البقالي لـ”صوت المغرب”: الساعات المقبلة حاسمة… والمعنى الرمزي لرحلة “حنظلة” هو الأهم

بعد أربعين يومًا من انتهاء مهمة السفينة “مادلين”، أبحرت من ميناء غاليبولي الإيطالي، صباح الأحد 20 يوليوز 2025، سفينة جديدة تحمل اسم “حنظلة”، في محاولة جديدة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 17 سنة، وعلى متنها، مجموعة من النشطاء والسياسيين من جنسيات مختلفة، بينهم صحافيون، وبرلمانيون أوروبيون، وفنانون متضامنون مع الشعب الفلسطيني.
السفينة، وهي قارب صيد صغير تم بناؤه سنة 1968 في النرويج، تضم على متنها 20 مشاركًا من بينهم الصحفي المغربي في قناة الجزيرة محمد البقالي، أكد المشرفون عليها على سلمية مساعيها وسلمية تحركها.
وتُعد سفينة “حنظلة” الرحلة رقم 37 ضمن سلسلة محاولات لكسر الحصار عن غزة، أغلبها واجه مصيرًا صعبًا، حيث تم اعتراضها من طرف الجيش الإسرائيلي أو منعها من الوصول إلى وجهتها، وتبقى أشهر تلك الرحلات، رحلة سفينة “مافي مرمرة” ضمن أسطول الحرية عام 2010، الذي تعرض في سواحل فلسطين لهجوم عنيف في عرض البحر أسفر عن استشهاد 10 نشطاء أتراك، وجرح العشرات واعتقال آخرين.
وفي هذا السياق، ربطنا الاتصال بالزميل محمد البقالي، الصحفي في قناة الجزيرة، وأحد المشاركين في هذه الرحلة، للحديث عن أجواء هذه الرحلة، ومخاوفهم والتهديدات التي تحدق بهم، وأملهم في الوصول إلى غزة، رغم كل التحديات.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تبدو الأمور بعد 6 أيام على انطلاق الرحلة؟
هذا هو اليوم السادس من الرحلة، ونحن نقترب من غزة، ومن المتوقع أن نصل إلى المياه الإقليمية في حدود 24 ساعة.
يبدوا أن هناك أمل كبير في أن نتمكن من كسر الحصار، لكن في المقابل، هناك قلق من احتمال اعتراض السفينة أو الاعتداء عليها من طرف إسرائيل.
نحن الآن نسير في الخط المباشر نحو غزة، ولا خيار أمامنا سوى الانتظار ومواصلة الرحلة بكل تصميم وعزم.
الحقيقة أن كل من يوجد على متن السفينة عازم ومؤمن بالهدفن حيث أنهم استقلوا السفينة وهم يعرفون تمامًا المخاطر والتحديات، ولم يفعلوا ذلك من أجل “سياحة”، بل بدافع إنساني واضح.
ويعد اليوم السادس أصعب الأيام، خاصة بسبب ظروف الحياة القاسية على متن السفينة الصغيرة “حنظلة”، فالمياه العذبة قاربت على النفاد، ولم يتبقَّ سوى مياه الشرب، ومع ذلك، فإن هذه التحديات تُعتبر جزءًا من المسار، والجميع مركّز على الهدف، وهو الوصول إلى غزة.
ما حجم التفاعل الدولي الذي لقيته هذه الرحلة حتى الآن؟
من يهتمون بالقضية الفلسطينية يتابعون ويتفاعلون بقوة مع هذه الرحلة، بينما من لا تعنيهم القضية، أو لا يريدون لهذه المبادرات أن تنجح، يحاولون التعتيم عليها.
ولهذا، نوجّه نداءً إلى كل مناصري غزة والمدافعين عنها، بالتحدث عن هذه السفينة، ومساندتها، لأن في ذلك دعمًا لغزة وتعزيزًا للوعي بالقضية.
هل تلقيتم إنذارات أو تهديدات بعدم الوصول إلى قطاع غزة؟
نعم، قبل انطلاق الرحلة، أطلقت إسرائيل تهديدات واضحة بأنها لن تسمح للسفينة بالإبحار من الميناء الإيطالي.
بل إننا واجهنا محاولة لتخريب محرك السفينة قبيل الإقلاع، حيث تم اكتشاف حبل ملفوف حول المحرك، كما صُبّت مادة حارقة داخل خزان المياه، لكننا تمكّنا من إفشال العملية في اللحظة الأخيرة.
أما الآن، وبين الحين والآخر، تحلّق طائرات استطلاع فوقنا، وتراقبنا من الجو، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة، ما يرفع من مستوى التوتر، خاصة مع اقترابنا من غزة.
ولا يسعنا سوى انتظار الساعات الأربع والعشرين القادمة حتى تتضح الصورة، ومعرفة هل سيتم اعتراض سبيل السفية أو تمكنها من كسر الحصار.
هذه المبادرة سبقتها مبادرات مماثلة، ألا تخشون من تكرار نفس المصير؟
بالتأكيد، نحن واعون بالمخاطر المحفوفة بهذه الرحلة، لكننا نؤمن بأن الفكرة لا تتعلق بسفينة بعينها، بل بمسار طويل يقوم على التراكم والضغط والإحراج السياسي، وإذا لم تنجح هذه السفينة، فقد تنجح غيرها.
هذه هي السفينة رقم 37 ضمن تحالف أسطول الحرية، ومن بين كل تلك المحاولات، لم تنجح سوى 4 أو 5 فقط، وآخر سفينة وصلت كانت سنة 2008، ورغم ذلك لم يتوقف الناس عن المحاولة.
بصفتك صحفياً مشاركاً في هذه الرحلة، كيف تصف شعورك الشخصي؟
القضية الفلسطينية لا تقتصر بالنسبة لي على الجانب المهني فقط. نعم، نقل الحقيقة وتقديم المعلومات الدقيقة جزء أساسي من مهمتي كصحفي، وهو أيضًا مساهمة حقيقية في خدمة القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تظل عنوانًا للظلم التاريخي في عالمنا المعاصر.
لكن على المستوى الشخصي، فإن هذه الرحلة إلى غزة تعني لي الكثير، لأنها رحلة إلى غزة، بكل ما تحمله من رمزية، ومن أهمية في قلوبنا وفي وعينا.