story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

في تناقض صارخ.. تصدير المياه يستمر على الرغم من الأزمة

ص ص

بينما تعيش البلاد على وقع أزمة مياه “خانقة” لم تعد خافية عن أحد، يتواصل تصدير مياهها الجوفية عبر صناديق الخضر والفواكه المستنزفة للماء التي تصدرها للخارج، وهو الأمر الذي وضع الحكومة في مرمى انتقادات “لاذعة”.

ففي الوقت الذي اتجهت فيه الحكومة إلى التضييق على صنابير المغاربة في استعمالهم اليومي للماء، عبر الإعلان عن مجموعة من الإجراءات من بينها إغلاق الحمامات وقطع الماء محليا في أوقات معينة من اليوم، لم تتخذ أي إجراء متعلق بالزراعات المستنزفة للماء أو قيود على تصديرها، وذلك بالرغم من أن الأرقام تكشف أن أصل استنزاف الماء يعود إلى القطاع الفلاحي، حيث إن استهلاك هذا الأخير للماء يفوق حاجز 80 بالمائة، بينما الاستهلاك اليومي يكاد لا يتجاوز نسبة 7 بالمائة.

وفي هذا الصدد عديد من الأصوات، ترى أنه لا معنى للتضييق على صنابير المغاربة في وقت تصدر فيه البلاد مياهها عبر صناديق الخضر والفواكه إلى الخارج “خاصة إلى بلدان تفرض هي الأخرى قيودا على استهلاك مياهها الجوفية”.

تناقض غير مفهوم

في حديث له مع “صوت المغرب”، حول سياسة المغرب المائية خاصة فيما يتعلق بجانب تصدير الخضر والفواكه، لم يخفِ الخبير الدولي في الموارد المائية بروما، محمد بازة، استغرابه بشأن ما وصفه بالتناقض متسائلا “كيف يمكن لبلد يعيش  ” أزمة خانقة للمياه أن يكسر عددا من الأرقام القياسية في الإنتاج والتصدير للخضر والفواكه؟”.

وتابع المتحدث قائلا إنه لا يقصد “كل الصادرات إذ أن هناك احتمال أن قسطا منها قد يكون سليما من الناحية القانونية، ويقتصر على استغلال المياه المتجددة و الكميات التي ينتجها و يصدرها أصبحت أقل مما كانت عليه من قبل بسبب ندرة المياه، ولا تؤثر على الأمن المائي والغذائي أو على البيئة وحقوق الآخرين من المياه.”

ولكنه استدرك هذا الكلام بالإشارة إلى أن هنالك إجماعا بين المختصين حول اعتماد أغلبية الصادرات على موارد مائية غير المتجددة، وعلى الآبار غير المرخصة من قبل وكالات الأحواض المائية وكميات المياه المستغلة التي تفوق المرخص به، الخ.

وبخصوص تصدير الطماطم إلى إسبانيا بأرقام قياسية علق الخبير قائلا إن “هذه الدولة لديها موارد مائية مهمة ولديها أيضًا قانون لإدارة الجفاف يسمح للحكومة بخفض كميات المياه المسحوبة من طبقات المياه الجوفية كإجراء وقائي. وقد أدى تطبيق هذا القانون مؤخرا إلى تقليص المساحات المزروعة بمعظم المحاصيل،”.

وبالتالي فإن “إسبانيا تفضل استيراد الطماطم وسلع أخرى من المغرب ودول أخرى من أجل الحفاظ على مياهها في حالة الوقوع في أزمة”. وخلص محمد بازة الخبير الدولي في الماء بأن الاستمرار في هذه السياسة الفلاحية ليس في صالح البلاد، وعبر عن هذا الموقف بقوله إن “أولئك الذين يتباهون بأن صادرات المغرب من الطماطم تجاوزت صادرات اسبانيا، يحتاجون إلى مراجعة معرفتهم بما هو في صالح الوطن”.

محمد بازة خبير دولي في الموارد المائية

وقبل أن يخلص الخبير الدولي إلى هذه القناعة استعرض مجموعة من المعطيات والأرقام المتعلقة بالسياسات المائية التي تنهجها البلاد.

تدبير غير سليم

ولتشريح تعامل السلطات المغربية مع أزمة الماء في علاقتها بالفلاحة، أوضح محمد بازة أنه “لضمان ديمومة الزراعة المروية يجب عليها أن تعتمد على موارد مائية متجددة، سواء كانت سطحية أو جوفية، تقليدية أو غير تقليدية، وفي حالة الأزمات مثل الحروب مثلا، أو الكوارث الطبيعية، مثل الجفاف، يمكن للسلطات أن تسمح باستعمال قسط من مخزون المياه الجوفية في مناطق معينة من أجل انتاج الأغذية للسكان.

وهذا على أن يتم تعويض الكميات المستغلة عبر تغذية الطبقات المائية المعنية بمجرد أن تسمح الظروف بذلك. أي عندما تعود الأمطار، لكي يعود المخزون إلى وضعه الطبيعي. قائلا إن “كمية المياه التي يتم استعمالها كل سنة في هذه الحالة تنحصر في متوسط الكميات المتجددة المتاحة، وهو ما يسمى بإدارة أو تدبير الطلب على المياه”.

ويرى الخبير أن كل هذا لا يتحقق عندنا، حيث “لا تتحكم السلطات إلا في مياه السدود ولا يتم تطبيق تدبير الطلب على المياه؛ بينما المياه الجوفية لا يتحكم فيها أحد، مما أدى إلى استنزاف معظم  الفرشات المائية أو تلويثها حتى أصبحت غير صالحة للشرب. وهو الأمر الذي يراه الخبير الدولي في الموارد المائية، أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه فإن “المتضرر الأول من النقص الحاد في المياه الناتج عن هذه التصرفات سيكون هو قطاع الزراعة المروية نفسه.”

وكدليل على أهمية المياه الجوفية أشار الخبير إلى “البرنامج الاستعجالي لمياه الشرب والسقي الذي يتم تنفيذه حاليا والذي يعتمد كثيرا على المياه الجوفية لتزويد المناطق المتضررة بمياه الشرب، حيثما لا زالت هناك مياه جوفية، بينما في المناطق التي لم تبق فيها مياه جوفية يتم الاعتماد فقط على الصهاريج المحمولة وهو حل جد مكلف نسبيا” حسب محمد بازة.

وفي الجزء المتعلق بتصدير المنتوجات الفلاحية، يرى الخبير أنه خلال فترات الجفاف وندرة المياه، يمكن للبلاد أن تتخذ إجراءات خاصة مثل وقف الري جزئيا أو كليا على بعض المحاصيل أو كلها، أو تقليص أو وقف تصدير بعض المنتجات الفلاحية.

وساق في هذا الصدد مثال القيود المفروضة على تصدير الزيتون والزيت خلال الموسم الحالي حيث انحصرت النسبة المصدرة في 8 بالمائة فقط من إجمالي الإنتاج، “وكان الهدف من هذا الأجراء هو تفادي ارتفاع ثمن زيت الزيتون داخليا.