكمة الجنائية الدولية على اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين والشركات والمديرين التنفيذيين الأمريكيين والإسرائيليين”، على حد تعبيره.
وأكد أن الحملة السياسية والاقتصادية التي تشنها ألبانيز، ضد الولايات المتحدة وإسرائيل لن يتم التسامح معها بعد الآن، وأنهم سيواصلون اتخاذ أي خطوات يرونها ضرورية في هذا الصدد.
وأضاف الوزير الأمريكي “سنقف دائما مع حق شركائنا (إسرائيل) في الدفاع عن النفس”، وفق زعمه.
وفي وقت سابق، طلبت الولايات المتحدة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إقالة ألبانيز من منصبها، متهمة إياها بـ”معاداة السامية”، على حد زعمها.