تقرير غوتيريش حول الصحراء.. خبير: تجاهل مسؤولية البوليساريو في خرق وقف إطلاق النار

قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريره السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مستعرضًا أبرز مستجدات القضية الوطنية من زاوية العمل الأممي، والتطورات الميدانية، والوضع الإنساني في المخيمات، إلى جانب أنشطة بعثة “المينورسو”.
ويغطي التقرير الفترة الممتدة بين يوليوز 2024 ويونيو 2025، في سياق تتصاعد فيه الدينامية الدبلوماسية لصالح المقترح المغربي للحكم الذاتي، مقابل استمرار الخروقات شرق الجدار و”البيئة الأمنية غير المواتية” التي تحدّ من فاعلية البعثة الأممية، وفق ما سجّله التقرير ذاته.
ويتألف تقرير غوتيريش، الممتد على سبع صفحات، من مجموعة من المحاور، من بينها ما يتصل بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي متوافق عليه، إضافة إلى التطورات الميدانية في الصحراء، وأنشطة بعثة المينورسو.
في هذا السياق، يرى خالد الشيات، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن الوثيقة “لم تكن كافية أو متوازنة بالشكل المطلوب، خصوصًا فيما يتعلق بتحميل المسؤولية لجميع الأطراف المعنية بالنزاع”.
وأوضح الشيات، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن التقرير تضمّن “جوانب إيجابية مرتبطة بإرادة الأمم المتحدة في إنهاء النزاع بأدوات سياسية وتفاوضية، في انسجام مع القانون الدولي والشرعية الأممية”، لكنه في المقابل أغفل “مسؤولية الطرف الذي يتبنى النهج العسكري ويصدر بلاغات رسمية عن عمليات ميدانية”، في إشارة إلى جبهة البوليساريو.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن التقرير “لم يُبرز بشكل واضح عدم تعاون ذلك الطرف مع أجهزة الأمم المتحدة في الصحراء، سواء من الناحية العسكرية أو العملياتية، كما لم يتضمن إدانة صريحة لمثل هذه الممارسات”.
ويذكر التقرير أن الأمين العام أعرب عن قلقه من استمرار التوترات و”الاشتباكات منخفضة الحدة” بين القوات المسلحة الملكية المغربية وعناصر البوليساريو، داعيًا إلى “وقف فوري لإطلاق النار” وإعادة تفعيل مسار المفاوضات التي يقودها مبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا، كما أوصى بتمديد مهمة المينورسو حتى 31 أكتوبر 2026.
غير أن الشيات يرى أن “تمديد مهمة البعثة الأممية بالصّيغة الحالية لن يكون مجديًا، ما لم تحدث تحولات حقيقية على مستوى الدعم الدولي للمغرب ولمقترحه المتعلق بالحكم الذاتي، الذي بات يحظى بزخم دبلوماسي متزايد”.
ويعتبر أن “الحديث عن وقف إطلاق نار فعلي يظل غير ممكن في ظل انتهاكه من طرف واحد”، ما يتطلب، بحسب الشيات، “تصحيح المقاربة المتبعة، وإعادة النظر في المهام المنوطة بهذه البعثة”. وأوضح أن استمرار الطرف الآخر في خرق اتفاق وقف إطلاق النار يجعل البيئة الحالية غير مناسبة لأداء البعثة مهامها الأساسية في مراقبة احترام الاتفاق.
ويؤكد الأستاذ الجامعي أنه من الضروري “إعادة النظر في تشكيل البعثة الأممية من الناحية المفاهيمية، ومن حيث الصياغة والممارسات والمهام الميدانية”، مشددًا على أن الأمم المتحدة “مطالَبة بأن تكون أكثر جدية في الدفع نحو حل سياسي سلمي، تفاوضي، متوافق عليه وقابل للتطبيق”.
أما في حال غياب ذلك، يضيف الشيات، “فسيظل الوضع محصورًا في إطار روتين ‘السلام الشكلي’ الذي تسعى الأمم المتحدة إلى الحفاظ عليه”، وهو ما لا ينسجم مع الواقع الميداني “الذي تصنعه وتغذّيه جبهة البوليساريو بدعم مباشر من الجزائر”، على حد تعبيره.