المغرب في الكؤوس الأوربية
في أواخر تلك الثمانينيات من القرن الماضي، كان ظهور لاعب مغربي في مباراة لكرة القدم بأوربا منقولة على الهواء للمشاهدين في مختلف بقاع العالم، حدثا يستأثر باهتمام الجميع وتتناقله ألسنة المغاربة بعد المباراة المذكورة طيلة أسبوع كامل ويكون مصدر فخر واعتزاز لهم، ويتحدث عنه الصغار والكبار بحماس لافت.
ظهور ميري كريمو مع نادي باستيا، أو عزيز بودربالة مع ماطرا راسينغ الباريسي، أو حسن فاضل وبادو الزاكي وحسن ناضر مع مايوركا، في مباريات على المباشر، كان يحدث غالبا مرة أو مرتين في الموسم الكروي، وكان ذلك يصنع الحدث ويعطي للمغرب مكانا خاصا بين البلدان الإفريقية والعربية التي كانت جماهير الكرة فيها أيضا يشاهدون تلك المباراة.
الأمر يتعلق هنا في الغالب بمباريات البطولات المحلية أو الكأس وخاصة في فرنسا وإسبانيا، أما الدوريات الأوربية وأقصد بها المسابقات القارية التي كانت تحت مسمى كأس الأندية البطلة، وكأس الكؤوس وكأس الاتحاد الأوربي، فكان نوعا من الخيال أن تشاهد فيها اسما مغربيا، واستمر ذلك سنوات طويلة حتى طلع علينا لأول مرة في نهاية كأس الأندية الأوربية البطلة لموسم 1987-1988 الرجاوي السابق رضوان حجري وهو يدخل احتياطيا مع نادي بينيفيكا البرتغالي ضد نادي بي إس في أيندهوفن الهولندي ويتم إشراكه في نهاية المباراة التي انتهت بضربات الجزاء كان حجري واحدا من المسجلين.
بعده بسنوات جاء عميد المنتخب الوطني نور الدين النيبت ليلعب مع ديبورتيفو لاكورونيا نصف نهاية كأس عصبة الأبطال الأوربية في موسم 2003-2004، بل وكان عميدا لمباراة الذهاب بعد غياب عميد الديبور آنذاك البرازيلي ماورو سيلفا.. تزامن ذلك مع بداية اجتياح أبناء المهاجرين المغاربة لكبريات الأندية الأوربية التي تلعب دائما ادوارا متقدمة في المسابقات القارية، بالإضافة إلى خروج بعض الفلتات من المغرب نحو أوربا والتي اجتهدت لتصنع مسارا متميزا أهلها لتلتحق بأندية تفوز بالألقاب الأوربية وأقصد هنا حالتي ياسين بونو ويوسف النصيري مع إشبيلية، ونايف أكرد مع ويست هام.
حاليا وبعد أن وصلت الكؤوس الأوربية إلى مرحلة نصف النهاية، نجد إسم المغرب حاضرا في أغلب المباريات من خلال أبنائنا الذين يشكلون ركائز أساسية في أنديتهم، حيث يوجد في باييرن ميونيخ نصير مزراوي، وفي ريال مدريد إبراهيم دياز، وفي باري سان جيرمان، وفي مارسيليا هناك أمين حارث، وعز الدين أوناحي، وفي باييرن ليفركوزن هناك أمين عدلي.
وجود كل هؤلاء اللاعبين مع أندية عريقة في أدوار متقدمة من مسابقات أوربية يتابعها عشرات الملايين من جمهور كرة القدم عبر العالم، هو بغض النظر عن إفادتهم للفريق الوطني، وكونهم مبعث افتخار للمغاربة ورموزا تقتدي أجيال صغيرة من الأطفال والمراهقين ، فهو ترويج للمغرب عبر حضور إسمه في مباريات تتناقلها وسائل إعلام دولية عملاقة، ونوع من الدبلوماسية الموازية التي بمقدور الرياضة أن تصنع بها ما تعجز عنه الدبلوماسية الرسمية للدولة.