%75 منهم سودانيون.. 6 آلاف مهاجر يعبرون إلى المغرب عبر الحدود الشرقية
تصدّر المهاجرون القادمون من السودان أكبر موجات الهجرة الوافدة على المغرب خلال سنة 2025، من أصل ما يقارب ستة آلاف مهاجر غير نظامي عبروا الحدود المغربية الجزائرية.
وكشفت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في ندوة صحافية يوم الأربعاء 11 دجنبر 2025 أن السودانيين يشكلون أكثر من %75 من مجموع طالبي اللجوء والمهاجرين الذين استقبلتهم مراكز المنظمة خلال هذه السنة.
ويرجع ذلك إلى الأزمة العميقة التي يعيشها السودان منذ أكثر من عامين جراء الحرب الدائرة بين ميليشيات الدعم السريع والجيش السوداني، وهي حرب خلّفت آلاف الضحايا وتسببت في موجات نزوح كبيرة داخل البلاد وخارجها.
وتعكس نسبة الوافدين على المغرب حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها السودانيون، والتي تدفع بآلاف الأشخاص إلى ركوب طرق هجرة بالغة الخطورة بحثاً عن مكان آمن.
وتشير المنظمة الحقوقية في تقريرها الموضوعاتي الثاني حول قضايا الهجرة واللجوء بالمغرب، الصادر بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من دجنبر 2025، إلى أن حوالي ستة آلاف شخص عبروا الحدود المغربية الجزائرية منذ مطلع السنة.
كما استقبلت مراكز المنظمة في مدن وجدة والناظور وطنجة والدار البيضاء والرباط وأكادير أكثر من خمسة آلاف مهاجر وطالب لجوء ينتمون إلى جنسيات عربية وإفريقية، خصوصاً من دول جنوب الصحراء والساحل إضافة إلى السودان.
ولاحظ التقرير أن نسبة النساء بين هؤلاء الوافدين تبلغ عشرة في المائة، موضحاً أن كثيراً منهن يهربن من واقع الاضطهاد والعنف السائد في البلدان التي يفدن منها.
أما القاصرون غير المرفقين فيمثلون نحو خمسة وثلاثين في المائة من مجموع الوافدين، الأمر الذي يعكس هشاشة البنية الديمغرافية لهذه التدفقات وارتفاع حاجياتها الإنسانية والاجتماعية.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن النساء المهاجرات يشكلن عموماً خمسة عشر في المئة من مجموع الوافدين على المغرب، وقد تعرضت أغلبيتهن للعنف الجنسي ولأشكال مختلفة من الاستغلال والاتجار بالبشر، فيما دعت المنظمة إلى وضع سياسة عمومية تراعي مقاربة النوع الاجتماعي وتستجيب لحاجياتهن في مجالات الدعم النفسي والصحي والاجتماعي والإدماج.
أما القاصرون غير المرفقين، الذين يشكلون ثلاثين في المائة من مجموع الوافدين، فقد شددت المنظمة على حاجتهم إلى حماية خاصة تراعي متطلبات الإيواء والتعليم والتكوين والصحة الجسدية والنفسية، إضافة إلى حمايتهم من عصابات الاتجار بالبشر والاستغلال.
وفي ما يتعلق باللجوء، أحالت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان خلال هذه السنة أربعة آلاف وثلاثمئة وثمانين طلب لجوء على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قدمها أشخاص ينتمون إلى دول عربية وإفريقية من بينها الكاميرون وغينيا ونيجيريا وبوركينافاسو ومالي والصومال وإثيوبيا وإريتريا وإفريقيا الوسطى وتشاد وجنوب السودان والسودان.
وفي المقابل، سجلت المنظمة شن حملات واسعة للتوقيف في عدد من المدن المغربية، يُنقل خلالها اللاجئون وطالبو اللجوء إلى مدن أخرى مثل الرشيدية وشيشاوة، وذلك رغم حملهم وثائق رسمية صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتدخلت المنظمة لمنع ترحيل عدد من طالبي اللجوء الذين تم توقيفهم رغم توفرهم على وثائقهم القانونية، كما ساعدت نحو ألف ومئة وتسعين شخصاً في الحصول على بطائق اللجوء التي تخول لهم تسوية وضعيتهم الإدارية. وأحالت المنظمة كذلك أكثر من تسعمائة مهاجر ولاجئ على جمعيات متخصصة تقدم المساعدة الاجتماعية والطبية والإيواء.
وعلى مستوى محاولات العبور نحو أوروبا، شهدت سنة 2025 نشاطاً مكثفاً للهجرة غير النظامية عبر السواحل الشمالية. بحيث أفاد التقرير بأن أكثر من عشرين ألف مهاجر عبروا إلى إسبانيا خلال الشهور الأولى من السنة، بينما أحبطت السلطات المغربية أكثر من اثنين وأربعين ألف محاولة للهجرة عبر قوارب غير آمنة، وأنقذت البحرية الملكية ما يزيد عن تسعة آلاف شخص من الغرق.
ورغم هذه التدخلات، يشير المصدر ذاته إلى أن عدداً كبيراً من المهاجرين يستمرون في فقدان حياتهم في عرض البحر، وأن تحديد العدد الحقيقي للغرقى والمختفين يبقى صعباً بسبب غياب آليات رسمية للتتبع.
ويخصص التقرير حيزاً مهماً لظاهرة الاتجار بالبشر، التي تتفاقم في سياق الهجرة المختلطة. وتُظهر المعطيات الحديثة ارتفاع عدد الضحايا خلال السنتين الأخيرتين، ومعظمهم نساء وقاصرون تعرضوا للاستغلال الجنسي ولأشكال متعددة من العنف والعمل القسري.
وتشدد المنظمة على أن كشف هذه الجرائم يظل صعباً بسبب الطبيعة السرية للشبكات المتورطة فيها، داعية إلى تعزيز قدرات أجهزة إنفاذ القانون وتوفير موارد إضافية للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.
ويخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات الضرورية لإصلاح سياسة الهجرة واللجوء في المغرب. وتشمل الدعوة إلى إلغاء تجريم الهجرة غير النظامية والإقامة غير الشرعية، وتعزيز حماية النساء والقاصرين ضحايا العنف والاتجار بالبشر، وإنشاء آليات للدعم القانوني والطبي والنفسي في المناطق الحدودية في إطار مشروع أنسنة الحدود.
كما يدعو التقرير إلى إحداث آلية وطنية للتحقيق في حالات الاختفاء والغرق، وتقوية الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية، والتسريع بإصدار قانون اللجوء، وتحسين القوانين المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب ومدونة الشغل ومسطرة الإبعاد والطرد.
وتشدد الوثيقة كذلك على ضرورة وضع تدابير تضمن إدماج المهاجرين واللاجئين في الصحة والتعليم والسكن والعمل والعدالة دون تمييز، ومناهضة كل أشكال سوء المعاملة، وإصدار قانون خاص بمناهضة التمييز والكراهية والعنصرية، وإنشاء آلية وطنية تعنى بمكافحة التمييز.
ودعا المصدر إلى دعم جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال الهجرة واللجوء، والنهوض بالحقوق السجنية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، وضمان تواصلهم مع ذويهم ومعارفهم.
وفي الختام، أوصى التقرير بالمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية، من بينها بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين، واتفاقية الحد من حالات انعدام الجنسية، واتفاقيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بحقوق العمال المهاجرين والعمال المنزليين والحرية النقابية.