story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

الطاوجني: القطاع الخاص في المغرب “مُدلل”… ونحتاج إلى ليبرالية منظمة ومنافسة شريفة

ص ص

قال سعد الطاوجني، الكاتب العام لجمعية ترانسبرانسي المغرب، إن القطاع الخاص في المغرب لا يعيش ضمن منطق الليبرالية الحقيقية، بل هو قطاع “مُدلل”، يستفيد بشكل مفرط من دعم الدولة، “دون أن يتحمل ما يكفي من المخاطر أو يساهم في خلق تنافسية فعالة”.

وأوضح الطاوجني خلال استضافته في برنامج “ضفاف الفنجان” أن النموذج الليبرالي في المغرب يفتقد إلى شروطه الأساسية، وعلى رأسها المنافسة الشريفة، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص بالمغرب يختلف عن نظيره في الدول الأوروبية، حيث توجد برجوازية مستقلة تقوم بالبحث، وتبادر، وتؤدي أدوارًا اجتماعية وسياسية، أما في المغرب، يضيف المتحدث، فـ”كل شيء يعيش على دعم الدولة”.

“لم ينضج بعد”

وتابع المتحدث ذاته، موضحًا: “يريد أحدهم إنشاء مشروع؟ الدولة تمنحه الأرض، ويريد تحلية المياه؟ الدولة تموّل”، مضيفا “لا يتحمّل القطاع الخاص نسبًا عالية من المخاطر، لأنه ببساطة لم ينضج بعد”.

وأضاف: “مضت سبعون سنة ونحن نمنح القطاع الخاص الأراضي المسترجعة، والكريمات، والامتيازات المختلفة، ومع ذلك، لم نرَ نضجًا حقيقيًا في بنيته أو سلوكياته”.

ورأى الطاوجني أن ما يُعرف بـ”الدولة العميقة” في المغرب تحظى باحترام عندما تُمارس سلطتها بحزم، قائلًا بالدارجة المغربية: “الولد كبر، خاصنا نقولو ليه: صافي، باراكا، خرج، دبر على راسك”.

واستدرك قائلًا إنه رغم وجود رجال أعمال جادين يقدمون خدمات ذات جودة، إلا أنه لا يُعقل أن يبقى الاقتصاد غير المهيكل يستحوذ على 30% من الناتج الداخلي الخام، ويمثل 70% من العمالة غير الرسمية، معتبرا أن ذلك يمثل “خللاً بنيويًا كبيرًا”.

وضرب مثالًا بقطاع النسيج قائلا: “كيف يمكن أن تكون هناك منافسة شريفة، وأنت تمتلك مصنعًا مصرحًا به، وتُصرّح بعمالك، وتؤدي الضرائب، بينما منافسك يعمل في الخفاء، ويتهرب من كل القوانين؟”.

وأكد الطاوجني أن المغرب بحاجة إلى “ليبرالية منظمة وتقنين واضح”، لأن الدولة لا يمكنها تدبير كل القطاعات بمفردها، لكنها مطالبة بوضع إجراءات رقابية فعالة، لا تروم الزج بالناس في السجون، بل تهدف إلى ضبط السوق وضمان العدالة بين الفاعلين.

وانتقد ما وصفه بـ”غياب المنافسة الحقيقية” في السوق، قائلا: “عندما تذهب لاقتناء خدمة وتجدها بنفس السعر والجودة لدى عدة بنوك، فهذا ليس تنوعًا، بل تواطؤ، ولا وجود لمنافسة حقيقية، لأن الفاعلين الكبار يشتغلون معًا ويتقاسمون السوق بينهم”.

وأشار الطاوجني إلى أن المنافسة الحقيقية هي التي تخفض الأسعار وتضمن الجودة، وهذا ما “تفتقر إليه العديد من القطاعات في المغرب”، مستدلًا بما جرى في المحروقات، واللحوم، والأدوية، حيث ظهرت “أرباح زائدة غير مبررة، وغياب شبه تام للتثقيف والتوعية”.

فراغ مؤسساتي

وعلى صعيد آخر، أكد سعد الطاوجني، الكاتب العام لجمعية ترانسبرانسي المغرب، أن قطاع اللحوم في المغرب يعاني من “فراغ مؤسساتي واضح”، مشيرًا إلى غياب هيئة تنظيمية مستقلة تُشرف على هذا القطاع الحيوي، على غرار ما هو معمول به في قطاعات أخرى.

وأوضح الطاوجني، أن هذا الغياب التنظيمي أصبح مطروحًا بجدية داخل الجمعية، مشيرًا إلى أن الجمعية تتجه نحو دعم مقترح تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في ملف اللحوم، لمعرفة حقيقة ما يجري، خاصة في ظل معطيات تشير إلى “احتمال وجود مواطنين متضررين أو تلاعب في الأسعار”.

وقال الطاوجني: “في قطاعات مثل المواصلات أو التأمين الصحي، هناك هيئات قائمة، كـ’الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات’ أو ‘الهيئة الوطنية للتأمين الصحي’، لكن في قطاع اللحوم، لا وجود لأي هيئة تقنن أو تراقب، وهذا الخلل يُسجل اليوم بشكل صارخ”.

وأضاف: “حتى الإحصاء الشامل للمواشي لم يُنجز بعد، في حين أن إحصاء السكان تم في ظرف شهر ونصف فقط، إن هناك من يحتكر المعطيات، أو يرفض التصريح بها، وهذا يُعقّد من معرفة الواقع الحقيقي لسوق اللحوم”.

وأكد الطاوجني أن الجمعية لا تتهم أحدًا وتلتزم بقرينة البراءة، لكنها ترى أن تشكيل لجنة تقصي الحقائق بات “أمرًا ضروريًا”، مشيرا إلى أن أسعار اللحوم لم تعرف تراجعًا إلا بعد إعلان الملك إلغاء عيد الأضحى، مما يعكس “اختلالًا واضحًا في تدبير السوق”.

وحذر الطاوجني من الاستمرار في تجاهل حجم الأموال المهدرة، قائلًا:”عندما نقول للمواطن 13 مليار درهم، قد لا يدرك حجم الرقم، ولكن حين نقول 1300 مليار سنتيم، يُدرك حينها فداحة الوضع، ونحن أمام خطأ سياسي فادح، ولا يمكن القبول بالاكتفاء بقول: عذرًا، لقد أخطأنا”.

“خرق للدستور”

وانتقد، الكاتب العام لجمعية ترانسبرانسي المغرب، بشدة موقف وزير العدل عبد اللطيف وهبي بخصوص تقييد حق جمعيات حماية المال العام في التقدم بشكايات ضد المتورطين في قضايا الفساد، معتبرًا أن هذه التصريحات “تُسيء لصورة المغرب داخليًا وخارجيًا، وتُقوض دور المجتمع المدني كما حدده دستور 2011”.

وقال الطاوجني إن “وهبي نفسه لا يحترم قرينة البراءة عندما يتعلق الأمر بالجمعيات”، مضيفًا: “إذا كانت هناك جمعية ارتكبت مخالفة، فله كامل الحق في متابعتها قضائيًا، ويمكن، إن ثبت ذلك، سحب رخصتها أو حلّها قانونًا، لكن لا يمكن تعميم هذا على كل المجتمع المدني أو إقصاؤه من دوره الحيوي”.

وأكد أن الدستور المغربي منح مكانة محورية للمجتمع المدني في مراقبة السياسات العمومية ومحاربة الفساد، وأن إقصاء هذا الدور يُعدّ “تراجعًا خطيرًا” عن المكتسبات الدستورية.

وعبّر الطاوجني عن قلقه من “المواقف الحكومية التي تُغض الطرف عن قضايا مثل تضارب المصالح أو الإثراء غير المشروع”، معتبرًا أن مثل هذه الممارسات تشكل “خرقًا صريحًا للدستور، وللاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب”.

وشدد على أن هذه التراجعات لا تمر مرور الكرام أمام المتابعين الدوليين، مضيفًا: “المؤسسات الدولية التي تتابع الشأن المغربي ترصد كل شيء، وتملك معطيات دقيقة، وعندما يُسجل تراجع في مؤشرات إدراك الفساد، فذلك يعكس هذه السياسات الداخلية بوضوح”.

وأشار الكاتب العام لـ”ترانسبرانسي المغرب” إلى أن الدول الإفريقية جنوب الصحراء تقدّمت خطوات كبيرة في هذا المجال، وقال:”لقد حضرت مؤتمرات عديدة في إفريقيا جنوب الصحراء، ووقفت على كيفيات إدماج المجتمع المدني في آليات الحوكمة الجيدة، ومنح الشباب دورًا جوهريًا في حماية النزاهة وحماية المبلغين”.

تُوازي الذهب

وحذّر سعد الطاوجني، الكاتب العام لجمعية ترانسبرانسي المغرب، من خطورة الاختراقات التي تعرّضت لها بعض المؤسسات المغربية، مشددًا على أن “المعطيات الصحية للمواطنين أصبحت ذات قيمة استراتيجية تعادل الذهب، ما يفرض على الدولة تعزيز حماية هذه البيانات قبل الإقدام على أي خطوة في مشروع رقمنة القطاع الصحي”.

وقال الطاوجني:”عندما نتحدث اليوم عن إطلاق مشروع الملف الطبي المشترك، أو رقمنة النظام الصحي، يجب أن نطرح السؤال الأساسي: هل نملك فعلاً الحماية الكافية لهذه المعطيات؟”.

وأشار إلى أن مشروع رقمنة القطاع الصحي الذي تصل كلفته إلى 1.2 مليار درهم، لا يمكن أن يُنجز في “غياب بنية معلوماتية موحدة”، مضيفًا أن وزير الصحة الحالي ورث عن سلفه نظامًا معلوماتيًا “غير موحد”، ما خلق “فوضى في تدبير المعلومة الصحية”.

وأوضح أن “أربعة مراكز استشفائية جامعية تعتمد أربع لغات برمجية مختلفة، وأنظمة متباينة والربط بينها صعب، وأحيانًا مستحيل، في حين أن المنطق يقتضي نظامًا معلوماتيًا موحدًا يتيح تحليل المعطيات وتوجيه السياسات الصحية بشكل فعال”.

واعتبر الطاوجني أن غياب التوحيد يُبرز ضعفًا على المستوى التقني والمؤسساتي، مشددًا على أن بعض المسؤولين “لا يدركون عمق التحول الرقمي ومتطلباته الأمنية”.

واستحضر الطاوجني كيف كانت بعض المعطيات الحساسة، كأجور المصرح بها في صندوق الضمان الاجتماعي، “محمية إلى حد أنها لم تكن متاحة حتى بين الأزواج”، معتبرًا أن هذا كان شكلًا من الحماية القانونية والاجتماعية، في حين أن الوضع الحالي يُسجل تسريبات “سهلة ومقلقة”.

لمشاهدة الحلقة كاملة المرجو الضغط على الرابط