أسر ضحايا “أحداث القليعة” تطالب بتحقيق نزيه في “مقتل” أبنائها
نظّمت عائلات الشبان الثلاثة الذين لقوا مصرعهم رميا بالرصاص في منطقة القليعة التابعة لإقليم إنزكان، مطلع أكتوبر الماضي، وقفة احتجاجية أمام رئاسة النيابة العامة بالرباط، صباح الاثنين 10 نونبر 2025، للمطالبة بفتح تحقيق عاجل يكشف ظروف مقتل أبنائها ويرتب المسؤوليات القانونية.
وجاءت هذه الوقفة بتنسيق بين أسر الضحايا والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحضرها عدد من الحقوقيين، من بينهم خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية، وعمر أربيب، رئيس فرع الجمعية بمراكش، بالإضافة إلى كل عائلة كل من عبد الصمد أوبلا (23 سنة، مصور)، ومحمد الرحالي (24 سنة، حلاق)، وعبد الحكيم الدرفيضي (في الثلاثينات، عامل بناء)، الذين توفوا خلال “أحداث العنف والانفلاتات الأمنية” التي شهدتها القليعة بداية الشهر ذاته، على هامش احتجاجات “جيل Z”.
قمصان بيضاء و “رسالة حمراء”
في مشهد مؤثر، ارتدت أسر الضحايا قمصانا بيضاء كتب عليها باللون الأحمر عبارة “العدالة للشهيد”، وحمل كل أب وأم على صدره اسم ابنه، في تعبير رمزي عن الألم والاحتجاج. وفي أيديهم رفعوا صور أبنائهم مطالبين بـ“الحق في الحقيقة والعدالة”.
وقالت أم الشاب محمد الرحالي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” إن الهدف من الوقفة هو “المطالبة بإجراء تحقيق نزيه وشفاف”، مضيفة أن رسالة الوقفة “موجهة إلى مسؤولي الأجهزة الأمنية ورئاسة النيابة العامة، وإلى جلالة الملك حفظه الله، الذي نثق بأنه يتابع هذا الملف. أبناؤنا طيبون، ليست لهم سوابق قضائية، ولا علاقة لهم بأعمال التخريب، وما تعرضوا له غير مُبرَّر”.
وختمت الأم حديثها بالقول: “نحن دفاع أبنائنا في الأرض، وسنواصل النضال من أجل حقهم، وندافع كذلك، كي لا يلقى شخص آخر نفس المصير”، موجهة رسالة لمن تقول إنهم تسببوا في قتلهم: “لن نسامحكم، لا في الدنيا ولا في الآخرة”.
مطالب بشكف الحقيقة
من جانبه، طالب شقيق الراحل عبد الحكيم الدرفيضي، بتمكينهم من التقارير الطبية الكاملة لجثث الضحايا، مؤكداً أن أسر الضحايا “لم تتسلم حتى الآن سوى شهادة الوفاة وشهادة الدفن. وقد دفنا أبناءنا دون أن نعرف الحقيقة، لذلك نطالب بفتح تحقيق شامل وعاجل، ومعاقبة كل من ثبت تورطه في هذه المأساة”.
وأوضح المتحدث، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الضحايا كانوا، أثناء الاحتجاجات، “بعيدين عن مركز الدرك الملكي، الذي تعرض لهجوم وتخريب بمسافة تتراوح بين 150 و400 متر”، معتبراً أن هذا الأمر “يزيد من الغموض حول ظروف إطلاق النار في حق أبنائنا وإخواننا”.
ومن جهته، قال أب الراحل، المصور عبد الصمد أوبلا، إن ابنه “كان طالبا بالمعهد السينمائي بمدينة ورزازات، وحضوره أثناء الاحتجاجات، كان لتصوير وتغطية الأحداث فقط، دون أن يشارك في أي أعمال شغب”.
وأضاف المتحدث، أن “شاهد عيان أكد أن شخصا مسلحا اقترب من ابني وأطلق عليه رصاصة مباشرة في الرأس لمنعه من التصوير، قبل أن يرديه قتيلا”.
وتابع قائلا: “جثة ابني وُجدت وقد تم سحلها لنقلها من مكان إلى آخر، وكانت عليها آثار واضحة للجروح”، حسب تعبيره، مطالبا في نفس السياق، “بتحقيق نزيه وشفاف، يشكف ملابسات ما جرى، نحن في دولة الحق والقانون، وإذا لم يُفتح تحقيق في هذه الأحداث بمدينة أكادير، فنحن مستعدون لمواصلة نضالنا السلمي هنا في العاصمة الرباط تحت رعاية جلالة الملك”.
رواية النيابة العامة
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، عبد الرزاق فتاح، كان قد أعلن، في 2 أكتوبر 2025، عن فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة، عقب الأحداث التي شهدها مركز الدرك الملكي بالقليعة.
وأوضح ممثل النيابة العامة في لقاء صحافي قبل ذلك، أن التحقيقات الأولية كشفت عن “تجاوزات وانفلاتات غير قانونية من قبل متجمهرين، أغلبهم قاصرون، مدججون بأسلحة بيضاء وعصي وحجارة”.
وأضاف أن المتجمهرين“أضرموا النار في مكتب نائب قائد المركز، وأعادوا إشعال النيران بعد إطفائها مرتين، مما خلف خسائر مادية كبيرة، بينها تلف كاميرات المراقبة والبوابة الرئيسية”.
وفي غضون ذلك، أكد عبد الرزاق فتاح أن عناصر الدرك “اضطرت إلى استخدام أسلحتها الوظيفية وفق الضوابط القانونية المعمول بها، دفاعا عن النفس، وحماية الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة”.
*كنزة احسيني الخاضير