تقرير: المغرب يمتلك إمكانات كبيرة للاستفادة من التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة
أكدت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير لعام 2025 أن مصادر الطاقة المتجددة، بقيادة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، تسجل أسرع وتيرة نمو بين جميع مصادر الطاقة الرئيسية، مشيرة إلى أن المغرب يمتلك إمكانيات كبيرة للاستفادة من هذا التحول العالمي.
وأشار التقرير إلى أن المغرب يتمتع بموقع جغرافي استثنائي، مع إشعاع شمسي قوي وموارد ريحية واسعة، ما يوفر أرضية خصبة لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويسمح للمملكة بتوسيع إنتاجها من الكهرباء النظيفة بما يتماشى مع الطلب المتزايد.
وتؤكد الوكالة أن المغرب يمكن أن يوسّع قدراته في تصنيع مكونات الطاقة المتجددة، بما يشمل الكابلات والبطاريات، مستفيدًا من الخبرات العالمية وفرص الاستثمار في إفريقيا، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى أن مصنع كابلات الجهد المتوسط بالمغرب، المتوقع تشغيله عام 2026، سيعزز البنية التحتية الوطنية للطاقة ويدعم نمو الصناعات المرتبطة بها.
ويبرز التقرير دور الفوسفات كمورد استراتيجي للمملكة، حيث يمكن استغلاله في صناعة بطاريات فوسفات الليثيوم والحديد (LFP)، ما يرفع القيمة المضافة محليًا ويعزز سلسلة التصنيع للطاقة النظيفة.
كما أشارت الوكالة إلى أن المغرب يستطيع تطوير إنتاج حمض الفوسفوريك النقي، وهو مكون رئيسي لهذه البطاريات، كما يمكن تطوير الجرافيت المستخرج من بعض الدول الإفريقية إلى مادة الأنود اللازمة لجميع أنواع بطاريات الليثيوم أيون.
وأوضح المصدر ذاته أن الانتقال نحو الطاقة المتجددة في المغرب يشمل تطوير البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك مرافق التخزين والشبكات الذكية، لضمان استقرار الشبكة الكهربائية، ومواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء النظيفة، وتحسين مرونة الاقتصاد الوطني.
وفي قطاع المباني، أشار التقرير إلى أن المغرب وضع معايير جديدة لكفاءة أنظمة التبريد والتكييف، بما يساهم في التخفيف من آثار موجات الحر والظواهر الجوية المتطرفة، وذلك بالتوازي مع خطوات مماثلة في نيجيريا وماليزيا، ما يعكس التزام الدول ذات الاحتياجات المتزايدة للطاقة بالتحول نحو كفاءة استهلاك الطاقة.
وفي قطاع النقل، يوضح التقرير أن المغرب يمكن أن يستفيد من الانتقال نحو السيارات الكهربائية والبنية التحتية للشحن، بما يعزز دمج الطاقة المتجددة مع أنظمة التنقل الحديثة. ويرصد التقرير تجارب دولية مشابهة، مثل إعفاء نيجيريا للسيارات الكهربائية من ضريبة القيمة المضافة، وبرنامج PM E-Drive في الهند.
ويشير التقرير إلى أن تطوير سلسلة توريد المعادن في إفريقيا، بما فيها المغرب، يمثل فرصة كبيرة لتعزيز القيمة المضافة محليًا، وخلق فرص عمل جديدة، وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية. فقد ارتفع تكرير النحاس في إفريقيا من 60% من الإنتاج إلى توقعات تصل إلى 80% بحلول 2040، والكوبالت من 3% إلى 13%، والجرافيت المستخدم في البطاريات إلى 130 ألف طن، بما يدعم تطوير الصناعات المحلية للطاقة النظيفة.
ويؤكد التقرير أن المغرب يستفيد من التجارب العالمية ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يعزز موقعه كمركز إقليمي للطاقة النظيفة في إفريقيا والشرق الأوسط، في وقت تشهد فيه الصين فائضًا كبيرًا في إنتاج الألواح الشمسية والبطاريات، ما يحافظ على تنافسية الأسعار عالميًا، لكنه يثير مخاوف هيمنة بعض الأسواق.
ويضيف التقرير أن تعزيز التصنيع المحلي للطاقة المتجددة والبطاريات يمكن أن يحسن مرونة المغرب الاقتصادية، ويقلل الاعتماد على الواردات، ويواكب التطورات العالمية في تقنيات الطاقة الشمسية والبطاريات، في وقت تستمر فيه أسعار الطاقة الشمسية الكهروضوئية بالانخفاض بنسبة 45% مقارنة بعام 2023، بينما تواجه مشاريع طاقة الرياح البحرية تحديات مرتبطة بالسياسات والاستثمار.
ويخلص التقرير إلى أن المغرب يمتلك الإمكانيات ليكون نموذجًا إفريقيًا للانتقال الطاقي، من خلال دمج الطاقة النظيفة، وتطوير الصناعات المرتبطة بها، وتعزيز الإطار القانوني والتنظيمي الداعم للتحول الوطني المستدام، مع استغلال موارده المعدنية، وتعزيز سلسلة القيمة المحلية، وخلق فرص عمل مستدامة.