story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

“الفيل الإفريقي”

ص ص


مدينة بلباو الباسكية في إسبانيا، نامت أمس على وقع احتفالات صاخبة بتأهل فريقها “القومي” الأتليتيك، إلى المربع الذهبي للدوري الأوروبي، إثر مباراة كبيرة احتضنها ملعب “سان ماميس” أقصى فيها العملاق الأسكتلندي كلاسكو رانجرز بهدفين لصفر، بعدما كانت مباراة الذهاب بمدينة ݣلاسكو قد انتهت بالتعادل السلبي صفر لمثله.

الإنجاز الباسكي كان المغربي مروان السنادي أبرز صانعيه، بالنظر لما قدمه من مستوى مذهل طيلة الدقائق 75 التي شارك فيها، واستحق عليها تصفيقات طويلة من جمهور “الكاتدرائية” الذي يحيطه بعطف خاص منذ التحاقه بأتليتيك بلباو في انتقالات الميركاتو الشتوي قبل شهرين، بعدما لمس فيه ذلك اللاعب الخلوق المجتهد الذي يبذل سخاءا بدنيا مثيرا في الملعب من أجل إثبات مكانته ضمن واحد من أعرق الأندية الإسبانية.

قصة اللاعب مروان السنادي المنحذر من أسرة مغربية بسيطة، مع كرة القدم تبدو مثيرة في الكثير من تفاصيلها، فقد إطلعت على جوانب منها عندما أخبرني أحد الأصدقاء بمدينة فيتوريا قبل سنتين، عن شاب مغربي يلعب في الفريق الثاني لنادي ألافيس ببطولة القسم الرابع الفيدرالي، وبعد مشاهدة بعض مبارياته مع نادي باراكالدو بالقسم الثالث الذي ذهب إليه معارا، اكتشفت أنني أمام قلب هجوم من فصيلة ناذرة، وبتعبير أدق “مهددة بالإنقراض”، واستغربت كيف للاعب هداف بهذه المميزات الجسمانية أن يلعب في الأقسام السفلى دون أن يثير اهتمام الأندية الكبيرة في إسبانيا وأوروبا.

جاء الجواب على استغرابي في بداية شهر فبراير الماضي، عندما التقطته عيون مدرب خبير من قيمة أرنستو بالبيردي، الذي كان يبحث منذ مدة طويلة لناديه أتليتيك بلباو عن مهاجم ب “بروفايل” معين، فوجده في مروان السنادي .. كان يحتاج لقلب هجوم ببنية جسدية كبيرة ومتفوق في النزالات الثنائية، ويلعب بسخاء بدني كبير للضغط على المدافعين وإقلاقهم بالطلب المستمر على الكرات، وذلك من أجل أن يفتح الممرات للأخوين نيكو وإنياكي ويليامز ولاعبي الوسط الهجومي بالإختراقات من الخلف.

استغراب الجمهور الباسكي من صفقة لاعب قادم من القسم الثالث في وسط الموسم، (وأيضا بعض التعليقات العنصرية التي لم تستصغ التوقيع مع لاعب مغربي)، انتهى منذ إقحامه في المباراة الأولى ضد نادي جيرونا، وتأكد الجميع في بلباو أن مدربهم بالبيردي وجد العصفور الناذر الذي يبحث عنه، وأنه وقع على صيد ثمين كان متواريا عن الأنظار في الأقسام السفلى، وهم يقفون اليوم لتحيته والتنويه بما يقدمه من مساهمات مؤثرة في كل المباريات التي يفوز بها “الأتليتي”، وحتى المحللون في القنوات التلفزيونية الإسبانية يقولون إنهم أمام حالة ناذرة للاعب اندمج سريعا في أجواء بطولة قوية وصار من أبرز لاعبي فريقه، ويلعب أمام جماهير كبيرة، وهو الذي كان يلعب قبل شهرين في القسم الثالث، أمام “كمشة” من المتفرجين.

الأقدار جادت على المغرب مرة أخرى بلاعب عالمي لم يكن في الحسبان. وما يقدمه مروان السنادي من تطور رهيب، واندماج سريع في تشكيلة ناد عريق كأتليتيك بلباو، يشير إلى روح قتالية مكافحة نحن في أمس الحاجة إليها في الفريق الوطني. خصوصا أن الولد له مميزات القوة البدنية والتفوق المبهر في الإلتحامات الثنائية التي تميز اللعب الإفريقي، وتظهر فعاليته كثيرا ضد الدفاعات المتكثلة التي عجزنا عن فك شفرتها كثيرا منذ العودة من مونديال قطر.

الناخب الوطني وليد الرݣراݣي سألوه يوم الثلاثاء الماضي في حوار مع برنامج “شيرينغيتو” عن مروان السنادي، فكان جوابه أن ذكر أنه له مميزات خاصة، وأنه محط متابعة من طرف الطاقم التقني للفريق الوطني، وقد يحظى بفرصته هو الآخر عندما يحين وقت ذلك.

مروان السنادي الذي يلقبه الجمهور الباسكي في وسائل التواصل الإجتماعي ب”الفيل الإفريقي”، سننتظر في شهر يونيو والتجمع الإعدادي للمنتخب المغربي، أن يعود إلى موطنه وبيئته الأصلية ليحمل قميص بلاد آبائه وأجداده، وأراهن بالنظر لما عرفته شخصيا عن حبه الوثيق للمغرب، وتشبثه بهويته المغربية، أنه سيكون أنجح الوجوه التي لعبت في الفريق الوطني خلال السنوات الأخيرة.