story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

الطاوجني: تقييد الجمعيات في التبليغ عن الفساد يهدد مصداقية المغرب دولياً

ص ص

انتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصيغة الجديدة للمادة 3 من المشروع المتعلق بالمسطرة الجنائية، معتبراً أن المقاربة الجديدة في التعامل مع الجرائم الماسة بالمال العام من شأنها تقييد دور المجتمع المدني، وخصوصاً الجمعيات، في التبليغ عن هذا النوع من الجرائم.

ورأى المجلس في رأي حديث له، أن هذا التعديل يثير إشكالات جوهرية تتعلق بمدى ملاءمته مع مقتضيات الدستور، وانسجامه مع الالتزامات الدولية للمغرب، كما يطرح تساؤلات بشأن مدى تقاطع السياسة الجنائية مع السياسات العمومية المرتبطة بالحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، فضلًا عن انسجامه مع مقتضيات قانون المسطرة الجنائية وتشريعات أخرى ذات الصلة.

وفي هذا الصدد، أشار سعد الطاوجني، الكاتب العام لجمعية “ترانسبرانسي المغرب” إلى أن المؤسسات الدولية، بما فيها “ترانسبرانسي إنترناشونال” والأمم المتحدة، تتابع عن كثب مدى وفاء المغرب بتعهداته، محذرًا من أن أي تراجع في احترام الدستور أو الاتفاقيات الدولية قد يُفقد البلاد مصداقيتها على الصعيد الدولي.

وعبّر الطاوجني في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، عن رفضه منح السلطة التنفيذية، صلاحيات بعدم السماح للجمعيات التبليغ عن الفساد بمبررات “فضفاضة”، معتبرًا أن هذا الأمر “يمس بجوهر دولة الحق والقانون”.

وقال المتحدث ذاته: “يجب ألا يُمنح الوزير الحق في حلّ ثلاث أو أربع أو عشر جمعيات لمجرد أنها تثير قضايا الفساد”، لافتا إلى أن “هناك قانون جنائي يخول، بعد التحقيق، حلّ الجمعية إذا كان تبليغها كاذبا، لكن بشرط أن يكون القرار قضائيًا لا إداريًا”.

ودافع عن دور الجمعيات والمبلغين في فضح قضايا الفساد، مؤكدًا أن العديد من الملفات الدقيقة التي كشفتها منظمات المجتمع المدني تم تأكيدها لاحقًا، داعيا، بالمناصبة، وسائل الإعلام إلى القيام بدورها في التحقيق وكشف الحقائق، “بدل الاكتفاء ببلاغات رسمية صادرة عن الحكومة أو الوكالات العمومية”.

وتنص المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية على أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناءً على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية، أو المفتشية العامة للإدارة الترابية، أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناءً على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو من كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك.

خلافًا للفقرة السابقة، يمكن للنيابة العامة المختصة إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية تلقائيًا في الجرائم المشار إليها أعلاه إذا تعلق الأمر بحالة التلبس.”

وتابع الطاوجني متسائلًا: “هل سنُسمي المبلغين خونة؟ هل نصفهم بأوصاف مسيئة فقط لأنهم كشفوا الحقيقة؟ هؤلاء لم يفعلوا سوى نقل ما لديهم من معطيات مع احترامهم لقرينة البراءة، فهل المطلوب منهم أن يصمتوا؟”.

وأكد المصدر أن الفصل 12 من الدستور المغربي يضمن صراحة دور المجتمع المدني في تتبع السياسات العمومية والمساهمة في تقييمها، منتقدًا ما وصفه بـ”محاولات إقصاء” هذا الفاعل المحوري من المشهد العمومي.

وفي غضون ذلك، اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن التنصيص على شرط “الإذن بالتقاضي” من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، لا يسير في اتجاه تكريس الأدوار الدستورية للمجتمع المدني، ولا يعزز المشاركة المواطِنة والفاعلة في قضايا الشأن العام، بل يبدو وكأنه تقييد لما هو مقيّد أصلاً.

وعلاقة بذلك، تشترط المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية، على ضوء التعديل المقترح، على الجمعيات التي ترغب في الانتصاب كطرف مدني في القضايا الزجرية، أن تكون حاصلة على صفة المنفعة العامة، وأن تكون قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات على الأقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي، وأن تحصل على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي.

وفي هذا السياق، أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأيه، أن التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام يظل متاحًا بقوة القانون، حيث يمكن للأشخاص الذاتيين والمعنويين، من أفراد وجمعيات، التقدم بشكاياتهم المرتبطة بهذه الجرائم إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في إطار الاختصاصات المسندة لها.

وأبرز الرأي ذاته، أن الهيئة تتلقى التبليغات والشكايات والمعلومات المتعلقة بحالات الفساد الإداري والمالي، كما هو منصوص عليه في الفصل 36 من الدستور، ويمكنها بعد دراسة الشكايات وقبولها، أن تحيلها على رئاسة النيابة العامة.

ويُعد هذا المسار بحسب المجلس، متسقًا مع الالتزامات الدولية للمغرب، التي تنص على تمكين المواطنين والمجتمع المدني من المشاركة في التبليغ عن جرائم الفساد، من خلال هيئات وطنية مستقلة تم إنشاؤها خصيصًا لهذا الغرض، وفي مقدمتها الهيئة الوطنية للنزاهة.