البرنابيو يدخل مراحله النهائية.. ملعب ذكي بعوائد مالية غير مسبوقة

طوّر نادي ريال مدريد مشروعه الضخم لتجديد ملعب سانتياغو برنابيو ليصل إلى مراحله الأخيرة، بعد سنوات من الأشغال المكثفة التي انطلقت سنة 2019.
وكشف النادي، في تقريره المالي السنوي، أن إجمالي الاستثمارات الموجهة للمشروع بلغ مليارًا و347 مليون يورو حتى 30 يونيو 2025، بعد ضخ 184 مليون يورو إضافية خلال موسم 2024–2025، ما يجعل المشروع قريبًا جدًا من التكلفة النهائية المتوقعة.
ملعب ذكي بمرافق متقدمة وتجربة متكاملة
وفي بداية المشروع، ركز ريال مدريد على البنية التحتية الأساسية التي تشكل العمود الفقري للملعب العصري، فتم تثبيت سقف قابل للفتح، وإعادة تصميم الواجهة الخارجية للملعب، إضافة إلى تجهيز نظام العشب المتحرك، الذي يسمح بإخفاء أرضية اللعب وتوفير المساحة لأنشطة غير كروية.
وتُعد هذه العناصر الهندسية من أبرز مكونات المشروع، وقد وصفها فلورنتينو بيريز، رئيس النادي، بـ”جوهرتي التاج”، لما تمثله من مرونة في الاستخدام وسهولة في استغلال الملعب على مدار أيام السنة.
وخلال الأشهر الأخيرة، ركزت الأشغال على استكمال البُنى التجارية والخدماتية داخل البرنابيو، كما تم افتتاح قاعات كبار الشخصيات بمستوى يوازي أعلى معايير الضيافة في الملاعب العالمية، إلى جانب مسار “تجربة ريال مدريد”، الذي يُتيح للزوار خوض جولة تفاعلية داخل تاريخ النادي، ومتاجر رسمية جديدة، ومطاعم عصرية مصممة لاستقبال الزوار حتى خارج أيام المباريات.
كما جرى تجهيز فضاءات لتنظيم الأحداث والمؤتمرات والحفلات، في خطوة تؤكد أن الملعب الجديد صُمم ليكون مركزًا ترفيهيًا وثقافيًا مفتوحًا على جميع الفعاليات.
ويعمل النادي حاليًا على استكمال آخر مراحل المشروع خلال موسم 2025–2026، والتي تشمل تجهيز المطاعم المتبقية، وتحسين تدابير خفض الضوضاء المرتبطة بالحفلات الموسيقية الكبرى، استجابةً لشكاوى تقدم بها عدد من سكان الأحياء المجاورة.
وأكد النادي التزامه بالمعايير التقنية والقانونية المطلوبة لتنظيم هذه الفعاليات، والتي ستُشكل أحد أعمدة العائدات المستقبلية للملعب.
رؤية اقتصادية توسعية تتجاوز كرة القدم
ويرى ريال مدريد أن ملعبه الجديد يمثل نقطة تحول جوهرية في سياسة النادي الاقتصادية، من خلال الخروج من النموذج التقليدي الذي يربط المداخيل بنتائج الفريق على أرضية الملعب، والانتقال إلى نموذج تجاري شامل، يُولد الأرباح من مختلف الأنشطة الترفيهية والثقافية والسياحية.
ومن أبرز المشاريع المستقبلية في هذا السياق، تنظيم مباراة ضمن دوري كرة القدم الأميركية (NFL) داخل البرنابيو، وهو ما يُعد سابقة تاريخية في الملاعب الإسبانية، ويهدف إلى توسيع الانتشار العالمي للنادي وتعزيز مكانته كمؤسسة رياضية عالمية الطابع.
ولا يقتصر المشروع على الفعاليات الكبرى، بل يمتد إلى استقطاب مؤتمرات ومعارض تجارية ومناسبات فنية وثقافية، ما يجعل الملعب مفتوحًا لاستغلال اقتصادي يومي، على مدار 365 يومًا في السنة، وفق ما أكده فلورنتينو بيريز عند إطلاق المشروع.
ويأمل النادي في أن تُعزز هذه الأنشطة من مردودية الملعب وتجعل من استثماره الضخم “مصدر ربح دائم”، قادر على مضاعفة الأموال التي خُصّصت له.
هيمنة مالية
ومن الناحية المالية، واصل ريال مدريد ترسيخ موقعه كأحد أكثر الأندية استقرارًا وقوة في أوروبا، حيث بلغ حجم الإيرادات خلال موسم 2024–2025 نحو 1.185 مليار يورو، دون احتساب مداخيل انتقالات اللاعبين، بنسبة نمو بلغت 10% مقارنة بالموسم السابق، ليصبح بذلك أول نادٍ في العالم يحقق هذا الرقم لسنتين متتاليتين.
وسجل النادي أرباحًا صافية بقيمة 24 مليون يورو، بعد خصم الضرائب، ليحافظ على توازنه رغم الإنفاق المرتفع على المشاريع الاستراتيجية.
ويبلغ صافي القيمة المالية للنادي 598 مليون يورو، بينما يحتفظ بـ166 مليون يورو من السيولة النقدية، ولا تتعدى قيمة الديون الصافية (دون احتساب قرض الملعب) 12 مليون يورو.
وأشار التقرير إلى أن نسبة الدين إلى حقوق الملكية تساوي 0.0، وهو ما يعتبره النادي “أقصى درجات الاستقلالية والملاءة المالية”، ويضعه في موقع قوة تفاوضية واستثمارية كبيرة في السوق.
وفي ما يتعلق بقرض تجديد البرنابيو، فقد سحب النادي المبلغ الكامل المتفق عليه، والمقدر بـ1.17 مليار يورو، في نونبر 2023.
وبعد ثلاث سنوات من دفع الفوائد فقط، شرع ريال مدريد في تسديد أصل الدين، إذ سدد 15 مليون يورو خلال موسم 2023–2024، وأعقبها بسداد 23 مليون يورو في موسم 2024–2025، ليصبح مجموع ما تم تسديده من القرض حتى الآن 38 مليون يورو، ويبلغ الرصيد المتبقي 1.132 مليار يورو.
وإلى جانب الأشغال المرتبطة بالملعب، ضخ النادي 194 مليون يورو خلال الموسم الأخير في استثمارات أخرى، شملت التعاقد مع لاعبين جدد وتطوير مرافق تدريبية، وذلك ضمن تحضيراته للمشاركة في كأس العالم للأندية 2025.