story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

تواجه خطر الاجتثاث.. حقوقيون ينتقدون “التضييق” على الهيئات الحقوقية

ص ص

يرى حقوقيون أن الحركة الحقوقية في المغرب تعيش “انحسارًا مقلقًا”، من خلال “التضييق” على الجمعيات والمنظمات المستقلة، معتبرين أن “التراجعات” امتدت لتستهدف الحقوق الأساسية للمواطنين على مختلف الأصعدة، “في ظل تصاعد النزعة الاستبدادية، وتفاقم الفساد، وتراجع الإرادة السياسية في احترام التزامات البلاد الحقوقية”.

وجاء ذلك خلال ندوة تحت عنوان “واقع الحقوق والحريات وأهمية العمل الوحدوي للحركة الحقوقية والديمقراطية في مواجهة الاستبداد والفساد والتطبيع”، السبت 3 ماي 2025 بالرباط, نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في إطار أنشطتها الإعدادية للمؤتمر الوطني الرابع عشر.

“تراجع غير مسبوق”

وفي هذا السياق، قال خالد البكاري، أستاذ جامعي وناشط حقوقي، “إن الحركة الحقوقية في المغرب تمر بمرحلة انحسار وتراجع غير مسبوق”، بعدما كانت تحتل موقعًا حساسًا في المشهد الوطني، بحكم تماسها المباشر مع الدولة وقدرتها على مخاطبتها من موقع قوة، مضيفًا أن “الدور اليوم لم يعد هو التأثير في السياسات، بل بات يقتصر على حماية الحركة ذاتها من الاجتثاث”.

وأوضح البكاري، أن هذا “الاجتثاث” لا يتم بشكل مباشر فقط، بل من خلال جملة من الإجراءات الممنهجة، “من ضمنها وقف الدعم المالي، وسنّ قوانين تحد من حرية عمل الجمعيات، والعمل على تفريغها من أهدافها الأساسية، فضلًا عن التحريض الممنهج عليها إعلاميًا ومؤسساتيًا”.

واعتبر المتحدث أن ما يحدث ليس معزولًا عن سياق دولي أوسع، أصبحت فيه حقوق الإنسان مستهدفة بسبب “وصول الليبرالية المتوحشة إلى أقصى مستوياتها”، وهو ما انعكس حتى على البلدان المركزية، التي لم تعد توفّر الحماية اللازمة للمدافعين عن حقوق الإنسان ومكافحي الفساد.

“إضعاف الفاعلين الحقوقيين”

وانتقد البكاري أيضًا التوجه نحو “إضعاف الفاعلين الحقوقيين” من خلال خلق إطارات حقوقية بديلة تشتغل على أساس التمييع والتفريغ من المضامين، بدل الاشتغال الجاد والمستقل، مشيرًا إلى أن دعم البرامج الحقوقية يتم اليوم عبر قنوات رسمية مرتبطة بالدولة، “ما يحوّل التمويل إلى أداة للضبط بدل أن يكون وسيلة للدعم”.

وسجّل الناشط الحقوقي ما اعتبره “ثمنًا شخصيًا باهظًا” أصبح يؤديه كل من يشارك في أنشطة الجمعيات الحقوقية، قائلًا إن ذلك يمثّل أحد أبرز مظاهر التراجع الحقوقي في المغرب.

وفي سياق آخر، استنكر البكاري ما وصفه بـ”الاستيلاء الممنهج على الأراضي ونزع الملكية”، وما يرافقه من استهداف مباشر للسكان، وتدمير للأنماط الثقافية المحلية وللإرث التاريخي للعديد من الجماعات، معتبراً أن هذا المسار يشكل اعتداءً مزدوجًا على الحقوق الاجتماعية والثقافية.

“انتهاكات مستمرة”

ومن جانبه، قال عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إن وضعية حقوق الإنسان في المغرب “تشهد تراجعًا مقلقًا على كافة المستويات”، بدءًا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، التي “تُخرق بشكل صارخ”، وصولًا إلى الحريات العامة والفردية، التي تواجه بحسبه “تضييقًا ممنهجًا يهدف إلى تكميم الأفواه وإخماد صوت الاحتجاج”.

وأكد بنعبد السلام، أن الحريات الأساسية، وفي مقدمتها حرية التنظيم وتأسيس الجمعيات، والتجمع والتظاهر السلمي، وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد والصحافة والإعلام، “تتعرض لانتهاكات مستمرة، مما يقوض أسس دولة الحق والقانون”.

وأشار المتحدث إلى “أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لعبت دورًا رياديًا في التصدي لهذه الانتهاكات، من خلال إنجاز تقارير موازية لتلك التي تقدمها الحكومة إلى الهيئات الأممية، والوقوف إلى جانب ضحايا الانتهاكات الجسيمة وعائلاتهم، والمطالبة بالكشف عن مصير المختطفين، إلى جانب مشاركتها الميدانية في التظاهرات والنضالات المجتمعية”.

“الطابع الاستبدادي”

وتطرق بنعبد السلام إلى الإكراهات التي تواجه العمل الحقوقي في المغرب، وعلى رأسها “الطابع الاستبدادي” للسلطات، والذي يتجلى حسب تعبيره في “وقف الدعم المالي للجمعيات، وامتناع الإدارة عن تسليم وصولات الإيداع القانونية، وعرقلة انعقاد المؤتمرات، فضلًا عن محاولات اختراق التنظيمات الحقوقية، وإذكاء الصراعات الداخلية وبث الرعب في صفوف المنخرطين”.

وخلص المتحدث إلى التنبيه لوجود تحديات ذاتية، منها ضعف الوعي بأهمية العمل الوحدوي داخل الحركة الحقوقية، وتفشي الصراعات الناتجة عن المصالح الضيقة، وغياب ثقافة الديمقراطية، مؤكدًا أن هذه العوامل تُضعف حضور الهيئات الحقوقية وقدرتها على التأثير في السياسات العمومية.