بحث ميداني يكشف نسبة “رضا مرتفعة” في صفوف الأسر المستفيدة من الدعم المباشر

كشف البحث الميداني أنجزه المرصد الوطني للتنمية البشرية حول برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، خلال سنته الأولى من التنفيذ، عن نسبة “رضا مرتفعة” في صفوف الأسر المستفيدة، مسجلًا “تأثيرًا إيجابيًا” على مجموعة من مؤشرات العيش الأساسية.
في هذا السياق، اعتبر عثمان كاير، رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، أن برنامج “الدعم الاجتماعي المباشر أدى وظيفته الاجتماعية في هذه المرحلة الحرجة”، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تحسين جودته وتعزيز حكامته وضبط آليات استهدافه لضمان نجاعة أكبر.
وشدد المتحدث خلال تقديمه لنتائج البحث ضمن ندوة نظمها المرصد الأربعاء 2 يوليوز 2025، على أن العلاقة بين هذا الدعم وتحسين مستوى عيش الأسر الهشة لا تُقاس فقط بقيمة المبلغ المالي، بل بمدى تأثيره في حياة فئات لا تتوفر على أي دخل قار، حيث تشكل المساعدات المادية دخلها الأساسي والأولي.
وأشار إلى أن الدعم الذي يتراوح بين 500 و1200 درهم للأسرة، حسب تركيبتها، قد يبدو محدودًا للبعض، “لكنه يُحدث فارقًا حقيقيًا في السياقات الهشة والمجالات الترابية الفقيرة”، مضيفا أن “البرنامج يظل إجراءً مرحليًا ضمن رؤية أكبر، تهدف إلى إدماج هذه الأسر تدريجيًا في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وجعلهم في غنى عنه مع مرور الوقت”.
نسبة رضا مرتفعة
وفي تفاصيل البحث الميداني، عبرت 87,46% عن رضاها العام عن الدعم المالي المباشر الذي تقدمه الدولة، فيما أكد 95% من أرباب الأسر المشاركين في الدراسة أن مسار معالجة طلبات التسجيل يتم بطريقة شفافة.
وأوضح البحث أن المعلومات المتعلقة بالبرنامج كانت واضحة وسهلة الفهم لدى فئة واسعة من المستجوبين، حيث صرّح 39,72% بأنها “واضحة جداً”، و53,43% بأنها “واضحة إلى حد ما”.
ووفقًا لنفس البحث، فقد حقق البرنامج أثرًا إيجابيًا واضحًا على عدة أبعاد من ظروف العيش، حيث أفادت 89% من الأسر بتحسن في مستوى العيش، (من بينها 31% أكدوا أنه تحسن ملحوظ)، كما أشار 92% من المستجوبين إلى تحسن في الأمن الغذائي، (28% منهم اعتبروه “تحسنًا ملحوظًا”)، كما ساهم البرنامج في دعم تمدرس الأطفال لدى 82% من الأسر.
أما من حيث الإنصاف في الولوج، فقد عبّرت 90,4% من الأسر عن اعتقادها بأن البرنامج “منصف”، إلا أن “إجراءات التسجيل ما تزال تشكل تحديًا حقيقيًا”، إذ وصف 5% فقط من المستجوبين العملية بأنها سهلة، في حين اعتبر 67% أنها متوسطة التعقيد، ما دفع الغالبية إلى طلب المساعدة الخارجية خلال عملية التسجيل عبر المنصة الرقمية.
ورغم هذه الصعوبات، فإن شروط الاستفادة كانت واضحة بالنسبة لنحو ثلثي المستفيدين (67%)، دون تسجيل فروق ملحوظة بين الرجال والنساء أو بين المناطق الحضرية والقروية.
مؤشر الرضا الاجتماعي الوطني
ولفت المرصد الوطني للتنمية البشرية إلى أن مؤشر الرضا الاجتماعي الوطني (INSS)، الذي قام بتطويره لقياس رضا المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، قد سجّل 71 نقطة من أصل 100 بالنسبة لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر، خلال سنته الأولى من التنفيذ.
ويهدف هذا المؤشر الجديد، وفق ما أعلن عنه المرصد خلال عرضه لنتائج البحث الميداني، إلى تقديم أداة كمية لقياس رضا المرتفقين، من خلال خمسة أبعاد أساسية هي: سهولة الولوج، الأثر، الجدوى، الملاءمة، والشفافية.
وأكد المرصد أن تحليل المعطيات أظهر تباينًا في تأثير هذه الأبعاد الخمسة على مستوى الرضا العام، مبرزا أنه بينما حققت جوانب الملاءمة وانتظام الخدمات أداءً جيدًا، فإن أبعادًا أخرى مثل سهولة الولوج والشفافية ما زالت تتطلب تحسينات، خصوصًا إذا ما أُريد رفع القيمة الإجمالية للمؤشر.
وشدد التقرير على أن تعزيز سهولة الولوج يُعدّ أولوية لتحسين أداء البرنامج من منظور المرتفقين، إلى جانب ترصيد الأثر المحسوس للدعم لدى الفئات المستفيدة، وضمان مزيد من الشفافية في تقديم وتدبير الخدمات.
توصيات
وأوصى المرصد الوطني للتنمية البشرية بمجموعة من الإجراءات والتدابير الهامة لتعزيز فعالية البرنامج وتحسين مردوديته على المستفيدين، مشددا على ضرورة تطوير آلية للمساعدة الاجتماعية القريبة من المستفيدين، بهدف تعزيز التواصل حول البرنامج، مع إشراك الفاعلين والامتدادات المحلية لمواكبة سكان المناطق النائية والبعيدة بشكل أفضل.
كما أوصى بضرورة تعزيز المشاركة المدنية للجمعيات المحلية، من خلال دعمها لابتكار آليات تسهل الولوج إلى الخدمات الرقمية للبرنامج، خصوصًا في ظل التحديات التقنية التي تواجه بعض الأسر.
ودعا إلى إرساء برامج تنمية المهارات والتمكين الاقتصادي، لإتاحة فرص أفضل للأسر المستفيدة وتحسين قدرة البرنامج على تحقيق نتائج إيجابية في التنمية البشرية على المدى البعيد.
وشدد البحث على أهمية تعزيز التقائية البرامج الاجتماعية، عبر تطوير إطار موحد ينسق بين برنامج الدعم الاجتماعي المباشر وبرامج أخرى مثل “أمو – تضامن”، بهدف تقليص التداخل وضمان تغطية شاملة وعادلة للفئات المستهدفة.
كما أوصى بـتطوير آليات لتحيين معايير أهلية المستفيدين بشكل فوري، بحيث تعكس التغيرات المستمرة في ظروف معيشة الأسر، لضمان استهداف أدق وأشمل.
ودعا إلى إرساء منظومة وطنية لتتبع وتقييم برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، مع تعزيز البحث التطبيقي لتقييم الأثر الفعلي للدعم الاجتماعي على الفئات المستفيدة.
وأخيرًا، أكد البحث على ضرورة تحسين المشاركة المواطنة في حكامة البرنامج على المستوى الترابي، بهدف ضمان تملك اجتماعي أفضل، ورفع مستوى الشفافية والثقة في مسار تنفيذ البرنامج.