تقرير: موجات حر شديدة تهدد المغرب بحلول 2050

يُتوقع أن يشهد المغرب بحلول عام 2050 موجات حرارة غير مسبوقة تهدد الأمن الصحي والاقتصادي للملايين، في وقت يتسارع فيه تغيّر المناخ بمعدلات تفوق المتوسط العالمي، بحسب ما ورد في تقرير صادر عن البنك الدولي حول مخاطر المناخ في المغرب.
وأشار تقرير البنك الدولي، الذي اطلعت عليه صحيفة “صوت المغرب”، إلى أن متوسط درجات الحرارة في المغرب ارتفع تاريخياً بـ0.43 درجة مئوية لكل عقد بين 1971 و2020، وهو معدل أعلى من المتوسط العالمي. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، ليصل متوسط الحرارة إلى 20.2 درجة مئوية بحلول منتصف القرن، مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة القصوى خاصة خلال فصلي الربيع والصيف
ومن المتوقع أيضاً أن يتضاعف عدد الأيام التي تتجاوز فيها الحرارة 35 درجة مئوية إلى شهرين سنوياً في المتوسط بحلول 2050، مقارنة بشهر واحد خلال الفترة المرجعية السابقة. مما يزيد من المخاطر على صحة الإنسان، وحرائق الغابات، إلى جانب زيادة الليالي الاستوائية، التي تخلّف آثاراً كبيرة على الصحة والزراعة.
ويُتوقع أن يعيش المغرب “ليالي استوائية” حارة على نحو متزايد، مع ارتفاع عدد الليالي التي تتجاوز فيها الحرارة 23 درجة مئوية لتصل إلى نصف شهر أو أكثر في الصيف، خاصة في المناطق الشرقية والصحراوية مثل درعة-تافيلالت وسوس-ماسة.
وتحذر الدراسة من أن 67% من السكان قد يكونون معرضين لمستويات خطيرة من الحرارة بحلول عام 2075، مقارنة بـ38% حاليا،ً مع بلوغها أكثر من 90% في مناطق مثل فاس-مكناس والجهة الشرقية. ومن شأن هذا الوضع أن يؤدي إلى ارتفاع الحاجة إلى المياه للري، بينما تتراجع التساقطات بنسبة 14% بحلول 2050، مما يفاقم من خطر الجفاف والأمن الغذائي، لاسيما أن الفلاحة تُعتبر من ركائز الاقتصاد الوطني.
وما بين 2040 و2059، من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة خلال الليالي الصيفية حاجز 20°C في معظم أنحاء المغرب. كما يُتوقع تسجيل ما معدله 15 ليلة بدرجات حرارة تفوق 23درجة مئوية، و7 ليالٍ فوق 26 درجو مئوية، وما يصل إلى 3 ليالٍ سنوياً بدرجات حرارة تفوق 29 درجة مئوية.
وبحسب ذات التقرير، سيزداد عدد الليالي الاستوائية بحوالي 4 ليالٍ كل عقد، مع زيادات أكثر وضوحاً، تتجاوز 5 ليالٍ لكل عقد، في المناطق الحارة مثل الجهة الشرقية ودرعة-تافيلالت.
وبينما كان أقل من 2% من السكان معرضين لمثل هذه الليالي سابقاً، قد تصل هذه النسبة إلى 22% بحلول عام 2075. وفي مناطق مثل فاس-مكناس، درعة-تافيلالت وسوس-ماسة، قد تواجه نصف الساكنة هذه الظروف بحلول نهاية القرن.
كما يتوقع ذات المصدر أن ترتفع درجة الحرارة الوطنية المتوسطة، والتي كانت تقارب 18.5 درجة مئوية خلال الفترة 1995–2014، وفقاً للبنك الدولي، لتصل إلى 20.2 مئوية خلال الفترة 2040–2059.
وفي السياق، يقوم البنك الدولي بدعم البلدان لمواجهة هذه التحديات، وذلك من خلال الاسنتثمار في مشاريع تنموية تحسّن جودة الحياة وتوفر وظائف محلية، وتقوي التعليم، وتعزز الاستقرار الاقتصادي.
وترى المؤسسة العالمية أنه من المرجح أن تطول مواسم الجفاف وأن يمتد التصحر نحو الشمال. كما من المحتمل أن تزداد أحداث الأمطار الغزيرة، مما يزيد من مخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية، خاصة عند اقترانها بالجفاف العام.
وبهدف التقرير الذي أعده البنك الدولي “للمساعدة في اتخاذ قرارات مستنيرة، بفضل الحصول على بيانات دقيقة وسهلة الفهم”،
وتوفر “ملفات تعريف مخاطر المناخ” في هذا الصدد لمحة عامة على مستوى الدولة عن المخاطر المناخية الفيزيائية عبر مقاييس زمنية ومكانية متعددة. وتغذّي كل من هذه الملفات تقارير مناخ الدولة والتنمية الشاملة للاقتصاد، بالاستناد إلى بوابة المعرفة لتغير المناخ، وهي “المركز الشامل” للبنك الدولي للبيانات المناخية الأساسية.
وبالاستناد إلى هذه البيانات والتحليلات، يمكن للدول النامية التي من بينها المغرب “إجراء تقييمات أولية للمخاطر والفرص المناخية”، والتي من شأنها أن تسهم في التشخيصات التمهيدية، والحوار السياسي، والتخطيط الاستراتيجي. وينتظر التقرير أن يتم استخدام هذا الملف لدعم جهود التكيف وبناء القدرة على الصمود، بما يخلق فرصاً للناس والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
ويعتبر البنك الدولي التوقعات بزيادة تكرار وشدة الجفاف في المغرب “مثيرة للقلق بشكل خاص بالنسبة لقطاع الزراعة والغابات، حيث ستؤثر على سبل عيش السكان القرويين وعلى الاقتصاد الوطني ككل”.
كما من شأن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار أن يؤدي إلى مخاطر إضافية تتعلق بتوافر الموارد المائية، وإنتاجية الزراعة والثروة الحيوانية.
وذكر أن المغرب يعمل على تحسين قدرته على التكيف مع تغير المناخ، والتقدم نحو اقتصاد أخضر. وأشار البنك الدولي إلى الأولوية في ذلك تعطى لموارد المياه والزراعة والغابات، ولقطاعات الطاقة والصحة.
كما يعتمد المغرب نهجاً قطاعياً “يتكيف مع الظروف والخصائص الخاصة بكل جهة ترابية مثل المناطق الجبلية، والسواحل، والواحات، والمناطق الزراعية، والمناطق الحضرية، عند التكيف مع تغير المناخ”، وذلك لحماية السكان، والتراث الطبيعي، والأنظمة الإنتاجية الحساسة للمناخ، بحسب نص التقرير.