story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

سعيدة العلمي.. عن حرية التعبير

ص ص

تم اعتقال المدونة المغربية، سعيدة العلمي، المعروفة بدفاعها عن المعتقلين السياسيين، في مارس 2022 بسبب تدويناتها على منصة فيسبوك، وتمت متابعتها بتهم عديدة، منها “إهانة موظفين عموميين خلال أدائهم لمهامهم”، والحكم عليها حبسا نافذا، ما خلق جدلا حقوقيا واسعا في المغرب وخارجه، حيث اعتبر حقوقيون أن العقوبة قاسية وغير متناسبة، خصوصا أن المعنية بالأمر لا سوابق لها وتعبر عن مواقفها وآرائها بشكل حضاري وسلمي، كما أن الكثير من آرائها التي عبرت عنها تجد انتشارًا بين المدونين والنشطاء على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم من اختلاف اللغة والأسلوب، إذ أن لكل فرد لديه طريقته، خطابه، واستراتيجيته الخاصة في الدفاع عن حقوق الإنسان، يتفق المجتمع الحقوقي على أننا يجب ان ندافع جميعًا عن حقنا في التعبير، متنوعين في وسائلنا واساليبنا السلمية ولكن متحدين في المبدأ.

ومن المعلوم أن حدة الخطاب الاحتجاجي مرتبط أساسا بحدة الواقع الاجتماعي الذي يعيشه المواطنات والمواطنون، ولذا فإن واقعًا مليئًا بالظلم والقهر لا يمكن أن ينتج خطابًا “مهذبًا” لا يعكس حجم المعاناة والظلم. ومهما اشتدت حدة الخطاب، يظل كلامًا يندرج ضمن حرية التعبير ولا ينبغي أن يصل إلى حدوث انتهاكات لحقوق الأفراد وتعريضهم لعقوبات سالبة للحرية.

وهذا الاختلاف في الخطاب لا يتنافى مع المبدأ العام في ضمان حرية التعبير والحق في الدفاع عن حقوق الإنسان للجميع دون تمييز، ولذلك، يُعتبر اعتقال السيدة سعيدة العلمي انتهاكا لحرية الرأي والتعبير المكفولة لها دستوريًا، وفي المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

وحتى في حال اعتبرنا فرضا، أن الخطاب قد يتضمن إساءة إلى شخصية عمومية أو مؤسسة، يجب ألا تكون العقوبة سالبة للحرية، ويجب أن يتم فحصها ضمن إطار حرية التعبير، وقد سبق للمحكمة الابتدائية بالصويرة في المغرب، أن أصدرت بتاريخ 04/01/2023، حكمًا قضى ببراءة ناشط حقوقي من جنحة إهانة هيئات منظمة على خلفية تدوينات نشرها في صفحته الشخصية على موقع فايسبوك، إذ اعتبرت المحكمة أن عبارات النقد التي استخدمها المتهم، لا تخرج عن إطار حرية التعبير والرأي المكفولتين دستوريًا ودوليًا. 

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس في 10 دجنبر 1948، على حق كل إنسان في التمتع بحرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، وفي استقاء الأنباء والأفكار ونقلها للآخرين بأي وسيلة كانت، دون أية قيود (المادة 19). فرغم اختلاف الآراء بشأن الخطاب، يجب الحذر من فرض عقوبات تُحرم أي شخص من حريته، ويجب الغاء جميع العقوبات السالبة للحرية والتنصيص على مقتضيات قانونية تحقق ضمان حرية التعبير دون المساس بكرامة المواطنات والمواطنين. 

وكمدافعات ومدافعين عن حقوق الإنسان، فإننا نعارض بشدة خطاب العنف والكراهية والتشهير والتمييز والعنصرية، لكننا نؤكد أيضا أن انتقاد المسؤولين العموميين أو السياسات العامة، طالما أنه لا يحرض على العنف ضدهم أو يلحق بهم ضررًا، يدخل ضمن إطار حرية التعبير. 

هو المبدأ نفسه الذي أشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في ماي  2019 حين قال إن “التصدي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد أو حظر حرية التعبير. بل يعني منع تصعيد خطاب الكراهية من أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة، لا سيما التحريض على التمييز والعداوة والعنف، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي.”

لذلك فان الدفاع عن سعيدة العلمي والمطالبة بالإفراج عنها وعن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي هو مطلب مشروع ومبدئي دفاعا عن حرية التعبير والرأي والاحتجاج في المغرب.