بينهم طلاب وصحافيون.. قصص شباب متابعين قضائيًا بسبب احتجاجات “جيل Z”

أعقبت احتجاجات حركة “جيل Z” التي اندلعت خلال الأسابيع الأخيرة في عدد من المدن المغربية، حملة واسعة من الاعتقالات والمتابعات القضائية في صفوف الشباب، بينهم طلاب وصحافيون وعمال، على خلفية مشاركتهم أو تعبيرهم عن دعمهم لهذه الاحتجاجات التي رفعت شعارات تطالب بالصحة، والتعليم، والكرامة، ومحاربة الفساد، وغيرها.
وقد تحولت الوقفات الاحتجاجية، التي بدأت سلمية، إلى محط متابعة قضائية واسعة واعتقالات جماعية، ما أثار جدلاً كبيرًا حول احترام الحق في التعبير والتظاهر في الفضاء العام بالمغرب.
وتشير معطيات حقوقية إلى أن هناك قصصًا عديدة لمتابعات قضائية بعدد من مدن واقاليم المملكة، في حق أشخاص فرقتهم الجغرافيا وجمعتهم وحدة المطالب والمشاركة في الاحتجاجات، حيث تم توجيه تهم تتعلق بالتحريض على التظاهر أو استعمال وسائل إلكترونية لنشر الدعوات للاحتجاج، وغيرها.
وفي هذا السياق، قضت المحكمة الزجرية الابتدائية بعين السبع بالدار البيضاء، بخمس سنوات سجنًا نافذا في حق الشاب (م.ب)، الذي تم توقيفه بمدينة كلميم قبل انطلاق الاحتجاجات بيوم واحد، بتهمة “التحريض على التظاهر بواسطة الأنظمة المعلوماتية”.
وبحسب معطيات حصلت عليها صحيفة “صوت المغرب”، فإن الشاب البالغ من العمر 23 سنة يدرس في السنة الثالثة الجامعية، وحاصل على دبلوم في أنظمة المعلوميات وإجازة مهنية في الذكاء الاصطناعي، ويُعتبر، وفق معطيات السلطات، “المطوّر والمصدر للفيديوهات الخاصة بالحركة المعروفة باسم GenZ212”.
وأكد عضو هيئة دفاعه، المحامي محمد النويني، أن الملف “خلا من أي مؤيدات تثبت التهم المنسوبة إليه”، مشيرًا إلى أن “الدعوة إلى الاحتجاج السلمي لا تُعد فعلًا مجرّمًا، بل حقًّا دستورياً أصيلاً”، معتبرًا في الوقت ذاته، أن الحكم “جانَب الصواب” وأن هيئة الدفاع ستطعن فيه بالاستئناف.
وفي الرباط، يتابع ثلاثة شبان، من بينهم مستخدم بمطبعة، بعد اعتقالهم يوم 4 أكتوبر 2025، بسبب ارتداء اثنين منهم قمصانًا تحمل شعاري “الحرية لفلسطين” و“التعليم والصحة أولاً”.
ويتابع الثلاثة بتهمة “المشاركة في التحريض على ارتكاب جنح وجنايات بواسطة ملصقات معروضة على العموم”، استنادًا إلى الفصول 299 و1-299 و129 من القانون الجنائي.
وأكد اثنان منهم خلال الاستماع إليهما أنهما “طبعا القمصان بشكل شخصي وعفوي، دون أي نية تحريض أو مشاركة في الاحتجاجات”، فيما أوضح العامل بالمطبعة أنه “أنجز الطباعة بشكل مهني ولم يكن على علم بمضمون العبارات”.
وبخصوص استعماله لتطبيق “ديسكورد” الذي تم التحقيق معه بخصوصه بعد تفتيش هاتفه، أوضح أحد المعتقلين الذي لا يتجاوز سنه 21 سنة، أنه “يستخدمه لأغراض دراسية تتعلق بمجال الطباعة المعلوماتية”، نافياً علاقته بأي نشاط تحريضي أو دعائي.
أما في مدينة العيون، فقد أصدرت المحكمة الابتدائية، يوم الخميس 16 أكتوبر 2025، حكمًا يقضي بسجن الصحافي محمد اليوسفي أربعة أشهر نافذة، بعد متابعته بتهمة “التحريض على الاحتجاج” إثر نشره تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعا فيها إلى “الاحتجاج السلمي دعمًا لحراك جيل Z”.
وجرى توقيف اليوسفي يوم 29 شتنبر 2025، وتقديمه أمام وكيل الملك الذي قرر متابعته في حالة اعتقال، ليتم إيداعه السجن المحلي بمدينة العيون.
وتأتي هذه الأحكام والمتابعات في وقت تشير فيه معطيات حقوقية إلى أن عدد الموقوفين على خلفية احتجاجات “جيل Z” تجاوز 600 شخص، من بينهم أكثر من 120 قاصرًا، وفق ما أكده المحامي محمد النويني.
وتثير هذه القضايا جدلاً متزايدًا حول حدود حرية التعبير والاحتجاج السلمي في المغرب، إذ يرى حقوقيون أن موجة الاعتقالات تعكس “تراجعًا مقلقًا في مساحة الحريات”، فيما تؤكد الجهات الرسمية أن المتابعات “تتم في إطار احترام القانون والحفاظ على النظام العام”.
ومن المرتقب أن تشهد الأيام المقبلة جلسات استئناف ومرافعات حاسمة قد “تحدد اتجاه التعاطي القضائي مع تعبيرات الشباب في الفضاء العمومي”، وسط دعوات متزايدة لضمان التوازن بين احترام الحقوق الدستورية ومتطلبات الأمن العام.