الزلزال يبتلع مسجد تينمل ويترك الكتبية على حافة الهاوية

أودى الزلزال العنيف، الذي ضرب قرى ودواوير المغرب، بحياة آلاف الناس فيما شرد آخرين تاركا إياهم بلا مسكن ولا مأوى، لكنه أودى أيضا بتاريخ طويل وعريق من التراث اللامادي للمنطقة. دمر مسجد تينمل العريق وألحق أضرار بمآثر ومبان تاريخية أخرى.

صومعة الكتبية

“لم نعهد هذا المشهد إطلاقا لم أر في حياتي صومعة الكتبية الشامخة تتحرك بهذا الشكل المرعب” يقول رشيد الذي كان في باحة جامع الكتبية التاريخي ليلة الثامن من شتنبر حينما ضرب الزلزال مدينة مراكش ومنطقة الحوز ومناطق أخرى.

يتابع رشيد “رأينا غبارا يتصاعد منها ظننا أنها سوف تسقط فوق رؤوسنا تلك الليلة”ويضيف في اندهاش “بالرغم من أن الجامع قديم لكنه ظل صامدا”.

وبالرغم من أن صومعة الكتبية لم “تسقط” كما توقع المواطنون الذين كانوا موجودين في باحتها يوم ضرب الزلزال إلا أنه ألحق بالجامع بعض الأضرار حيث تم تسجيل تساقط أجزاء من الجبص والأحجار داخل صومعة الكتبية وفي الأبواب الخارجية، وأضرار على مستوى السور الداخلي للقصبة وباب «كناوة» على المستوى الداخلي تحديدًا.

واضطرت السلطات المحلية بمدينة مراكش بسبب ذلك، يوم الأحد الفارط، إلى إغلاق محيط مسجد الكتبية التاريخي، وذلك بعد ظهور تشققات خطيرة على مستوى الصومعة جراء الهزة الارتدادية التي تم تسجيلها صباح اليوم نفسه، والتي كان قد حدد مرصد الزلازل الاورومتوسطي قوتها في 4,5 درجة على مقياس ريشتر على بعد 77 كلم جنوب مراكش.

قصر الباهية

حافظ قصر الباهية على امتزاج الحب بالفن في بنيانه لعقود طويلة، لكنه أصيب هو الآخر بتصدعات في الباب الرئيسي وفي الأسوار المحيطة به أساسا، فيما انهارت قبته بشكل كلي، كما تم تسجيل تشققات “خطيرة” أصابت سطح هذا القصر التاريخي.

وعرفت مرافق أخرى للمعلمة التاريخية، كالمنزه وقبور السعديين والأبراج الداخلية، أضرارا متفاوتتة الخطورة.

مسجد تينمل التاريخي

ظل مسجد تينمل التاريخي صامدا في وجه الزمن مدة تسعة قرون، قبل أن تحول هزة أرضية دامت 20 ثانية أسواره وقبابه إلى أطلال، بالرغم من أنه كان يخضع لآخر لمسات الترميم.

ويعد مسجد تينمل الأعظم، الموجود بجماعة تلات نيعقوب الجبلية، من أكثر المباني الأثرية تضررا بسبب الزلزال العنيف الذي أودى بحياة المئات من الضحايا وخلف آلاف الجرحى والمشردين.

ويعرف المسجد، الذي بني عام 1148 خلال حقبة الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي، ببعده الروحي والحضاري، حيث شيّد تخليدا لذكرى الزعيم الروحي للموحدين المهدي بن تومرت المدفون بموقع تينمل، المهد الثاني للحركة الموحدية بعد موقع إغليز، ومنه أطلق ابن تومرت دعوته لبناء الدولة الموحدية.

المدينة العتيقة لمراكش

“لا يمكن أن تتجاوز دربا واحدا في المدينة القديمة دون أن تعاين أثر الزلزال” تقول شيماء وهي تصف بأسف الوضع في المدينة العتيقة بمراكش التي تنتمي إليها.

وتعرضت المدينة العتيقة التي تعد تراثا عالميا بحسب اليونسكو لأضرار كبيرة جراء الزلزال العنيف حيث انهارت عدة منازل فيما تشققت أخرى وصارت غير آمنة على ساكنيها. ويعد حي الملاح التاريخي الذي كان يقطن به اليهود في الماضي على وجه الخصوص، من أكثر الأحياء التي سجلت خسائرا كبيرة في المنازل.

ولم يزل الخوف من انهيار بيوت أخرى يجثم على صدر قاطني حي الملاح والمدينة العتيقة خاصة مع تكرر الهزات الارتدادية بالمنطقة.

أسوار تارودانت وقصبة تاوريرت

لم تسلم أسوار تارودانت من آثار الزلزال العنيف حيث تعرضت جدرانها الشاهقة لتصدعات وشقوق كثيرة. وفي أكادير انهار جزء من قصبة أكادير أوفلا.

وانهارت قصبة تاوريرت، إحدى أهم القلاع الأمازيغية، من الداخل وأغلقت أبوابها كليا. ولحقت بالزاوية التاريخية بمنطقة تامصلوحت أضرار خطيرة.

الدولة تحصي المعالم المتضررة

وتجري وزارة الشباب والثقافة والتواصل إحصاء للمباني والمعالم التاريخية التي أصابها الضرر جراء الزلزال العنيف الذي ضرب منطقة الحوز ليلة الجمعة.

ولم تعلن بعد بشكل رسمي عن حجم هذه الأضرار وتاريخ البدء في ترميمها، فيما أحصت المديرية الجهوية للثقافة في مراكش آسفي عددا من المباني الأثرية المتضررة من زلزال الحوز.