story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

تقرير: رغم الإصلاحات الجديدة.. الإدارة المغربية لم تقطع بعد مع تعقيد المساطر

ص ص

أكد تقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن “الإدارة المغربية، رغم الإصلاحات المتعددة، لم تقطع بشكل نهائي مع التصلب البيروقراطي الذي يعمق فجوة الثقة مع المرتفقين”، موضحا أن “قانون 55.19 جاء كمحاولة لكسر الثقل المسطري، غير أن نتائجه ظلت دون المستوى المطلوب، حيث استمرت عدة إدارات في انتهاج مسالك تقليدية، متجاهلة روح القانون الجديد”.

وفي هذا السياق، أوضح التقرير أن عددا من الإدارات ما زالت تطالب المرتفقين بشهادات سبق حذفها، كشهادة العزوبة وشهادة عدم الطلاق، كما أكد أن “التصريح بالشرف، الذي اعتمده القانون كبديل عن وثائق كثيرة، لا يزال غير مُفعّل بالشكل الكافي، فضلا عن اشتراط بعض الإدارات تصحيح الإمضاء ونسخ متعددة من الوثائق، رغم التنصيص القانوني على إلغائها، ما يؤكد استمرار التقاليد الإدارية في التحكم في العلاقة مع المرتفقين”.

وانتقد التقرير الصادر بعنوان “متاهة المرتفق في دواليب الإدارة العمومية”، “تغليب التعليمات الداخلية على التشريعات القانونية، حيث يتم في كثير من الأحيان تجاهل القانون لصالح توجيهات رؤساء المصالح”، مشيرا إلى أن “هذا السلوك يكرس ازدواجية المرجعيات، ويفرغ القانون من مضمونه”، كما أبرز أن “بعض النصوص القانونية ما زالت غامضة، ما يفتح الباب لتأويلات بيروقراطية تحد من فعالية الإصلاح”.

وأوضح أن “تعثر ورش اللاتمركز ساهم بدوره في تعطيل تنفيذ تبسيط المساطر، إذ لا تزال أغلب الصلاحيات بيد الإدارات المركزية”، كما أن موظفي وحدات القرب “يفتقدون السلطة الكافية لاتخاذ قرارات إدارية، ما يؤدي إلى تراكم الملفات وتأخير مصالح المرتفقين”.

كما لفت إلى “وجود تفاوت بين الإدارات في الاستجابة لتبسيط المساطر الإجرائية، حيث تتفوق الإدارات الأمنية في سرعة المعالجة، عكس الإدارات المدنية”، موضحا أن “أداء المؤسسات لا يخضع لمعايير موحدة، بل تحكمه شخصية المسؤولين ومزاجهم الإداري، وهو ما يمثل خرقا لمبدأ تكافؤ الفرص بين المرتفقين ويعمق أزمة ثقة المواطنين في الإدارة العمومية”.

وفيما يتعلق بإدماج الرقمنة، أشار المصدر ذاته، إلى أن “الرقمنة لم تنجح بعد في إحداث تغيير جذري في عمل الإدارة، إذ لا تزال الإدارات متمسكة بالطابع الورقي، رغم توفر المنصات الرقمية”، كما انتقد التقرير “عدم الاعتراف ببعض الوثائق الإلكترونية والمواعيد المحجوزة عبر الإنترنت، وهو ما يعكس ضعف التناغم بين ورشي الرقمنة وتبسيط المساطر الإدارية”.

ورغم الإيجابيات المسجلة، كإلغاء بعض الشهادات غير القانونية وتوحيد المصنفات، فإن التقرير أوضح أن الإدارة “لم تحسم بعد في تجاوز المقاومات البيروقراطية”، كما أشار إلى أن القانون “لم يتضمن عقوبات رادعة للموظفين الذين يعطلون مسار التبسيط، فضلا عن غياب تدابير تحفيزية لتشجيع الموظفين على الانخراط الفعلي في الإصلاح، ما يُضعف من فعالية الإصلاحات المُنجزة على أرض الواقع”.

وفي غضون ذلك، دعا تقرير المركز إلى تعديل بعض مقتضيات القانون 55.19، خاصة تلك التي تمنح الإدارة سلطات تقديرية واسعة، كالمادة السابعة والمادة 16، مشددا على ضرورة إخراج قانون الإدارة الرقمية لاستكمال الإطار القانوني، كما شدد على أهمية مواكبة التبسيط بتكوين مستمر للموظفين، مع تعزيز مساهمة الذكاء الاصطناعي في تحسين المعاملات الإدارية.

وفي نفس السياق، أكد المصدر على ضرورة التصدي للمقاومات البيروقراطية، عبر توسيع صلاحيات اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر، وتحسين حكامتها، موضحا أهمية إصدار تقارير دورية لتقييم التزام الإدارات، واعتماد مؤشرات كمية دقيقة، إلى جانب تفعيل آليات التكوين والتحفيز والزجر، بما يضمن إدارة عمومية فعالة، شفافة، ومنفتحة على المرتفقين.