بنيس: المغرب انتقل من مجتمع الجهد الواقعي إلى مجتمع الريع الرقمي
قال أستاذ علم الاجتماع سعيد بنيس، إن المغرب في أعقاب جائحة كورونا، انتقل من مجتمع الجهد الواقعي إلى مجتمع الريع الرقمي، موضحا أن هذا الواقع الجديد بات يرهن قيم الشباب في المستقبل، مما يضعهم أمام أزمة “احتباس قيمي”.
وتطرق بنيس خلال مداخلته في لقاء أكاديمي حول تقديم الإصدار الجديد الخاص ب “التقرير الإستراتيجي المغربي 2022-2024” يوم أمس الجمعة 12 يوليوز 2024 إلى المدرسة باعتبارها حل من الحلول لظاهرة ما أسماه “الاحتباس القيمي”، مؤكدا ضرورة التركيز على التربية بدل التعليم، حيث أن “التعليم قد ينتج نوابغ في بعض المجالات كالرياضيات والطب، لكن هذا المواطن قد ينتهي به المطاف في إحدى الدول الأوروبية دون أن يستفيد المغرب منه شيئا”.
وتابع المتحدث أن “التركيز على التربية وجعل المدرسة موقعا للتنشئة المجتمعية سيفرز مواطنين يحملون هم وطنهم وهم الدفع بالنمو الاقتصادي إلى الأمام”، مشددا على أن “حل معضلة الاحتباس القيمي سيوصلنا إلى مفهوم المواطنة الإيجابية التي جاءت في إحدى الخطب الملكية”.
وأكد بنيس على ضرورة استرجاع محاضن التربية والتنشئة في المغرب كالمدارس والعائلة، مستعرضا في ذلك التجربة الكورية التي تركز على تعليم الأطفال ما بين سن 4 و10 سنوات مفهوم أن تكون “مواطنا كوريا” بكل ما يتضمنه ذلك من تقاليد وأعراف.
وأوضح بنيس أنه على الرغم من التفوق المدرسي فإن غياب بعض الأمور البسيطة عن الطفل المغربي كمعرفة الرد على تعابير التعزية أو التهنئة تجعله مواطنا ناقصا، مسجلا في هذا الجانب ظاهرة أسماها ب”العزوف عن الثقافة”.
وأمام هذه الظاهرة، دعا المتحدث إلى “التفكير في “يقظة ثقافية” تعيدنا للعمل على بناء مجتمع المعرفة والثقافة، بدل مجتمع التفاهة والأخبار الزائفة الذي بتنا نعيشه اليوم”، مستغربا “كيف أن بعض الأحداث التافهة تأخذ حيزا كبيرا من النقاش العمومي بالمغرب والذي قد يستمر لأشهر”.
وانتقد المتحدث “منطق التنظيم” الذي يسعى لضخ الكثير من الأموال لتنظيم بعض المحافل والمهرجانات، مبرزا أن العالم الافتراضي اليوم بات جسر الثقافة، مستدلا في ذلك بحادث الازدحام والتدافع على توقيع أحد الكتاب السعوديين ضمن المعرض الدولي الأخير للكتاب والنشر بسبب تعرفهم على إصداراته عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
وأردف بنيس أن هذا الانتقال الرقمي “خلق مواطنة رقمية تتميز بكونها أكثر عدوانية وذلك بسبب الانعزالية التي يعيشها المواطن الرقمي والتي تعد المسبب الأول لرفع منسوب العدوانية حسب أدبيات علم النفس”، مضيفا أن هذه العدوانية تهدد منظومة “تمغرابيت” التي تجمعنا.