إعلام إسباني: المغرب يستعرض عضلاته التنظيمية الكروية على إسبانيا

شهد سباق المغرب وإسبانيا حول إستضافة المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم 2030 في الأيام القليلة الماضية تطورات متسارعة على أكثر من صعيد، كان محورها هو ملعب سانتياغو برنابيو بمدريد، الذي تحوّل من أحد رموز الطموح الإسباني لاحتضان الأحداث الكبرى، إلى نموذج للإخفاقات التنظيمية والتخبط الإداري.
يأتي ذلك في وقت يتحرك فيه المغرب بخطى ثابتة داخل الأوساط الكروية الإفريقية والعالمية، من أجل إقناع الجميع أن ملعب الحسن الثاني الكبير ببنسليمان، هو المكان الأنسب الذي تتوفر فيه كل الشروط التقنية والمعمارية لاستضافة اختتام حدث المونديال.
صحيفة “إيل كونفيدنسيال” الإسبانية الواسعة الإنتشار خصصت إحدى مقالاتها، الإثنين 14 أبريل 2025، للحديث عن التطورات الأخيرة للصراع على استضافة المباراة النهائية، وعن تفاصيل المنافسة المحتدمة بين المغرب وإسبانيا من أجل احتلال المركز المحوري في ملف تنظيم كأس العالم 2030.
أزمة الحفلات الموسيقية في البرنابيو
في تطوّر مفاجئ، أعلن نادي ريال مدريد الأسبوع الماضي إلغاء حفلي الفنانة الإسبانية أيتانا، اللذين كان من المقرر إقامتهما في ملعب سانتياغو برنابيو يومي 27 و28 يونيو المقبل. ويأتي هذا القرار بعد أن أُجّل الحفلان في وقت سابق من دجنبر 2024، بسبب عدم توافق الملعب مع الشروط القانونية التي وضعتها بلدية مدريد، المتعلقة بالحماية من الضوضاء، في إشارة واضحة إلى أن عملية التحديث التي خضع لها الملعب لم تراعِ الجوانب التقنية والقانونية بالكامل.
وفي ظل هذه الأزمة، أعلنت أيتانا عن نقل حفليها إلى ملعب الرياض متروبوليتانو، التابع لنادي أتلتيكو مدريد، والمقرر إقامتهما في 30 و31 يوليوز.
ورغم محاولة عمدة مدريد خوسي لويس مارتينيز ألمييدا تهدئة الأجواء بتصريحه: “أنا متأكد من أننا سنتوصل إلى حل مع ريال مدريد والسكان لاحتضان الحفلات مستقبلًا”، فإنه عاد ليقر بوجود عائق قانوني قائلاً: “علينا أولًا حل الإشكالات القانونية العالقة.”
هذا المشهد فُسّر على أنه فشل تنظيمي حقيقي لملعب تم تحديثه بتكلفة تجاوزت الضعف مقارنة بالميزانية الأصلية، دون مراعاة الجوانب الحيوية التي تؤهله لاستضافة الفعاليات الفنية أو حتى النهائيات الدولية الكبرى.
المغرب يستعرض عضلاته الكروية في قمة الرباط
وفي المقابل، كانت الرباط على موعد مع حدث رياضي من العيار الثقيل، إذ احتضنت النسخة الأولى من قمة كرة القدم العالمية (WFS) – الرباط 2025، والتي استغلها المغرب ببراعة لاستعراض قدراته المتنامية في المجال الكروي والبنى التحتية، وخاصة ما يتعلق بخططه الطموحة لاستضافة نهائي كأس العالم 2030.
وفي هذا السياق، عاد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووزير الميزانية فوزي لقجع، ليؤكد أن المغرب يسعى بقوة لأن يكون مسرح النهائي الكروي الأكبر عالميًا، معلنًا أن العمل جارٍ على بناء ملعب الحسن الثاني الكبير في الدار البيضاء، والذي سيكون – بحسب المخططات – أكبر ملعب كرة قدم في العالم بسعة تصل إلى 115 ألف متفرج.
الملعب المغربي يتفوق على المنافسين
المشروع المغربي الجديد سيتجاوز سعة ملعب رونغرادو الأول من ماي في كوريا الشمالية (114 ألف متفرج)، ويقترب من ملعب ناريندرا مودي الهندي (132 ألف متفرج)، رغم أن الأخير مخصص للكريكت.
وسيستمد ملعب الحسن الثاني تصميمه من الثقافة المغربية التقليدية، مستلهمًا الخيام، المواسم الشعبية، وخضرة الواحات، في مزيج من الحداثة والأصالة.
وأكد المهندس المغربي طارق أولعلو، المصمم الرئيسي للملعب، أن التصميم “ليس مدروسًا فقط لاستضافة مباريات كرة القدم، بل متخيّلا من الأساس ليكون المسرح المثالي لنهائي كأس العالم”.
الغياب الإسباني يفتح الباب أمام الطموحات المغربية
اللافت في القمة أن الاتحاد الإسباني لكرة القدم، برئاسة رافاييل لوزان، وكذلك نادي ريال مدريد، لم يكونا حاضرين، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول الجدية الإسبانية في الدفاع عن استضافة النهائي.
في المقابل، حضر كل من نادي برشلونة، فياريال، إشبيلية، ورابطة الدوري الإسباني (La Liga)، إضافة إلى عدد من نجوم كرة القدم من أصول مغربية وإسبانية، أمثال فريديريك كانوتيه، وليد الركراكي، وجيريمي، الذين شددوا على عمق العلاقات الكروية بين البلدين.
وقد استغل السفير الإسباني في المغرب، إنريكي أوجيدا فيلا، الفرصة للدفاع عن الملاعب الإسبانية، معتبرًا أن سانتياغو برنابيو أو كامب نو هما الخياران “الطبيعيان” لاحتضان النهائي، في محاولة متأخرة لتدارك التفوق المغربي .
التنافس أم الشراكة؟
في تعليقه على الحدث، قال يان أليسي، مدير قمة كرة القدم العالمية: “التحالف بين إسبانيا والمغرب من أجل استضافة كأس العالم 2030 يمثل فرصة تاريخية، لكنه أيضًا منافسة صحية على من يتولى الأدوار القيادية في الملف”.
وأشار إلى أن استضافة مباريات حاسمة مثل النهائي يمكن أن تدر على الاقتصاد الإسباني ما يصل إلى 5 مليارات يورو وتخلق 80 ألف فرصة عمل، دون أن يورد مزيدًا من التفاصيل.
المغرب يتقدم وإسبانيا تتعثر
بينما يسير المغرب بخطى متسارعة نحو تحقيق هدفه، وسط دعم سياسي ومؤسساتي شامل، تبدو إسبانيا منقسمة على ذاتها. فـ”الحرب الأهلية” داخل أروقة الكرة الإسبانية، من غياب التنسيق بين الاتحاد والأندية، إلى مشاكل البنية التحتية، كما هو الحال في ملعب سانتياغو برنابيو، تعيق قدرتها على تقديم ملف موحد ومتماسك.
وكما عنون أحد المواقع الإسبانية الخبر المتعلق بأيتانا بـ”فشل أيتانا في البرنابيو”، فإن العنوان الأصح هو: “فشل البرنابيو نفسه”.
وقد ينتهي الأمر، إن استمرت الأمور على هذا المنوال، بأن يُقام نهائي كأس العالم 2030 في مدينة مغربية تُدعى “الدار البيضاء”، المدينة لا يشكو سكانها من ضوضاء الملاعب.