story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

انتفاضة 1952 بالدارالبيضاء.. محطة مفصلية في تاريخ الكفاح المغاربي المشترك

ص ص

يحيي المغرب، يومي السابع والثامن من دجنبر الجاري، الذكرى الثالثة والسبعين لانتفاضة دجنبر 1952 بالدار البيضاء ضد الاستعمار الفرنسي، عقب اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد يوم 5 دجنبر 1952، وهي الانتفاضة الشعبية التي شكلت لحظة فارقة، عبّر فيها المغاربة عن رفضهم للهيمنة الاستعمارية، وكانت مدينة الدار البيضاء مسرحا لهذه المواجهات التي خلفت أثرا كبيرا في الذاكرة الوطنية.

وبدأت الشرارة الأولى فور وصول خبر اغتيال فرحات حشاد إلى الدار البيضاء بعد زوال 5 دجنبر 1952، الذي كان أحد أبرز قادة الحركة النقابية المغاربية، ومؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل، كما كرّس حياته للدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية، وبناء حركة نقابية قوية في المنطقة.

وعمل حشاد بقوة من أجل تأسيس اتحاد نقابي على مستوى شمال إفريقيا، يجمع كل النقابات التي نشأت بالمغرب والجزائر وليبيا. هذا الطموح الريادي جعله هدفا للآلة الاستعمارية، التي أقدمت على اغتياله لإسكات صوته وإضعاف مسار التحرر المغاربي.

8 دجنبر.. يوم الانفجار الشعبي

وقد شكّلت جريمة اغتيال الزعيم التونسي لحظة انفجار شعبي، خاصة بعد تراكم سياسات الاستعمار من مصادرة الأراضي وطرد الأسر واعتقال المناهضين، إضافة إلى التضييق على الحريات العامة. فأدى ذلك إلى تعبئة واسعة في أحياء الدار البيضاء، حيث انخرط المناضلون في توزيع المناشير وكتابة الشعارات على الجدران.

وآنذاك، دعا الاتحاد العام للنقابات المغربية إلى جعل يوم 8 دجنبر يوما وطنيا للحداد والإضراب لمدة 24 ساعة، كما طالب الاتحاد بتدخل الأمم المتحدة في النزاع بين الشعبين التونسي والمغربي وبين الحكومة الفرنسية.

وفي 7 دجنبر، تجمع نحو ألفي عامل بشارع “لاسال” الذي يحمل اليوم اسم فرحات حشاد، لتندلع مواجهات عنيفة مع الشرطة مساءً، استُعمل فيها الرصاص الحي، ومع تزايد أعداد المحتجين، تدخلت قوات “الكوم” (Les Goumiers) -وحدات عسكرية مغربية شبه نظامية- لتؤدي المواجهات إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى تلك الليلة.

وبحلول الثانية صباحا من اليوم الموالي، فرضت القوات الاستعمارية هدوءا نسبيا بعد محاصرة منطقة “كريان سنطرال” في الحي المحمدي، بالمدفعية الثقيلة، غير أن الاشتباكات تجددت في التاسعة صباحا، لترتفع حصيلة الضحايا من جديد.

ومع ذلك، ظل السكان متمسكين بمواصلة الاحتجاج رغم بطش القوات الاستعمارية، ليستمر عدد ضحايا هذه الاحتجاجات في الارتفاع.

ولاء مستمر للصحراء وفلسطين

وبمناسبة تخليد هذه الذكرى، اعتبر الاتحاد المغربي للشغل (UMT) أن انتفاضة 8 دجنبر 1952، التي سجلت مئات الشهداء وكانت من أعنف المواجهات التي خاضتها الطبقة العاملة ضد الاستعمار، هي ذكرى تجديد ارتباطه بجذور النضال الوطني، وربطها بمواقفه الحالية في الدفاع عن الصحراء المغربية ومساندة الشعب الفلسطيني.

وقال الاتحاد المغربي للشغل في بلاغ له، إن “هذه الذكرى ليست فقط محطة لاستحضار إحدى أبرز لحظات الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، بل مناسبة لتجديد الارتباط بالقيم التي حملتها تلك الانتفاضة، وفي مقدمتها التضحية والنضال من أجل الحرية والتضامن مع قضايا الشعوب المقهورة”.

كما اعتبر الاتحاد أن الانتفاضة تعد “إرثا تاريخيا مشروعا للطبقة العاملة المغربية، وفي طليعتها الاتحاد المغربي للشغل، كجزء هام من حركة التحرير الوطنية والذي يستمر بنفس الوفاء في الدفاع والترافع عن الوحدة الترابية وعن الصحراء المغربية”.

وأكد البلاغ أنه، “إذا كانت أحداث 8 دجنبر 1952 قد سجلت بمداد الفخر للطبقة العاملة المغربية دورها الريادي في الكفاح الوطني، فهي اليوم، وفي غمرة تخليدها لهذه الذكرى المجيدة، تواصل مساندتها، بقيادة الاتحاد المغربي للشغل، لكفاح الشعب الفلسطيني الباسل”، مضيفا، أنها تسانده في مواجهة الهجوم الوحشي الصهيوني حتى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

وفي هذا الإطار، أعلن الاتحاد المغربي للشغل تخليد المناسبة عبر تنظيم تظاهرات نقابية في متحف الاتحاد بالدار البيضاء وبمختلف الاتحادات المحلية والجهوية، يوم 8 دجنبر 2025، وذلك إحياء لهذه المحطة التاريخية التي تحمل رمزية نضالية قوية.

استحضار فصول الكفاح المغاربي المشترك

من جانبها، ترى المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن هذه المحطة البطولية، التي مرت عليها 73 سنة، تعيد إلى الذاكرة صور التضامن العميق والتلاحم الوثيق بين الأشقاء بالمغرب الكبير وتكاثفهم وتآزرهم في مواجهة الشدائد ومقارعة النوائب، إدراكا منهم لأهمية الكفاح المشترك سبيلا لصون مقدساتهم الدينية وثوابتهم الوطنية”.

واعتبرت أن تخليد هذه الذكرى الغالية، هو استحضار الآمال التي ظلت الشعوب المغاربية تتطلع إليها منذ عدة عقود بتحقيق الوحدة والتكامل، والتي ظلت مجرد مشروع يتأجل باستمرار جراء نزاعات هامشية مفتعلة.

وأكدت أن المغرب الذي ظل دائما قلعة شامخة للجهاد وعرينا منيعا للمقاومة والنضال، ليجدد استعداده وجاهزيته للتعاضد والتضامن مع الأشقاء المغاربيين في أفق بناء الوحدة المنشودة والسعي لتدارك الفرص الضائعة وتجاوز النزاعات المجانية التي ظلت تقف حجر عثرة في وجه تكامل واندماج اقتصادي حقيقي بمنطقة المغرب الكبير.