story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

الاعتراف بفلسطين.. خطوة مصيرية أم مجرد دعم رمزي في معادلة الصراع؟

ص ص

تباينت آراء الخبراء بشأن دلالات اعتراف عدد من الدول الكبرى، مثل بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال، بالدولة الفلسطينية، بين من يعتبره خطوة تحمل بداية “تهديدات محتملة” لمستقبل الشعب الفلسطيني عبر إطالة أمد الصراع وشرعنة ما يُوصف بـ “حل الدولتين الوهمي”، وبين من يرى في هذا القرار خطوة مصيرية نحو رسم ملامح الدولة الفلسطينية وضمان تطبيق حل الدولتين في إطار المساعي الأممية.

وفي السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد العالي حامي الدين، أن اعتراف بعض الدول الكبرى بالدولة الفلسطينية، رغم أهميته الرمزية والدبلوماسية، يحمل في طياته دلالات متناقضة تعكس طبيعة المرحلة السياسية الراهنة.

وهم “حل الدولتين”

وأوضح حامي الدين، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن هذه الخطوة تمثل من جهة “ضغطاً سياسياً ودبلوماسياً ملموساً على دولة الاحتلال”، لكنها في المقابل “تبعث برسائل موازية”.

وأبرز في نفس السياق أنها تسمح بإتاحة المزيد من الوقت لمواصلة “حرب الإبادة الجماعية” التي تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني في غزة، وأيضا تسويق وهم “حل الدولتين”، الذي فقد أي إمكانية للتطبيق بفعل سياسة الاستيطان الإسرائيلي، مع استخدامه لتبرير مواقف الدول الغربية أمام شعوبها الرافضة للحرب، ومنع تحول هذا الرفض إلى موقف مضاد لإسرائيل وسرديتها الاستعمارية.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن ذلك يدفع نحو “إمكانية إنعاش مسار التطبيع مع بعض الدول العربية ومنحها ذرائع إضافية لتبرير استمرارها فيه، رغم أن هذا المسار لا يخدم سوى مصالح إسرائيل كدولة احتلال”.

وختم حامي الدين بالقول إن “أهم ما يثير الانتباه في هذه الخطوة هو موقف إسرائيل الرافض لها، والذي تقف خلفه قوى وازنة مثل فرنسا والسعودية”، معتبراً أن هذا المعطى يختزل التناقضات التي تحيط بقرار الاعتراف بفلسطين في السياق الدولي الراهن.

خطوة مصيرية

من جانبه، يرى خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن قرار هذه الدول يكتسي “طابعًا مصيريًا” بالنسبة للمستقبل، سواء على المدى المتوسط أو البعيد، “وسيكون له أثر بالغ في رسم ملامح الدولة الفلسطينية، بما يضمن تطبيق حلّ الدولتين الذي تدعمه اليوم أطراف عديدة في إطار مساعي الأمم المتحدة”.

وأكد الشيات، أن لهذه الاعترافات “أبعادًا رمزية وتاريخية وأخلاقية لا يمكن إغفالها”، موضحًا أن بريطانيا كانت وراء تأسيس الأزمة منذ البداية، حين وضعت الأراضي الفلسطينية تحت الانتداب لتصبح قاعدة لإنشاء وطن قومي لليهود.

وأضاف أن “هذا الاعتراف يترتب عنه مسؤولية تاريخية وأخلاقية، تستدعي تصحيحها عبر مواقف واضحة من قِبل قوى غربية مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا، على غرار ما قام به المغرب في قضيته الوطنية المتعلقة بالصحراء، حين استند إلى منطق العدالة التاريخية والأخلاقية للمطالبة باسترجاع أراضيه وحقوقه المشروعة”.

وشدد المتحدث ذاته على أن التطورات الميدانية تكشف عن تعارض استراتيجي واضح، يتمثل في مساعي إسرائيل للتوسع في غزة وفرض واقع جغرافي وسياسي جديد، مدعومة في ذلك من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وأوضح أن هذه السياسات، رغم طابعها الاستعراضي في بعض جوانبها، تعكس في الجوهر تراجع الدور الاستراتيجي للولايات المتحدة على الساحة الدولية، سواء في ما يخص موازين القوى الراهنة أو استشراف المستقبل، فضلًا عن تراجع الثقة التي باتت تكنّها الشعوب العربية تجاه واشنطن، على الرغم من محاولاتها تسويق خطاب إصلاحي أو وعود بالدعم.

اعتراف متزايد

واعترفت كل من بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال، يوم الأحد 21 شتنبر 2025، رسمياً بدولة فلسطين، ومن المتوقع أن تحذو فرنسا وبلجيكا ودول أخرى حذوها خلال قمة الأمم المتحدة المقررة اليوم الاثنين 22 شتنبر 2025 في نيويورك، والتي ستهيمن عليها مناقشات الحرب المستمرة في قطاع غزة.

وتستعد فرنسا، إلى جانب عشر دول أخرى، للاعتراف رسمياً بفلسطين في إطار جهود لممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل، وفق ما أكدت الرئاسة الفرنسية، ومن المتوقع أن تنضم إلى فرنسا دول أخرى، بينها أندورا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وسان مارينو.

وبذلك يرتفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 145 على الأقل من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، وفق إحصاءات وكالة فرانس برس، إلا أن ذلك لا يغير الوضع القانوني لفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة، في ظل استمرار الولايات المتحدة في عرقلة عضويتها الكاملة.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تكثف فيه إسرائيل قصفها لقطاع غزة، ردًا على هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، وسط تصاعد الضغوط الدولية نتيجة الوضع الإنساني المتدهور في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.