story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحة |

أثار الغضب ودعا للتحقيق.. تفاصيل “طرد” سيدة حامل في حالة مخاض من مستشفى تطوان

ص ص

أثارت واقعة “رفض” المستشفى الإقليمي بتطوان استقبال سيدة حامل في وضعية مستعجلة موجة من الغضب في الأوساط الحقوقية والطبية، كما وصل صدى الواقعة إلى قبة البرلمان، حيث تمت المطالبة بفتح تحقيق في الحادث ومحاسبة المتورطين، وهو ما أعاد النقاش مجددا حول جودة الرعاية الصحية في المنطقة، وسلط الضوء على الاختلالات التي يعاني منها القطاع الصحي هناك.

تفاصيل الواقعة

وتعود تفاصيل الواقعة، بحسب رئيس جماعة تازروت، أحمد الوهابي، في مراسلته التي وجهها إلى عامل إقليم العرائش، (تعود) إلى الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم الخميس 17 أبريل 2025، حين تم نقل سيدة حامل في وضعية مخاض من جماعة تازروت التابعة لإقليم العرائش نحو المستشفى الإقليمي سانية الرمل بمدينة تطوان، عبر سيارة إسعاف جماعية، وبرفقة مولدة تابعة للمركز الصحي المحلي، موضحا أنه جرى اختيار هذا المستشفى نظراً للحالة الحرجة للسيدة والمسافة الأقصر التي تفصل تازروت عن تطوان مقارنة بمدينة العرائش.

“غير أن الطبيب المداوم بالمستشفى رفض استقبال الحالة، متذرعاً بأن المستشفى لا يستقبل المرضى القادمين من خارج النفوذ الإداري لإقليم تطوان، وأنه يتعين توجيه السيدة إلى المستشفى الإقليمي للا مريم بالعرائش، كما أفادت المولدة المرافقة”، حسب ما ورد في المراسلة، “أن الطبيب تم إخطاره بالمسافة الطويلة التي تفصل تازروت عن العرائش، والتي تتجاوز 113 كيلومتراً، مقابل 56 كيلومتراً فقط نحو تطوان، إلا أن الطبيب أصرّ على قراره دون مراعاة الوضع الصحي الحرج للمريضة”.

وكشف الوهابي أن “نقل السيدة الحامل إلى مستشفى سانية الرمل جاء بناء على تنسيق إقليمي مسبق بين مندوبية الصحة بالعرائش ونظيرتها بتطوان، وتمت فيه موافقة المندوب الإقليمي للصحة بتطوان على استقبال الحالة، غير أن هذا التنسيق لم يُؤخذ بعين الاعتبار من طرف الطبيب المعني، الذي استمر في رفضه وتعامل بطريقة مهينة مع الطاقم المرافق”.

وأمام هذا الوضع، تابع المصدر، أن المولدة اضطرت لمواصلة الرحلة نحو مستشفى محمد الخامس بمدينة طنجة، الذي استقبل الحالة وقدم لها العناية اللازمة إلى حين إتمام عملية الولادة.

سب وإهانة

وفي تقرير شخصي وجهته إلى المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بالعرائش، كشفت المُولدة التي رافقت السيدة الحامل إلى مستشفى تطوان، ظروف وملابسات الحادث، حيث قالت إنها تعرضت لحادث مهني خطير يوم 17 أبريل 2025 أثناء مرافقتها لسيدة حامل في وضعية مستعجلة نحو مستشفى سانية الرمل بتطوان، مؤكدة أنها “استوفت جميع الإجراءات القانونية والطبية قبل التوجه إلى المستشفى”.

وأشارت المولدة في التقرير الذي اطلعت صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منه، إلى أنها تزاول عملها بالمركز الصحي المؤقت بتازروت، الذي وصفته بكونه فضاء لا يستجيب لأدنى شروط العمل الآمن في مصلحة الولادة، بسبب غياب المساحة الكافية، وشروط النظافة، وحتى الماء الصالح للاستعمال، وأضافت أنهن كمولدات يواصلن تقديم خدمات توليد النساء القرويات بكل تفانٍ ومسؤولية، حيث بلغ عدد الولادات بالمركز منذ افتتاحه 29 حالة رغم الظروف الصعبة.

وأوضحت أنه بتاريخ 17 أبريل 2025، استقبلن سيدة حامل كانت تحت تتبعهن طيلة شهور الحمل، ولها سوابق في الولادة القيصرية والإجهاض، وأضافت أنها قامت بمعاينة الحالة في الساعة 21:37، وتبين أن حالتها تستدعي تحويلاً استعجالياً إلى مستشفى مجهز بطبيب اختصاصي، مشيرة إلى أنها سبق أن وجهتها يومًا قبل ذلك بورقة تحويل لكنها لم تذهب، ما دفعها هذا اليوم إلى إعداد تحويل جديد، بعد التنسيق مع المنسق الإقليمي الذي أكد لها أن التنسيق تم مع مستشفى سانية الرمل لاستقبال الحالة.

وتابعت أنها وصلت إلى مستشفى تطوان بعد حوالي ساعة من مغادرة المركز وسلمت السيدة لمصلحة الولادة، ثم شرعت في شرح حالتها للقابلات، قبل أن تتفاجأ بشخص ينادي بصوت مرتفع ليسأل عن مصدر الحالة، لتتقدم وتخبره أنها من تازروت، فإذا به يواجهها بعبارات “جارحة ومهينة”.

وذكرت أن الطبيب المكلف بالحراسة خاطبها بقول “عيطي للمندوب يجي يولدها” و”سير منين جيتي”، ثم هددها قائلا “غادي نعيط البوليس وتلسق ليك مونتيف”، مضيفة أنه “استدعى الحارس العام وشرطي المستشفى، وتم منعها من المغادرة وطلب منها الإدلاء ببطاقتها الوطنية، ما رفضته وفق تعليمات المنسق الإقليمي”.

كما أشارت إلى أن الشرطي هددها قائلاً إن الكاميرا سجلت كلامها، وإن الشرطة ستأتي لأخذ معلوماتها، مؤكدة “أن كل ذلك جرى والسيدة الحامل تتألم في الممر بعد تمزق كيس السائل الأمنيوسي، وسط صراخها وتوسلات أسرتها التي لم تجد أي تجاوب أو مساعدة”.

وختمت بقولها إنها اضطرت إلى إعادة السيدة إلى سيارة الإسعاف والتوجه بها إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة، حيث تم استقبالها باحترام، بينما بقيت هي تحت وقع الصدمة، “منهارة ومهانة”، مطالبة بفتح تحقيق جاد ومسؤول وإنصاف كل المتضررين وحماية كرامة العاملين في قطاع الصحة الذين يشتغلون في ظروف صعبة.

نفي الواقعة

من جهتها، نفت إدارة مستشفى سانية الرمل بتطوان بشكل قاطع ما تم تداوله من أخبار تفيد برفض استقبال السيدة الحامل، مما اضطرها للوضع في الشارع العام، معتبرة أن “هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة”.

وقالت إدارة المستشفى، في بيان توضيحي، “إن السيدة وصلت إلى المؤسسة الصحية عبر سيارة إسعاف تابعة للجماعة الترابية تازروت بإقليم العرائش، دون احترام المساطر الإدارية المعمول بها وفي غياب أي تنسيق رسمي مسبق”.

وتابعت “أن السيدة خضعت للفحص من طرف الطبيب المداوم بمصلحة الولادة وبحضور الحارس العام وفريق المداومة، حيث استغرق الفحص والعناية حوالي 30 دقيقة، وتبين أن حالتها غير مستعجلة، مما استوجب توجيهها نحو مستشفى محمد الخامس بطنجة، المرجع الصحي للإقليم وفقًا لمسار العلاجات”.

وأكدت إدارة المستشفى، في البيان نفسه، “أن السيدة المعنية وضعت مولودها في ظروف جيدة وبشكل طبيعي بمستشفى محمد الخامس، ليلة الخميس صبيحة الجمعة”، داعية إلى “تحري الدقة وتجنب الانسياق وراء الأخبار الزائفة”، ومجددة في نفس الوقت “التزامها بخدمة المرتفقين وفق الضوابط القانونية والمهنية المعمول بها”.

ضرورة فتح تحقيق

وأثار الحادث ردود فعل متباينة، حيث بلغ صداه قبة البرلمان، بعدما وجه النائب البرلماني محمد أوزين سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، وصف فيه السلوك بـ”غير الإنساني واللامسؤول”، كما اعتبر أن ما حدث يعكس حجم الاختلالات العميقة التي يعاني منها قطاع الصحة العمومية، في وقت تمضي فيه الدولة في تنفيذ مشروع تعميم الحماية الاجتماعية.

وطالب النائب البرلماني بفتح تحقيق عاجل في الحادث، مع محاسبة المتورطين، متسائلاً عن التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتحسين جودة الخدمات الصحية وضمان الحق في العلاج، خاصة في الحالات المستعجلة التي تهدد حياة المواطنين.

وفي سياق متصل، اعتبرت النقابة المستقلة للممرضين بإقليم العرائش – القصر الكبير، أن “ما تعرضت له المولدة داخل مستشفى سانية الرمل بتطوان من سب وتهديد وتشهير، أثناء مرافقتها لسيدة حامل، هو سلوك غير مسؤول ومخز، كما أنه لا يمت للأخلاقيات المهنية بصلة، ويضرب في العمق كرامة مهنيي الصحة”.

وأكدت النقابة في بيان أصدرته، عن تضامنها المطلق واللامشروط مع المولدة المعنية، معتبرة أن الحادثة تمس كل مهني غيور على القطاع الصحي، مُدينة بشدة “التهجم اللفظي والتهديدات التي تعرضت لها زميلتهم من طرف طبيب الحراسة”، في مشهد وصفته “بالصادم والمخالف لأبسط قواعد الاحترام المهني”.

وحمل البيان إدارة مستشفى سانية الرمل المسؤولية الكاملة عما جرى، مطالباً بفتح تحقيق فوري وجاد، واتخاذ إجراءات حازمة في حق كل من ثبت تورطه في الواقعة، حفاظاً على كرامة الأطر الصحية، وخاصة التمريضية منها، التي تشتغل في ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة.

كما استنكر البيان استمرار السلوكيات المهينة داخل المؤسسات الصحية، والتي تكرس مناخ التخويف والاحتقان، وتزيد من معاناة مهنيي الصحة الذين يشتغلون في بيئة تفتقر لأدنى شروط الحماية القانونية والإدارية، رغم التضحيات الجسيمة التي يقدمونها يومياً.

وفي ختام بيانه، طالب المكتب الإقليمي للنقابة، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإعادة النظر في تدبير الموارد البشرية، وضمان بيئة عمل محترمة وآمنة، مؤكداً عزمه خوض كل الأشكال النضالية المشروعة لرد الاعتبار للمولدة المعنية، والدفاع عن كرامة الأطر التمريضية كافة.