خبير: نسبة النجاح المحققة في امتحانات البكالوريا هذه السنة تثير عددا من التساؤلات
بالرغم من موجة الاحتقان والبداية المتعثرة التي عرفها الموسم الدراسي الجاري بسبب موجات الاضرابات التي خاضتها الشغيلة التعليمية لمدة قاربت الثلاثة أشهر بسبب النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية إلا أن نسبة النجاح في امتحانات البكالوريا لهذه السنة بلغت 67,8%، متقدمة بثمان نقط مئوية بالمقارنة مع نتائج السنة الماضية التي بلغت 59,8% في الدورة العادية، وفق ما أعلنته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
هذه النسب دفعت عددا من المهتمين بالشأن التربوي إلى التساؤل حول صدقيتها، وكيف يمكن تحقيق هذه النسبة المرتفعة بالمقارنة مع السنة الماضية، في ظل التعثرات والمشاكل التي عرفها الموسم الدراسي الحالي.
حقيقة وصدقية النتائج
وفي هذا الصدد تساءل الأستاذ الجامعي والخبير في السياسات التربوية حسين زهيدي، عن حقيقة وصدقية هذه النتائج، حيث قال: “كيف يمكن لنا أن نفهم هذا التحسن خصوصا وأن الموسم الدراسي بدأ متعثرا، والدراسة توقفت لأشهر عديدة بسبب الإضرابات، وبالمقابل انتهى الموسم الدراسي في موعده العادي، وفي نفس الوقت نحقق تحسنا في نسبة النجاح بالمقارنة مع الموسم الدراسي الماضي، الذي كان موسما عاديا ولم يشهد أي تعثرات”.
وأضاف الخبير في السياسات التربوية في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، “إذا كان التعثر يحقق هذه النتائج ويعطي تحسنا في نسبها، فهذا يعني أنه يجب أن نكون متعثرين دائما”.
وأخرت الإضرابات التي عرفها قطاع التربية والتكوين انطلاق الموسم الدراسي بشكل غير مسبوق وكانت تهدد بسنة بيضاء، قبل أن يتم التوافق بين الحكومة والتنسيقيات الوطنية لنساء ورجال التعليم والنقابات حول النظام الأساسي للقطاع الذي أوقف مسلسل إضرابات شلت القطاع لمدة تقارب ثلاثة أشهر.
ولتدراك الزمن الدراسي المهدور بسبب هذه الإضرابات، كانت الوزارة قد التزمت بإقرار دروس الدعم لفائدة التلاميذ عبر برنامج مكثف، “لكنه لم يكن بالشكل المطلوب من حيث المضمون والمدة الزمنية ولم يكن عاما وشاملا لكافة مدارس المملكة من أجل تعويض أيام الإضرابات”، يقول حسين زهيدي.
مصداقية شواهد البكالوريا
وأوضح الأستاذ الجامعي أن نسب هذه النتائج سيكون لها “تأثير سلبي” على صورة وقيمة شهادة البكالوريا المغربية لدى مؤسسات التعليم العالي الأجنبية، وقال ” من المحتمل جدا أن يكون لهذه النسبة تأثير سلبي على مصداقية شواهد البكالوريا وصمعتها لدى مؤسسات التعليم العالي بالخارج”، مضيفا أنه “من غير المفهوم، كيف أننا أهدرنا قدرا كبيرا من الزمن المدرسي وفي نفس الوقت تحسنت النتائج وزادت نسبة نجاح التلاميذ بالمقارنة مع السنة الماضية”.
وسجل زهيدي أن هذا الأمر “غير منطقي ويجعلنا نتساءل في نفس الوقت عن صدقية نتائج السنة الماضية التي كانت سنة عادية ولم تشهد لا إضرابات ولا تعثرات وحققنا نتائج أقل من النتائج التي حققناها هذه السنة، إذن هذا الأمر يدفعنا إلى الطعن فيها وفي صدقيتها”.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن نفس الشيء عشناه مع نتائج الموسم الدراسي الذي صادف جائحة كورونا سنة 2020، مبرزا أنه “لا يمكن حينما نكون أمام أزمة في مجال التعليم على غرار أزمة كورونا، ونقوم بتدخل من أجل إنقاذ الموسم الدراسي، أن نحقق نتائج أفضل، حتى يقال إن تدخلنا كان موفقا”، مؤكدا بالقول “هذا الأمر غير منطقي وغير مفهوم”.
هدر زمن الإصلاح
وتعليقا على السياسات الحكومية في مجال التعليم ومقاربتها في إصلاح هذا القطاع الذي يعاني عددا من الإشكالات منذ زمن بعيد، أوضح الخبير في السياسات التربوية أن الحكومة من خلال هذه السياسات وهذه المقاربة هي بصدد “هدر زمن الإصلاح لأنها تشتغل خارج القانون الإطار 17- 51 الخاص بقطاع التربية والتكوين”.
وشدد على أنه مهما كانت الاجتهادات ومهما كانت النيات حسنة، “كل ما ينجز خارج القانون الإطار 17- 51، هو خارج زمن الإصلاح ويعرقل عملية الإصلاح، لأن هذا القانون هو تعاقد وطني استراتيجي أراده الملك باعتباره أعلى سلطة في البلاد أن يحمينا من الوقوع من جديد في دوامة الاصلاح وإصلاح الإصلاح”.
وأكد المصدر ذاته أن الحكومة “تقوم بتعطيل هذا القانون وتشتغل عوضا عنه بشيء اسمه خارطة الطريق وهذا أمر غير واضح وغير مقبول نهائيا”، موضحا في نفس السياق، أن اللجنة الوطنية لمواكبة وتتبع إصلاح المنظومة التي تم إحداثها بناء على مقتضيات القانون الاطار17- 51 “والتي هي أعلى هيئة للحكامة ويترأسها رئيس الحكومة لم تنعقد نهائيا في زمن الحكومة الحالية”.
وخلص حسين زهيدي إلى أن اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة البرامج والمناهج والتكوينات، “التي أعطاها المشرع عدد من الصلاحيات هي الأخرى لم تنعقد قط منذ إحداثها ونجهل عنها حاليا كل شيء، وبالمقابل نرى الموارد البشرية للوزارة تتطاول على اختصاصات هذه اللجنة وتعقد يوم دراسي لإعداد دلائل مرجعية للمهن والكفاءات وهذا خطير ومخالف لروح القانون، وبهذا فإن الحكومة لم تلتزم بمقتضيات القانون الإطار 17- 51″، يقول المتحدث ذاته.