مع اقتراب الانتخابات.. ضيوف “من الرباط” يطرحون سؤال تغييب السياسيين عن الواجهات الكبرى
سلط برنامج “من الرباط”، الذي يُبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، الضوء على دلالات الغياب اللافت لرئيس الحكومة وعدد من الفاعلين السياسيين عن واجهات التظاهرات الكبرى، في مقدمتها افتتاح كأس إفريقيا وحضور ولي العهد، وهو غياب فتح نقاشا واسعا حول موقع السياسي داخل المشهد العام، وحدود حضوره في سياق انتخابي دقيق.
السياسي يتراجع والدولة تتصدر المشهد
في هذا السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي والفاعل السياسي، عمر الحياني، أن غياب رئيس الحكومة “لم يعد تفصيلا بروتوكوليا عابرا”، متسائلا عمّا إذا كان هذا الغياب إراديا أم مفروضا، قبل أن يرجّح أن الأمر يعكس توجها عاما ب”عدم الدفع بالوجوه السياسية إلى الواجهة، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية”.
وأوضح الحياني أن الدولة، في تقديره، “تفضل حضور رجالاتها بدل السياسيين، تفاديا لأي قراءة انتخابية قد توحي بانحياز أو تفضيل حزب على آخر”، مشيرا إلى أن هذا السلوك لا يمكن فصله عن السياق العام الذي يعرفه الحقل السياسي المغربي، حيث يتم، حسب تعبيره، “تحقير السياسي واستبعاده من مجالات كانت من صميم اختصاصه”.
كما استشهد بما وقع في قطاع الفلاحة، وتدبير الجبايات المحلية التي نُقلت من وزارة المالية إلى وزارة الداخلية، فضلا عن تدخل هذه الأخيرة في المجال الرياضي.
واعتبر الحياني أن هذا المسار “يتناقض مع منطق الانتقال الديمقراطي”، مشددا على أنه حتى لو كانت الدولة غير راضية عن الفاعلين السياسيين الحاليين، فإن احترام القواعد الديمقراطية يظل ضروريا، لأن التداول قد يأتي يوما بأحزاب أخرى إلى الواجهة إذا منحها المغاربة ثقتهم .
وخلص المتحدث بالتأكيد على أنه لا يمكن، من منظور ديمقراطي، “الفرح باستحواذ الدولة العميقة على اختصاصات السياسيين وإقصائهم من الواجهة”.
السنة الانتخابية تحجب المنتخبين المحليين
بدوره، اعتبر الإعلامي والكاتب عبد الله الترابي أن تغييب السياسيين لا يقتصر على المجال الرياضي، و إنما يشمل حتى المنتخبين المحليين، الذين تراجع حضورهم لصالح الولاة والعمال في الأشهر الأخيرة.
وفسّر الترابي هذا التوجه بكونه مرتبطا بسنة انتخابية، حيث تسعى الدولة، وفق قراءته، إلى منع أي “ركوب سياسي” على مشاريع أو تظاهرات أطلقتها، سواء كانت قارية أو دولية.
وأوضح الترابي أن حضور رئيس الحكومة، وفق المنطق الديمقراطي، يظل أمرا طبيعيا، غير أن ظهوره في هذا السياق قد يُقرأ كرسالة ضمنية بتفضيله انتخابيا، وهو ما تسعى الدولة إلى تفاديه.
وأضاف أن النقاش اليوم لم يعد يُدار وفق القواعد الديمقراطية الكلاسيكية، بل انزلق إلى أسئلة أكثر تعقيدا حول النموذج السياسي الذي يتشكل فعليا، متسائلا عمّا إذا كان المغرب يتجه، بشكل غير واع، نحو نماذج حكم أخرى، على غرار النموذج الصيني أو السنغافوري، رغم التشبث الدستوري بالخيار الديمقراطي.
كرة القدم كانت ولازالت تحت سيطرة الدولة
من جانبه، وضع الخبير الاقتصادي ياسين اعليا النقاش في بعده التاريخي، مؤكدا أن كرة القدم في المغرب “ظلت دائما مجالا محفوظا للدولة العميقة”، لافتا إلى أن الجامعة الملكية لكرة القدم، منذ عقود، كانت تدار من طرف العسكر، وصولا إلى المرحلة الحالية التي يديرها التكنوقراط، من أسماء مثل الفهري وصولا إلى فوزي لقجع، مشيرا إلى أن هؤلاء يشتغلون وفق رؤى وبرامج واضحة، لكن داخل منطق تحكم مركزي.
وأشار اعليا إلى أن مذكرات عدد من الفاعلين الرياضيين تكشف أن التدخل في كرة القدم كان، في فترات سابقة، يصل إلى تفاصيل دقيقة، من قبيل تحديد من يدخل ومن يخرج أثناء المباراة، بل وحتى التواصل مع المدرب خلال أطوار اللقاء، ما يعكس طبيعة هذا المجال باعتباره حساسا واستراتيجيا،مضيفا أن الدولة، بحكم فهمها العميق لقيمة هذا المجال، لا يمكن أن تتركه خارج دائرة التحكم.
كما اعتبر المتحدث أن كرة القدم تعد من أكثر المجالات القادرة على تعبئة الشعور الجماعي، و”تجييش العاطفة العامة”، مضيفا أن سحر الكرة يجعل الفرد، مهما كان عقلانيا، يفقد جزءا من اتزانه حين يتعلق الأمر بالنقاش الكروي.
لمشاهدة الحلقة كاملة، يرجى الضغط على الرابط