story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

الانتهاكات بحق العاملات الموسميات.. حقوقية: المسؤولية مشتركة بين المغرب وإسبانيا

ص ص

كشفت صحيفة “إل بوليتيكو” الإسبانية عن سلسلة من الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها العاملات المغربيات الموسميات في إقليم “هويلفا” بإسبانيا، واللواتي يشتغلن في إطار برنامج التعاقد من بلد المنشأ المعروف بـ”GECCO”.

وسلطت الصحيفة، في تحقيق لها، الضوء على حالتين بارزتين؛ الأولى لامرأة حامل في شهرها الخامس تم ترحيلها إلى المغرب دون عقود أو ضمانات، والثانية لعاملة مصابة بالسرطان تم ترحيلها بشكل مفاجئ، مما حرمها من مواصلة العلاج الذي كان مشمولاً ضمن التغطية الصحية في إسبانيا.

كما أظهرت التحقيقات أن عدداً من العاملات لم يتسلمن عقود العمل أو كشوف الأجور، ولم تُستصدر لهن بطاقات هوية الأجانب (TIE)، ما وضعهن في وضعية قانونية واقتصادية شديدة الهشاشة.

في هذا الصدد، تقول الناشطة الحقوقية فتحية اليعقوبي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنه يتبن من خلال هذا التحقيق أن هناك “خروقات عديدة تتعلق بتشغيل العاملات في إسبانيا”، مشيرة إلى أن الجانب المغربي يتحمل بدوره “قدراً من المسؤولية إذ أنه من المفروض اطلاعه على العقود، ومراقبة إجراءات التوقيع والتنقل”.

واستنكرت اليعقوبي، وهي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في جهة الشمال، الصمت المغربي أمام هذه الانتهاكات، بحيث أنه “لا يبدي أية ملاحظات أو انتقادات بخصوصها”.

ومن بين الانتهاكات التي وقفت عليها فتحية اليعقوبي، “عدم احترام حقوق العاملات من الجانب المغربي عند الاستعداد للسفر وتوقيع عقود العمل”، والتي من بينها الفحص الطبي المفروض إجراؤه لحالاتهن الصحية، وهو ما توقعت أنه “قد أفرز وضعية عاملة حامل، التي ربما لم تصرح بحملها خوفاً من عدم قبولها”.

وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن إجبار عاملة مريضة بالسرطان على مغادرة إسبانيا يعد “حرماناً من حقها في العلاج والحياة”، مشيرة إلى أن هذا الأخير حق مقدس في القانون الدولي، خصوصاً “وأنها تشتغل بعقد عمل من المفترض أنه يضمن لها التأمين عن صحتها في المكان الذي تشتغل به”.

واستنكرت اليعقوب حرمان هذه العاملة “من حقها في التطبيب رغم كونها في وضعية قانونية داخل اسبانيا”، لافتة إلى أنه حتى “إذا لم تكن كذلك فإن القانون الإسباني يحمي الحق في الصحة والحياة لكل البشر المتواجدين على أراضيها بغض النظر عن وضعيتهم القانونية”.

كما اعتبرت أن عدم إطلاع العاملات على محتوى عقود العمل، وعدم حصولهن على نسخ منها “انتهاكاً صارخاً لحقوقهن المشروعة”، منبهة إلى أن ذلك يعد شرطاً لمصداقية عقد العمل، وذلك من خلال “الاطلاع على شروط العمل وحقوق الشغيلة المتضمنة في العقد قبل الإمضاء عليه”.

وشددت على أن هذه الخروقات تتعلق بالجانبين المغربي والإسباني معاً، بحيث أنهم “يجعلون العاملات يوقعن دون معرفة المحتوى المكتوب بالإسبانية”، مشيرة إلى أن جل العاملات أميات.

ولفتت إلى أنه حتى “عدم تسليم نسخة من العقد انتهاك لحقوق الشغل”، وهو وما يطرح علامات استفهام، وفقاً للمتحدثة، حول شروط عملهن.

وبخصوص التنقل من وإلى إسبانيا، قالت اليعقوبي إنها “تدخل في إطار التزامات الشركة المشغلة”، إذ أنه من المفترض تكفل الشركة بالنسبة للعاملات من المغرب بمصاريف تنقلهن، أو “على الأقل المساهمة فيها بنسبة معينة”، وذلك في إطار الاتفاق بين الطرفين، وإلا فإنه يجري تسجيل الوضع كونه “خرقاً سافراً لحقوق العاملات في التنقل والحماية”.

وأبرزت الصحيفة الإسبانية، في ذات التحقيق، أن العاملات المعنيات قدمن إلى إسبانيا ضمن إطار “أمر GECCO”، وهو برنامج يُسهل التعاقد مع العمال في بلدانهم الأصلية لفترة عمل محددة، مع إلزامهم بالعودة إلى بلدهم بعد انتهاء العمل.

وأضافت أنه خلال هذا الموسم، قُدر عدد النساء المغربيات اللواتي انتقلن إلى إسبانيا للعمل في جني الفواكه الحمراء في منطقة “هويلفا”، خاصة في حقول الفراولة والتوت، بنحو 17000 امرأة، من بينهن 4000 لأول مرة.

وبخصوص الحالة الأولى التي سلطت الصحيفة الضوء عليها، فيتعلق الأمر بمجموعة من العاملات، من بينهن امرأة حامل في شهرها الخامس، وصلن إلى هويلفا بتاريخ 7 أبريل 2025 للعمل، مضيفة أنه بعد بضعة أسابيع، توقفت الشركة عن تشغيلهن، واكتفت فقط بتوفير السكن المنصوص عليه.

ونقلت عن إحدى النقابات التي رفعت الشكوى أنه لم يتم منحهن عقود عمل أو كشوف أجور خلال المدة التي اشتغلن فيها، كما لم يتم إصدار بطاقات هوية الأجانب (TIE) الخاصة بهن.

وتابعت النقابة أن هشاشة وضعية هؤلاء النساء ازدادت بشكل خاص بالنسبة للحامل منهن، وعمومًا لأنهن كن قد أرسلن إلى أسرهن كل ما جنينه من أجر خلال شهر أبريل الماضي، معتقدات أنهن سيواصلن العمل، فوجدن أنفسهن بدون أي مورد مالي وفي “وضعية هشاشة اقتصادية قصوى”.

وحسب رواية النقابة، كشفت الصحيفة أن مسؤولة المزرعة وصاحب العمل مارسا الضغط على العاملات للعودة إلى بلدهن “بوسائلهن الخاصة”، دون تقديم أي حل أو الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في اتفاق التعاقد من بلد المنشأ.

في المقابل، وبعد تدخل النقابة، أبرز المصدر أن الشركة وافقت أخيرًا على توقيع العقود، وتقديم كشوف الأجور، والشروع في إجراءات إصدار بطاقات هوية الأجانب، التي تخول للعاملات العودة في المواسم المقبلة للمشاركة في حملة جني الفراولة.

وتُعد هذه الوثائق ضرورية للاستفادة من امتيازات نظام “GECCO”، والذي ينص على أن العاملين ضمنه يمكنهم الحصول على تصريح عمل لمدة أربع سنوات، يحق لهم خلالها الاشتغال لمدة تسعة أشهر عن كل سنة ميلادية.

أما بخصوص الواقعة الثانية، فتتعلق بعاملة مغربية تُدعى زهرة عملت طيلة سبع سنوات في جمع الفراولة بهويلفا بموجب عقد من بلدها، لكنها أُعيدت إلى المغرب بعد تشخيص إصابتها بسرطان عنق الرحم.

وأشارت صحيفة “إل بوليتيكو” إلى وجود تضارب كبير في الروايات بشأن الواقعة؛ ففي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر مقربة من العاملة أن ترحيلها إلى المغرب حرمها من استكمال علاجها الذي يُعد مرتفع التكلفة هناك، يدعي أرباب العمل في القطاع أنها هي من طلبت العودة نظرًا لكون حالتها الصحية ميؤوسًا منها.

وأوضحت مسؤولة في إحدى الجمعيات التي تتواصل مع العاملة أن هذه الأخيرة لا تتوقف عن البكاء بسبب وضعها الصحي الصعب، ولا تملك المال اللازم لتغطية مصاريف العلاج في المغرب، خاصة أنها مطلقة وأم لستة أطفال، تعيل أسرتها بما تكسبه من عملها الموسمي في جني الفراولة طيلة سبع سنوات.

وأضافت المسؤولة أن العاملة لا تعرف كيف ستتعالج أو كيف ستتمكن من الاستمرار، في حين كانت في إسبانيا مشمولة بحق التأمين الصحي نتيجة اشتغالها وتسجيلها في الضمان الاجتماعي.

وتابعت أن العاملة المعنية تتمتع بحقوقها هنا بناءً على سنوات العمل التي أمضتها، لكن في المغرب، كل شيء مكلف وهي لا تملك المال. علاج السرطان هناك يتطلب مبالغ كبيرة، وإن لم تكن قادرة على دفعها، فهي ستموت بشكل أسرع.

وطالبت باحترام حقوق العاملة التي عملت بإسبانيا سبع سنوات ضمن نظام “GECCO”، مؤكدة أن لها الحق في إجازة مرضية وفي العلاج. “لا يمكنك طردها إلى المغرب، لأنها ستفقد جميع حقوقها هناك”.