خبير: مشروع مالية 2026 استجابة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية لـ “جيل Z”

اعتبر خبراء أن مشروع قانون المالية لسنة 2026، “يعكس الاستجابة للتحديات الوطنية”، بما فيها مطالب “جيل Z” المتعلقة بالإصلاح الاجتماعي والسياسي، وذلك من خلال ارتكازه على أربعة محاور رئيسية تشمل تعزيز النمو الاقتصادي، دعم التنمية المجالية، توطيد أسس الدولة الاجتماعية، وضبط التوازنات المالية.
في هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي محمد جدري، إن “مشروع قانون المالية لسنة 2026 هو آخر قانون مالية للحكومة الحالية التي ستنتهي ولايتها مع نهاية السنة المقبلة، وبالتالي يمثل المرحلة النهائية لتنزيل الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي 2021-2026″، مشيرا إلى أن “هذا المشروع أُعد في ظل ظرفية دولية معقدة تتسم باللايقين، ما يجعل التخطيط المالي الوطني تحديا كبيرا”.
وأوضح جدري أن “هذه الظرفية العالمية تشمل مشاكل في الشرق الأوسط، وحربًا تجارية بين أمريكا والصين، إضافة إلى تذبذب أسعار العملات والمعادن والنفط”، مبرزا أن “كل هذه المتغيرات تلقي بظلالها على إعداد مشروع قانون المالية، لكنها لم تمنع تسجيل مؤشرات اقتصادية وطنية إيجابية هذا العام”.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن “الاقتصاد الوطني من المتوقع أن يسجل نموًا بنسبة 4,8% خلال 2025، مع تحكم جيد في التضخم الذي وصل إلى 1% مقارنة بـ6,1% سنة 2022″، مضيفا أن “عجز الميزانية تحسن بشكل كبير، ليصل إلى 3,5%، وهو مؤشر على قدرة الحكومة على ضبط المالية العامة رغم الظرفية الاستثنائية”.
وأضاف أن “الإعداد لمشروع قانون المالية جاء أيضا في سياق وطني استثنائي، خاصة بعد خطاب العرش في 30 يوليوز الماضي، الذي شدد على أن المغرب لا يمكن أن يستمر في العمل بسرعتين”، كما أشار إلى أن “احتجاجات ‘جيل Z’ في الأسابيع الماضية ألقت بظلالها على المشروع، من خلال التركيز على أربعة مرتكزات أساسية”.
وأكد أن “المرتكز الأول يتمثل في وضوح الرؤية الاقتصادية للمغرب حتى سنة 2035، بهدف مضاعفة الناتج الداخلي الخام ليصل إلى 260 مليار دولار”، موضحا أن “تعزيز جاذبية المستثمرين الأجانب وتشجيع القطاع الخاص الوطني، خصوصًا المقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة، يمثل جزءًا مهمًا من الاستراتيجية”.
وأورد المتحدث أن “تفعيل ميثاق الاستثمار، مع دعم المقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة ومغاربة العالم، يعد محورا رئيسيا لتعزيز النمو”، مبرزا أن “تحسين مناخ الأعمال ومعالجة إشكاليات الماء والطاقة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، تشكل أولوية استراتيجية ضمن المشروع”.
وتابع أن “المرتكز الثاني يركز على البرامج المندمجة الترابية، التي تهدف إلى تعزيز التنمية في الجهات البعيدة عن المركز مثل درعة-تافيلالت، الشرق، كلميم-واد نون، وبني ملال-خنيفرة”، موضحا أن “هذه البرامج ستسهم في خلق فرص شغل للشباب وتعزيز التنمية المحلية المتوازنة”.
وأردف الخبير أن “المرتكز الثالث يتعلق بتوطيد أسس الدولة الاجتماعية، حيث سيتجاوز الغلاف المالي لقطاعي التعليم والصحة 140 مليار درهم في 2026″، مشددا على “أن تحسين جودة التعليم العمومي في المناطق البعيدة وتوسيع الولوج إلى الخدمات الصحية يمثلان هدفا رئيسيا، مع افتتاح مراكز استشفائية جامعية في أكادير والعيون والرباط”.
وأشار إلى أن “المشروع سيخلق نحو 27 ألف منصب مالي لدعم التعليم والصحة، مع تعزيز الحماية الاجتماعية عبر تعميم معاش التقاعد على جميع الفئات، وتعميم منحة فقدان الشغل للعمال غير الأجراء والمهن الحرة، إلى جانب زيادة الدعم المباشر للأسر عن طريق الأطفال”.
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن المرتكز الرابع لمشروع قانون مالية السنة المقبلة، “يركز على التحكم في التوازنات المالية، بحيث لا يتجاوز عجز الميزانية 3% خلال السنة القادمة، مع ضبط المديونية”، مؤكدا أن “هذا الأمر يعكس حرص الحكومة على الحفاظ على استقرار المالية العامة وتعزيز نجاعة الاستثمار العمومي لضمان استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.