احتجاجات إنذارية لمهنيي الصحة رفضا للمساس بمركزية الأجور وصفة الموظف العمومي
نظّمت العديد من الأطر الصحية المغربية، يوم الاثنين 10 نونبر 2025، وقفات احتجاجية إنذارية بمختلف مواقع العمل، بدعوة من الجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، للتنديد بمحاولة المساس بمركزية الأجور وصفة الموظف العمومي، وذلك بمناسبة مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية لسنة 2026، وهما المكسبان اللذان نص عليهما اتفاق 23 يوليوز 2024، الموقع بين النقابات المهنية والوزارة الوصية.
وجاءت هذه الوقفات، التي نُظّمت ما بين الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة زوالا، احتجاجا على إدراج أجور مهنيي الصحة في خانة “المعدات والتجهيزات”، بدل فصل “نفقات الموظفين”، خلال مناقشة مشروع الميزانية بالبرلمان الأسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، أكد رحال لحسيني، نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أن مهنيي الصحة المنضوين تحت لواء النقابة خاضوا، صباح الاثنين، إضراباً إنذارياً جزئياً لمدة ساعة، تخللته وقفات احتجاجية بمختلف المؤسسات الصحية، تعبيراً عن رفضهم القاطع للطريقة التي جرى بها تصنيف أجورهم ضمن مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الصحة برسم سنة 2026.
وأثار هذا التصنيف استياء واسعا في صفوف مهنيي القطاع، الذين اعتبروا الأمر “تراجعا عن الاتفاق الموقع في 23 يوليوز 2024 بين النقابات الصحية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية”، والذي نصّ صراحة على إدماج أجور الأطر الصحية في الميزانية العامة للدولة، باعتبارهم موظفين عموميين خاضعين للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
ويؤكد المهنيون أن صرف أجورهم من الميزانية العامة عبر الخزينة العامة للمملكة يشكّل ضمانة أساسية لاستقرارهم المالي والإداري، وحفاظا على حقوقهم ومكتسباتهم في إطار القوانين المركزية المنظمة للوظيفة العمومية.
غير أن مشروع تصنيف الأجور الجديد أثار مخاوف من إمكانية إسقاط صفة الموظف العمومي عن الأطر الصحية، خاصة في ظلّ التحولات الجارية ضمن ورش إعادة هيكلة المنظومة الصحية الوطنية وإحداث المجموعات الصحية الترابية.
وفي هذا الصدد، أوضح لحسيني، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الوزارة الوصية أدرجت أجور العاملين بالقطاع ضمن خانة “المعدات والتجهيزات”، بدل فصل “نفقات الموظفين”، وهو ما يشكل ـ في حال المصادقة عليه ـ مساساً بمبدأ استقرار الأجور، “إذ سيجعلها خاضعة سنوياً لتقديرات قانون المالية، وبالتالي معرّضة للتقلب مع كل دورة ميزانيات أو تغيّر حكومي”.
وأشار المتحدث إلى أن “هذا التوجه يهدد الاستقرار القانوني والإداري والمادي للأطر الصحية، وقد يفتح الباب أمام تحويلهم تدريجيا إلى موظفي المجموعات الصحية الترابية دون ضمان الحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم التي يضمنها النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية”.
ومن جهته، عبّر عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، عادل عوين، عن رفضه القاطع لإدراج أجور مهنيي الصحة ضمن خانة المعدات والتجهيزات، معتبرا الخطوة “تراجعاً خطيراً” عن الالتزامات الحكومية السابقة.
وأوضح عوين، في تصريح مماثل، أن هذا التصنيف يتناقض مع الاتفاق المبرم في 23 يوليوز 2024 بين النقابات الصحية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والذي نص بوضوح على إدماج أجور مهنيي الصحة في الميزانية العامة للدولة، مشيراً إلى “أن المادتين 23 و24-60 من قانون المالية تؤكدان أن الخزينة العامة للمملكة هي الجهة المخولة قانونا بتدبير وصرف أجور مهنيي الصحة”.
وأضاف المسؤول النقابي أن أي تعديل في هذا الإطار “يمثل ضربا لمكتسبات الأطر الصحية، ومؤشرا مقلقا على محاولة تفكيك صفة الموظف العمومي عن فئة أساسية داخل المنظومة الصحية الوطنية”، داعياً الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها واحترام بنود الاتفاق الموقع مع النقابات.
وكان التنسيق النقابي الوطني لمهنيي الصحة، قد عبر هو الآخر، عن رفضه التام والمطلق لما وصفه بـ “انقلاب ورِدَّة” على الاتفاقات المبرمة مع الحكومة، وذلك بعد إدماج أجورهم ضمن فصل “المعدات والنفقات المختلفة” بالميزانية، على خلاف اتفاق 23 يوليوز 2024، القاضي بأدائها من “الميزانية العامة للدولة، فصل نفقات الموظفين”.
واعتبر التنسيق في رسالة وجهها التنسيق إلى أمين التهرواي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن ما جاءت به وزارته في مناقشة مشروع الميزانية الفرعية للوزارة في البرلمان يوم الثلاثاء 04 نونبر 2025، “انقلابا ورِدَّة على كل ما تم الاتفاق عليه، ومسا بشكل خطير بالحقوق المكتسبة لمهنيي الصحة”.