الخليفة: انتقال المغرب نحو دولة فيدرالية يستوجب إصلاحا سياسيا يشارك فيه الشباب
قال المحامي والقيادي السابق بحزب الاستقلال مولاي امحمد الخليفة إنه “من الضروري العودة إلى مسار الإصلاح السياسي الذي يحتاجه المغرب في هذه المرحلة المفصلية”، خاصة في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها البلد، مبرزا أنه “مقبل على انتقال نحو نظام فيدرالي بعد القرار الأممي المتعلق بالصحراء”.
وشدد الخليفة، في مداخلة له خلال ندوة بعنوان “الإصلاح السياسي بالمغرب.. في الحاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات”، نظمتها شبيبة العدالة والتنمية، السبت 08 نونبر 2025، على أن “هذا الإصلاح لن يتحقق إلا بانخراط حقيقي وواعٍ من طرف الشباب، باعتبارهم قوة التغيير”.
وأوضح المتحدث أن الإصلاح الذي يحتاجه المغرب “لا يرتبط بنص الدستور بقدر ما يرتبط بوجود إرادة سياسية حقيقية تفعله وتمنحه الحياة”، لافتا إلى أن “الدستور المغربي جيد ويُوفر الأرضية الصلبة لأي تحول ديمقراطي، غير أن هذا الدستور لن تكون له حياة إلا إذا كانت له حياة جيدة داخل البرلمان”.
وأضاف القيادي الاستقلالي السابق أن “سر نجاح النماذج الأوروبية يكمن في أن الديمقراطية الحقيقية تقوم على صناديق الاقتراع، وهو ما يحتاجه المغرب”، مبرزا أن “المملكة خلال سبعين سنة بعد الاستقلال قطعت خطوات تعادل أكثر من 500 سنة في البنية التحتية وبناء الإنسان، لكنها اليوم بحاجة إلى مرحلة جديدة تدخل فيها العصر بتمامه”.
وتابع أن “الشباب والشيوخ على حد سواء يرفضون أن تحكمهم حكومة تعيش خارج الزمن”، مؤكدا أن “الحكومة التي تتماشى مع العصر ستكون نتاج اقتراع حقيقي ينهي المشاكل القائمة”، واعتبر أن “المغرب لم يتبق له سوى هذه الخطوة، أن يجرب انتخابات نزيهة لمعرفة التقدم الذي يمكن أن يحققه”.
وأردف المتحدث أن المشكلة في المغرب ليست في نمط الاقتراع، “بل في غياب الإرادة السياسية التي تجعل من نتائج الصناديق تعبيرًا حقيقيًا عن إرادة المواطنين”، متسائلا: “هل الخريطة السياسية التي تفرزها الانتخابات تعكس فعلاً توجهات الشعب المغربي؟”، إذ اعتبر أن “هذا هو جوهر النقاش الذي يجب أن ينصب عليه الإصلاح السياسي”.
وفي سياق حديثه عن الإصلاحات المطلوبة، قال الخليفة إن أولى الخطوات يجب أن تكون العودة إلى الصواب بشأن تحديد الدوائر الانتخابية، لافتا إلى أن “النظام الحالي للاقتراع باللائحة أُفرغ من جوهره الديمقراطي، بعد إزالة الضوابط والحواجز التي كانت تضمن حضور شخصيات وازنة تمثل الإرادة الشعبية”.
وأضاف أن “هذا النظام أصبح فريدًا في العالم، إذ يخدم مصالح الأغلبيات والأقليات معًا، بدلاً من أن يعكس إرادة الشعب الحقيقية، وهو ما يتعارض مع الهدف من اعتماد نمط اللائحة في الأصل”.
ومن جانب آخر، دعا المتحدث إلى ضرورة تطهير اللوائح الانتخابية عبر إدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، كما دعا إلى تعديل القوانين المنظمة للعملية الانتخابية حتى يعرف المواطنون مسبقًا اليوم المحدد للانتخابات بمقتضى القانون، قائلا: “المغاربة يجب أن يعرفوا يوم الانتخابات بالقانون”.
وشدد كذلك على ضرورة أن يكون التقطيع الانتخابي خاضعًا لقانون يصدر عن البرلمان، وليس من اختصاص وزارة الداخلية، مؤكدا “أن من يملك سر التقطيع الانتخابي يملك التصرف في الانتخابات”.
وفي غضون هذا النقاش، شدد الخليفة على أنه “لا يحق لأي حكومة، كيفما كانت، أن تقيد حق المواطنين في الحديث وانتقاد نمط الاقتراع والديمقراطية، أو أن تفرض عقوبات حبسية على من يمارس هذا الحق”، واصفا الأمر بأنه “عيب”.
وفي هذا الإطار، ناشد الخليفة الحكومة بحذف هذه المقتضيات، لأنها “عيب وانتكاسة للوراء”، متسائلاً: “كيف يُعقل أن ينص الدستور على أن الاختيار الديمقراطي من الأمور التي لا يمكن المساس بها، وفي الوقت ذاته يُعاقب من يتحدث عنه بالحبس؟ هذا أمر لا يطاق”.
من جهة أخرى، انتقد مولاي امحمد الخليفة ما أقدمت عليه الحكومة بعد خروج شباب “جيل Z” للاحتجاج والتعبير عن مطالبهم في مجالي الصحة والتعليم ومحاربة الفساد، حين بادرت إلى دعوتهم للمشاركة في الانتخابات مقابل منحهم أموالاً من الدولة لدعم ترشحهم، معتبرا أن هذا السلوك “غير معقول”، لأنه “يحتقر الشباب ويحصر المشاركة السياسية في منطق الريع السياسي”.
وقال “لو كنت ما أزال مناضلا، لرفعت يافطة أدعو فيها الحكومة إلى الاستقالة، لأن ما قامت به غير معقول”، مشددا على أن “الطريق السليم أمام الشباب هو الانخراط في الأحزاب السياسية، كيفما كانت، بغرض تأطيرها وتجديد دمائها، حتى يصبحوا هم قادتها وصنّاع القرار داخلها، ومن ثَمَّ يمكنهم الوصول إلى البرلمان والحكومة”.
وبيّن أن “أهمية هذا الانخراط السياسي تكمن بشكل أكبر في كون هذا الجيل مقبل على تجارب جديدة لم تعِشها الأجيال السابقة، لا سيما أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ستُجرى في إطار دولة فدرالية، وليس في إطار الدولة الموحدة كما كان الأمر سابقاً”.