تصريحات مديرة أكاديمية تفتح نقاشًا حول “ريادة” المدرسة العمومية وتكريس “الفوارق الاجتماعية”

أثار الخروج الإعلامي الأخير لمديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وفاء شاكر، جدلاً كبيرًا داخل الحقل التعليمي، حول مشروع مدار س “الريادة”، بعدما أكدت أن “مستوى تلميذ واحد من مدارس الريادة يعادل مستوى 80 تلميذًا من المدارس الأخرى”.
وجاء حديث شاكر في سياق تقديمها لنتائج تقييمات وطنية ودولية، أظهرت بحسبها أن تلاميذ مدارس الريادة سجلوا تحسنًا بنسبة 30% في مادة الفرنسية، و28% في الرياضيات، و22% في العربية، مقارنة بزملائهم خارج هذه البرامج.
وفي هذا الصدد، اعتبر مصطفى الأسروتي، عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن تصريحات مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وفاء شاكر، حول نجاح مدارس الريادة “مؤسفة جدًا”، مؤكدًا أنها “تكرس رسميًا مبدأ عدم تكافؤ الفرص بدل نفيه، مما يبرز وجود فئتين من التلاميذ: فئة محظوظة وفئة مهمشة”.
وأضاف الأسروتي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن ما أرادت المديرة تقديمه كدليل على نجاح التجربة، أصبح في الواقع حجة ضدها، وأثبت أن هذه المدارس تمثل مشروعًا يضرب في صميم مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع أبناء الشعب المغربي.
خطر عدم التكافؤ
وأشار المتحدث إلى أن مدارس الريادة تقسم التلاميذ إلى فئتين: فئة تتابع دراستها في ظروف متميزة داخل هذه المدارس، وأخرى تدرس في مؤسسات عادية لا تتوفر على نفس الإمكانيات، ما يكرّس الفوارق الاجتماعية ويضعف مبدأ تكافؤ الفرص.
وأكد المسؤول النقابي أن المنهجية المعتمدة داخل مدارس الريادة “مستوردة من تجربة أجنبية، وتحديدًا من الهند”، غير أن نجاحها في بيئة معينة بحسبه لا يعني نجاحها في بيئة أخرى، نظرًا لاختلاف السياقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وحتى الدينية بين البلدين.
أما بخصوص التقييمات، يرى الأسروتي أن “الوزارة تدّعي وجود تقييمات تثبت نجاح التجربة، إلا أن الواقع يشير إلى غياب أي تقييم خارجي مستقل وموضوعي”، مؤكدا أن “التقييمات أجريت إما من قبل الوزارة نفسها أو جهات متعاقد معها، ما يجعلها غير محايدة”.
وأضاف أنه رغم إعلان الوزارة عن تجهيزات متطورة، أقسام محدودة العدد، وألواح تفاعلية حديثة، “فإن الواقع كشف أن العديد من هذه الوعود لم تتحقق بعد”، وأن أغلب المدارس ما زالت تعاني من مشاكل بنيوية مع كل دخول مدرسي جديد.
خرق للقانون
وأكد مصطفى الأسروتي، أن مشروع خارطة الطريق 2022-2026 التي تشكل مدارس الريادة جزءا منه يشكّل في جوهره “خرقًا للقانون الإطار المنظم للتعليم في المغرب”.
وأوضح أن هذا القانون استغرق سنوات طويلة من المشاورات والدراسات والمناقشات البرلمانية قبل اعتماده، وكان من المفترض أن تعمل الحكومة على تنزيل مضامينه عبر إصدار المراسيم التطبيقية اللازمة، خصوصًا أن العديد منها ما يزال معلقًا حتى اليوم.
وأضاف الأسروتي أن تقديم مشروع جديد تحت مسمى خارطة الطريق يعد أمرًا “غير مقبول”، لأنه يتجاوز المرجعية القانونية الرسمية المتمثلة في القانون الإطار، “ما يثير مخاوف حول الالتزام بالضوابط القانونية والبرامج الإصلاحية المعتمدة”.
تعزيز الإنصاف المدرسي
وفي نفس السياق، وجهت نادية بزندفة، النائبة البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة، سؤالًا شفويًا آنياً إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، بشأن تصريح مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
وأوضحت النائبة أن “التصريح المثير للجدل تضمن مقولة مفادها أن تلميذًا واحدًا من مؤسسات الريادة يعادل مستوى 80 تلميذًا من مدارس أخرى غير رائدة”، معتبرة أن هذا التصريح يحمل نظرة تمييزية ويبعث برسائل محبطة للتلاميذ وأسرهم الذين لا يدرسون في المدارس الرائدة.
وأشارت في الوقت ذاته، إلى أن هذا الأمر “يتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص الذي نص عليه دستور المملكة وتؤكده كل البرامج الإصلاحية التي عرفها قطاع التعليم”.
وتساءلت بزندفة، في هذا الإطار، عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لتعزيز الإنصاف المدرسي، وضمان عدم التمييز أو المفاضلة بين المؤسسات التعليمية.