story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

اللغة الأمازيغية.. تاريخ من النضال بحصيلة دون مستوى الانتظار

ص ص

عرف موضوع ترسيم اللغة الأمازيغية في المغرب محطات كثيرة ضمن مسلسل نضالي طويل قادته الحركة الثقافية الأمازيغية منذ عقود من الزمن، يهدف إلى النهوض باللغة الأمازيغية وجعلها لغة رسمية في البلاد باعتبارها أحد أركان الهوية المغربية المتعددة الروافد، لكن ما تحقق حتى الآن يبقى دون انتظارات الحركات الأمازيغية التي تطالب بتنزيل كل المشاريع القانونية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

هذا المسلسل النضالي توج قبل أشهر قليلة بقرار ملكي أقر من خلاله الملك محمد السادس رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، على غرار السنة الميلادية والسنة الهجرية، حسب ما جاء في بلاغ للديوان الملكي يوم 03 ماي 2023، والذي نص على أن الملك “تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية”.

وأثير موضوع إقرار اللغة الامازيغية في المغرب منذ بداية عهد الاستقلال، حيث كانت تعيش “الإقصاء” و”التهميش”، ولم تكن ضمن أولويات الحكومات المتعاقبة آنذاك وبرامجها، وساد نقاش حاد بين تيارين مختلفين، أحدهما محافظ يرى أن المغرب دولة عربية مسلمة ويجب أن تبقى كذلك، معتبرا أن الاعتراف باللغة الأمازيغية من شأنه أن يشكل شرخا في جسد الوطن يقسم المغاربة إلى عرب وأمازيغ، والآخر يمثل تيار الحركات الأمازيغية التي تقول إن المملكة المغربية ذات أصول أمازيغية وأن الأمازيغ هم السكان الأصليون.

وظل هذا النقاش مقتصرا على الكتابة والتنظير في إطار الأخذ والرد دون أن يجد طريقه نحو الإقرار الدستوري، بحكم السياقات والظروف السياسية التي عاشها المغرب. ذلك أن الدساتير المغربية السابقة كانت كلها تشدد على اللغة العربية فقط كلغة رسمية وحيدة للبلاد، دون غيرها من اللغات أو اللهجات الأخرى المشكلة للثقافة والهوية المغربية.

وانتظرت المسالة الأمازيغية بالمغرب ما يقرب من أربعة عقود كي تعرف نوعا من الانفتاح، حينما أعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن تخصيص نشرة إخبارية يومية باللهجات الأمازيغية الثلاث (تاريفيت، تامازيغت وتاشلحيت) لأول مرة في التلفزيون العمومي، سنة 1994.

ومع بدابة العهد الجديد الذي تميز بتولي الملك محمد السادس سدة الحكم سنة 1999، بدأت الدولة المغربية تولي أهمية للغة الأمازيغية، وتجلى ذلك في مجموعة من المحطات كان أولها خطاب أجدير أثناء الزيارة الملكية إلى هناك في 17 أكتوبر 2001، والذي دعا فيه الملك محمد السادس إلى النهوض بالثقافة الأمازيغية وترسيخها.

سنة ذلك، باشرت المملكة المغربية إجراءات عملية لتنزيل مضامين هذا الخطاب، عبر تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2002، قبل أن تقرر في السنة الموالية (2003) إدراج اللغة الأمازيغية وتدريسها في المناهج الدراسية الخاصة بالمرحلة الابتدائية.

ولتحقيق انتشار أوسع للغة والثقافة الأمازيغية، تم على المستوى الإعلامي إطلاق القناة التلفزيونية الثامنة “تامازيغت” الناطقة باللغة الأمازيغية، سنة 2010، بعد تسع سنوات على خطاب أجدير. لكن ما تحقق إلى حدود سنة 2010، كان دون تطلعات الحركة الثقافية الأمازيغية، التي كانت تدعو في كل مناسبة أو بدون مناسبة إلى ضرورة دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية.

ولما هبت رياح الربيع العربي على المغرب سنة 2011، سارع الملك محمد السادس إلى الاستجابة لمطالب الشارع عبر تعديل دستوري حمل مجموعة من المستجدات من بينها إعطاء مكانة أرقى للغة والثقافة الأمازيغية، عبر دسترتها كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية، حيث نص الفصل الخامس من دستور 2011 على أن اللغة الأمازيغية “تعد (…) أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة من دون استثناء”، مشددا على “أن يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجال الحياة العامة ذات الأولوية، لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية”.

ورغم كل ما قامت بها الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام في المغرب منذ 2011، من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، إلا أن ذلك يبقى دون تطلعات التيارات الأمازيغية التي تطمح إلى ترجمة كلّ المضامين الدستورية والمقتضيات القانونية حتى تتمكن اللغة الأمازيغية مستقبلا من أداء أدوراها ووظائفها كلغة رسمية.

وبالرغم من التوجيهات الملكية التي وجهها الملك محمد السادس لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، في بلاغ 03 ماي المنصرم، من أجل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة قصد تفعيل قرار جعل رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، إلا أن تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، لا زال يواجه العديد من التحديات التي تحيل دون استكماله، منها مسألة التوافق حول حرف “تيفيناغ” وطريقة كتابته، وتطبيق اللغة الأمازيغية في كافة المراحل الدراسية، واستعمالها في الإدارات العمومية والوثائق الرسمية.