story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

الحسن الثاني.. ملك حكم المغرب بقبضة من حديد

ص ص

أحيا الملك محمد السادس الذكرى الخامسة والعشرين لوفاة والده الملك الحسن الثاني، والذي استطاع قبل رحيله إدماج المعارضة الاشتراكية في السلطة فيما عرف بحكومة التناوب التوافقي حرصا منه على انتقال سلس للعرش، كان قد قادها الراحل عبد الرحمان اليوسفي بداية 1998.

        اتسم حكم الحسن الثاني، الذي توفي في 29 يوليوز سنة 1999، بصراعات سياسية ولحظات حساسة وصلت حد تنظيم محاولتين للإطاحة به من الحكم، ومسيرة جامعة لاسترداد صحراء المغرب من الاحتلال الإسباني بقيت مقرونة بـ”عبقريته”.

المنفى

  ترعرع الحسن الثاني، الذي ولد عام 1929 بالرباط، في أسرة تتكون من أخ واحد هو عبد الله وخمس أخوات هنّ مليكة وعائشة ونزهة وأمينة، وكان المنفى من بين الأحداث التي وسمت طفولته حين قرر المستعمر الفرنسي نفي والده الملك محمد الخامس وأسرته إلى كورسيكا وجزيرة مدغشقر.

وخلال وجوده بالمنفى، مع والده وأسرته، كان الحسن الثاني، يقوم بمهمة تحرير المراسلات وترجمة الرسائل لوالده طيلة هذه الفترة، ليعود بعد ذلك إلى المغرب مع أسرته، بعد ضغط شعبي وقيام انتفاضة شعبية كبرى، تطالب بعودة الملك محمد الخامس خصوصاً بعد تعيين الإستعمار محمد بن عرفة ملكاً على المغرب، ليعلن استقلال المغرب بعدها سنة 1956.

الكُتّاب ودراسة القانون

التحق الملك الحسن الثاني بالمدرسة القرآنية في القصر الملكي عام 1934، ومن بعدها بدأ التعليم الحديث، ليحصل على شهادة الثانوية العامة عام 1948 ثم انتقل إلى فرنسا لدراسة القانون في مدينة بوردو، ومن بعدها حصل على دبلوم الدراسات العليا في التخصص نفسه عام 1951. عرف عليه حسه النقذي خلال الدراسة، حيث تخصص في دراساته العليا في القانون المدني ليكمل مساره الأكاديمي إلى مستوى الدكتوراه.

معتقلات سرية وانقلابان

كانت بداية السبعينيّات فترة حرجة في تاريخ الملك الراحل، حيث واجه محاولتي انقلاب على حكمه، الأولى في يوم عيد ميلاده سنة 1971 من تنفيذ قائد الحرس الملكي الجنرال المذبوح، فشلت لكنها خلفت   عددا من الضحايا من ضيوف الملك الحاضرين لحفل ذكرى ميلاده، من بينهم سفراء، وآخرون من الجيش.

محاولة الانقلاب الثانية سجلت بعد سنة من الأولى، وذلك في 1972، ومن إعداد الصديق المقرب للملك، الجنرال محمد أوفقير، تعرض فيها الملك إلى محاولة تصفية في السماء باستهداف طائرته أثناء رحلة عودته من باريس الى الرباط.

المسيرة الخضراء

الاستقلال غير الكامل كان هو الإرث السياسي للحسن الثاني عن أبيه، حيث كان من الملفات الأولى على طاولة حكمه، وعمل على استكمال الوحدة الترابية للمغرب عن طريق خلق الفكرة والإعداد لحدث المسيرة الخضراء، هذا الحدث الذي طبع سنة 1974.

دعا الملك كل المغاربة للمشاركة فيه، ووصل عدد المتطوعين فيه إلى 306,500 متطوع والباقي من المشاركين وعددهم  43,500 من المسؤولين والموظفين الحكوميين. هذه المسيرة السلمية، جاءت بهدف دفع قوات الإحتلال الإسباني إلى الإنسحاب من منطقة الصحراء المغربية بشكل نهائي، دون الدخول في مواجهات .

كاريزما قوية

وعرف الحسن الثاني بكاريزما قوية، وقدرة عالية في فن الخطابة، حيث كان متحدثا جريئا و محاورا قويا للإعلام خاصة أثناء مقابلاته مع المنابر الأجنبية، كما عرف عليه القدرة على ارتجال خطاباته حيث كان يلقي خطاباته غير مدونة ولا مكتوبة، ويتحدث بأريحية ويلقي عادة خطاباته على الشعب بلغة بسيطة وبالدارجة المغربية، فكان خطاب العرش في عهده هو الخطاب المكتوب الوحيد نظرا لكونه خطابا يعرض فيه الحصيلة السنوية.

الصحفية الفرنسية آن سنكلير تحدثت في كتابها على هذا الجانب من شخصية الحسن الثاني في كتابها الذي خصصته لسيرتها الذاتية سنة 2021، وسلطت فيه الضوء على كواليس مقابلتها مع الملك الراحل، ووصفته بـ “الموهوب جدا في المناورات السياسية والديبلوماسية، الماهر والمثقف”.

ومن جانب آخر، عرف الحسن الثاني بالقوة والعنف مع شعبه، عكس أبيه الملك الراحل محمد الخامس، وهذا ما عبر عنه بخطابات “قوية” تحمل عبارات مثل “الأوباش” مثل خطابه في يناير 1984، وذلك في رده على المظاهرات التي عرفها المغرب خصوصا في مدن الشمال ومراكش، ووصف هذا الخطاب بـ”التهديدي”، حيث كان يواجه معارضيه والمحتجين ضد غلاء المعيشة والزيادة في رسوم تسجيل التلاميذ والطلبة، بالإعتقالات والسجون.

جنازة مهيبة

شيع جثمان الملك الراحل الحسن الثاني في جنازة وصفت بالمهيبة، حضرها العشرات من قادة العالم وأزيد من مليوني مغربي، وشارك في التشييع أكثر من 70 وفدا أجنبيا بينهم حوالي 30 رئيس دولة منهم ملوك ورؤساء وأمراء، بالإضافة إلى الأمناء العامين للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وعدد من مسؤولي المنظمات الإقليمية والدولية.

ودفن جثمان الملك الحسن الثاني إلى جانب والده وأخيه عبد الله، في ضريح محمد الخامس بقلب مدينة الرباط، هذا الضريح الذي أشرف هو شخصيا عن بناءه وتشييده، بطابع معماري مغربي مميز.